مدينة نوى في درعا.. معاناة وتهجير في كل الاتجاهات
كانت مدينة نوى التابعة لمحافظة درعا شبه آمنة وملجأً لأبناء القرى المتوترة المجاورة، ويقدر عدد سكانها ومن لجأ إليها بأكثر من مائة ألف مواطن.
في الأسبوع الماضي، وبين ليلةٍ وضحاها، تحولت نوى إلى مدينة منكوبة، حيث تسلل المسلحون إليها في قافلة على الرغم من أن هذه المدينة محاطة بالتلال التي تتمركز فيها قوات الجيش، وعلى الرغم أيضاً من أن تهديدات المسلحين سبقت اجتياحهم لها بخمسة أيام. ومع ذلك لم يتم اتخاذ أية إجراءات لحمايتها ومواجهة تلك القافلة التي كان من الممكن القضاء عليها بسهولة، الأمر الذي أثار استغراب وتساؤلات المواطنين.
هذا وقد قام المسلحون بمنع المواطنين الذين أرعبهم الاجتياح من التوجه إلى المناطق والقرى القريبة من مدينتهم والمحاذية للسويداء والجولان، مما اضطرهم للجوء إلى داعل والمناطق القريبة منها، ومنهم من غامر وعبر إلى إزرع رغم التوتر الذي تشهده بلدة الشيخ مسكين.
وقد استقبل أهالي إزرع هؤلاء النازحين وقدموا لهم كل ما يستطيعون. أما أهالي نوى وعند خروجهم منها، فقد خرجوا بملابسهم التي يرتدونها فقط، تاركين وراءهم حقولهم ومحاصيلهم من الخضراوات التي تمدّ محافظة درعا والتي تقدّر بحوالي 3000 طن من البطاطا، الأمر الذي لا يشكّل خسارة لهم فحسب، بل لمحافظة درعا والمحافظات المجاورة التي تستجر هذا الإنتاج.
وحسب ما ذكر أحد العاملين في الإغاثة، فقد استغرقهم الأمر أسبوعاً كاملاً لتوزيع مواد الإغاثة لسكان نوى ومن هُجِّر إليها، أما من تبقى من الأهالي الذين لم يستطيعوا المغادرة لضيق ذات اليد، فقد فضلوا الموت في ديرتهم على الموت في الشوارع والطرقات، حيث وصل طول قافلة المهجرين إلى حوالي 10 كلم، ولا تزال الاتصالات معهم مقطوعة ولا يعرف أقاربهم عنهم شيئاً. ومن الجدير بالذكر أن من بين المهجرين من تمكّن من الوصول إلى دمشق واضطر لاستئجار سكن بـ 50 ألف ليرة !!
إن ما تعرضت له مدينة نوى يشير إلى حجم المأساة والمعاناة، وإلى تجاهل تهديدات المسلحين الذي يعكس حجم الاختراق الواجب محاسبة المسؤولين عنه. ومن الجدير بالذكر أيضاً أن حواجز الجيش المتواجدة في نوى كانت تتعامل مع أهلها باحترام والعكس صحيح.
إن ما حصل يؤكد أن الحل الأمني والعسكري من جهة، والعنف وحمل السلاح من جهة ثانية لا يحلان الأزمة بل يفاقمانها، وبأنه لا بديل عن الحل السياسي والحوار لإنقاذ ما تبقى من مدن وبلدات، ولكي يعود المهجرون إلى بيوتهم.