فلاحو الرقة: أهكذا يعامل الوطنيون الشرفاء؟
إذا كان الفلاح بخير.. فالوطن بخير
مقولة انقلب عليها دعاتها منذ سنوات بالسياسات الليبرالية التي طبقت برفع أسعار المحروقات ومستلزمات الإنتاج الزراعي، بل وبتصفية مزارع الدولة التي كانت رابحة بكل المقاييس رغم الفساد، وكذلك بيع الاحتياطي من القمح بسعر بخس، وما طالها طال غالبية منشآت القطاع العام الصناعي والزراعي.
واليوم بعد كل المعاناة السابقة التي عاناها الفلاحون السوريون وبعد تضاعف هذه الأزمة بعد سنتين ونيف من الأزمة التي تعصف بالوطن، دخل الفلاحون ومنهم فلاحو الرقة دوامة جديدة من المعاناة رغم كل تضحياتهم وعرقهم من أجل لقمة الشعب وأمنه الغذائي.
فبعد هيمنة المسلحين على محافظة الرقة تقطعت بهم السبل وباتوا تحت رحمة القمع والعنف معاً إضافة إلى النهب والفساد السابق والمتراكم.
وقد تجلى ذلك مؤخراً باستغلالهم في حصاد قمحهم بمطالبة أصحاب الحصادات بنسبة 25% من محصولهم، وتأتي مأساة تسويقه لتزيد الطين بلة فقد رفضوا بيعه للتجار المرتبطين بالمسلحين بأسعار أقل من سعر الدولة، ولعدم وجود مراكز تسويق في المحافظة اضطروا إلى تسويقه إلى محافظة ديرالزور، وهذا يتطلب منهم الحصول على موافقة ما يسمى «الهيئة الشرعية» ودفع ما لا يقل عن عشرين ألفاً لموظفي الاستلام وتقييم العينات وعشرة آلاف للحمالة، والأنكى من ذلك أنه بعد ارتفاع أجور النقل إلى الضعف 45- 50 ألف للشاحنة إلى 100 مائة ألف ليرة سورية.
ورغم ذلك لا يجري صرفها لهم لعدم إحضارهم شهادة منشأ من الرقة علماً أنه لا توجد جهة مرجعية يمكن أن تمحن شهادة المنشأ، لا سلطات إدارية ولا جمعية فلاحية أو غيرها.
كما أن استلام قيمة القمح المسوق تتأخر ثلاثة أيام مما يحمل الفلاح أعباءً مادية كبيرة وأخطاراً أمنية عليهم وعلى الشاحنات وأصحابها، ورغم أن وزارة التجارة الداخلية قد وجّهت فرع ديرالزور للحبوب بتسهيل إجراءات الاستلام والتسليم إلا أن معاناة الفلاحين لم تتحسن، وورد إلى الجريدة وهي قيد الطبع أن الجماعات المسلحة منعت فلاحي الرقة من تسويق منتجاتهم إلى دير الزور، الأمر الذي أضاف معاناة جديدة.