خلاف دولي متفاقم حول دور الشركات الصينية العامة
تتعرض الشركات الصينية العامة إلى موجة انتقادات غربية قاسية، كان آخرها ما ورد في التقرير الصادر عن غرفة التجارة الأوروبية في بكين. إذ أشار التقرير إلى عدم جدية الإصلاحات الاقتصادية الصينية في الانفتاح على العالم. وورد فيه أنه «على الرغم من الإصلاحات الحالية منذ 40 عاماً، تبقى هناك نقاطُ ظلّ كثيرة لا يمكن تجاهل تأثيرها القوي على المنافسة العادلة، والعلاقات التجارية الصينية الدولية».
وأيد التقرير ضمنا الإجراءات الأميركية التي شرع باتخاذها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مشيرا إلى أنها «غير مرغوبة، لكنها وفي جانب منها تشكل الرد المناسب على الصينيين».
وسرد التقرير كيف أن مجتمع الأعمال الدولي يشكو بقوة، بدليل توجيه 1900 سؤال إلى الصينيين في منظمة التجارة العالمية حول قضايا رئيسية وثانوية تشكل هاجسا لكثير من الدول في تعاملاتها التجارية والاستثمارية مع بكين. ولا يفوت التقرير ذكر أن الانتقادات لا تأتي فقط من أوروبيين وأميركيين، بل من دول أخرى يسود اعتقاد في أنها حليفة الصين ولا تجد مشكلات في التعامل معها.
وكان اقتصاديون عولوا كثيرا على خطاب أطلقه الرئيس الصيني شي جينبينغ في منتدى دافوس في عام 2017، عندما تحدث مطولا عن الانفتاح، لكنهم الآن يشيرون بالبنان إلى «الفرق الشاسع بين الأقوال والأفعال»، كما يقول مصدر اقتصادي ألماني.
ويذكر أن هناك عدة قضايا تؤرق الغربيين؛ الأولى متعلقة بنقص قواعد المعاملة بالمثل على الصعيد الاستثماري، والقضية الثانية خاصة بخطة «صنع في الصين 2025» والمبادئ التي تقوم عليها لتتحول بلاد التنين وفقها إلى أول قوة صناعية عالمية، والقضية الثالثة هي استمرار بكين في وضع العوائق أمام شركات غربية راغبة بدخول السوق الصينية.
ولم يكتفِ التقرير بتشخيص واقع الحال، بل أورد 828 توصية وضعتها 30 فرقة عمل قطاعية متخصصة أو اقتصادية عامة. قطاعياً، أكد العاملون في قطاع التأمين على سبيل المثال لا الحصر، أن بكين لم تمنح إلا 13 رخصة لأجانب في هذا القطاع في عام 2017، مقابل نحو 100 رخصة للأجانب في عام 2016، أي بنسبة تراجع 83 في المائة، علماً بأن هذه السوق لم تفتح إلا في عام 2015. أما قطاع المقاولات والأشغال العامة فيشكو من شبه انغلاق تام. وتجمع المصادر الغربية المتابعة على أن معظم الانتقادات تكرر الحالات ذاتها: وطأة ثقيلة للبيروقراطية، وقوانين غير واضحة، وتمييز واضح في التعامل بحيث تتفوق الشركات الصينية على أي شركة أجنبية عاملة في الصين، وصعوبات جمة تعترض أعمال الشركات الصغيرة والمتوسطة. كما أن الانتقادات تشمل التعريف الغامض للاختراق السيبراني، وأن السوق الإلكترونية الصينية هي الأقل انفتاحاً في العالم.
على صعيد متصل، أكد تقرير صادر عن مركز دراسات استراتيجية ودولية أن 89 في المائة من المشاريع التي أطلقتها الصين في سياق إحياء طريق الحرير تعود إلى شركات صينية، وذلك في وقت أكدت فيه بكين أن ذلك المشروع المسمى «الحزام والطريق» يشمل نحو 100 بلد حول العالم. لذا تؤكد مصادر الشركات الغربية أن هناك تناقضاً بين ما تريده الصين من عولمة وما تمارسه من ترسيات عملاقة على شركاتها الوطنية دون غيرها.