«غوغل» تنوع أنشطتها لتضمن استمرار تفوقها
فصل بعد آخر، يتكرر نفس السيناريو عندما تعلن شركة «ألفابيت»، الشركة الأم لعملاق الإنترنت «غوغل»، عن نتائجها. أرقام النمو المذهلة تبهر المحللين، لكن الاستثمارات في قطاعات تبدو لهؤلاء المحللين «غير مجزية في المدى القريب» تضعهم في حيرة. وإعلان نتائج الفصل الأول لعام 2018 أتى في نفس هذا السياق مع 31 مليار دولار إيرادات، بنمو نسبته 26 في المائة على أساس سنوي. أما الجزء الأكبر من الأرباح (85 في المائة)، فيأتي من الإعلانات، لا سيما تلك التي تظهر في محرك البحث «غوغل»، و«يوتيوب» للبث الفيديوي، و«جي ميل» للبريد الإلكتروني.
هذا النمو الهائل يعزز هيمنة «غوغل» على قطاع الإعلان عالمياً. فخلال سنة يصل إجمالي الإيراد الإعلاني إلى نحو 100 مليار دولار، أي أعلى من إيرادات الإعلانات غير الرقمية في التلفزيون والراديو والصحف المطبوعة في الولايات المتحدة الأميركية.
لكن وراء ذلك كلفة ترتفع أيضاً في موازاة صعود الهاتف النقال كأول وسيلة لولوج الإنترنت. بكلمات أخرى، تضطر «غوغل» لدفع مبالغ إضافية لمصنعي أجهزة الهواتف الذكية ليجعلوا غوغل المنفذ الأول للمستخدمين إلى شبكة الإنترنت. وهذه الكلفة ارتفعت بنسبة 36 في المائة على أساس سنوي، وحظيت شركة «آبل» بجزء أساسي منها لتكون أجهزة «آيفون» الجديدة مبرمجة على تقديم «غوغل» المدخل الأول إلى الشبكة العنكبوتية.
لكن الشركة تؤكد أن هذه الكلفة ستتراجع في الفصل الثاني من العام الجاري، كما تشير إلى أن استثماراتها باتت أكثر تنويعاً وستجني ثماراً إضافية في المديين المتوسط والطويل.
فخلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، جنت الشركة 4.4 مليار دولار من أنشطة أخرى غير الإعلانات، وبنسبة نمو بلغت 36 في المائة. وهذه الأنشطة تشمل الحوسبة السحابية وخدمات التطبيقات والبث الموسيقي ومبيعات الأجهزة الذكية.
ولمضاعفة الإيرادات من تلك الأنشطة والقطاعات، تضاعف «غوغل» استثماراتها ذات الصلة لتبلغ 7.3 مليار دولار في 3 أشهر، أي أنها زادت بنسبة 100 في المائة على أساس سنوي.
لكن اللافت أن تلك الاستثمارات شملت أيضاً استحواذات عقارية وتمديد كابلات بحرية، بالإضافة إلى مراكز «داتا» معلومات. ويرى محللون في ذلك تنويعاً استثمارياً يخرج الشركة مستقبلاً من تحت رحمة التنافس الشرس في قطاع الإعلان الرقمي، كما يضعها في مأمن نسبي من نتائج أعمال المنظمين والمشرعين الذين شرعوا في درس زيادة التضييق على شركات الإنترنت بقوانين وإجراءات مانعة للاحتكارات وحامية للخصوصيات.
ويضيف محللون: «تعتمد الشركة - حتى الآن - على تفوقها المذهل في عالم الإعلانات الرقمية الذي يدر المليارات بسهولة، لتستثمر في قطاعات أخرى تنافس فيها شركات عملاقة أخرى، مثل (آبل) و(أمازون) خصوصاً في تصنيع تجهيزات مزودة بالذكاء الصناعي وإنتاج المحتوى الخاص لمنصة (يوتيوب) التابعة، بالإضافة إلى خدمات حوسبة أخرى».
ففي هذا الإطار يتعين إدراج قفزة الأرباح التي تحققت في الربع الأول من العام وبنسبة نمو 73 في المائة، لتبلغ 9.4 مليار دولار، علماً بأن نمو إيرادات الإعلانات كان بنسبة 24 في المائة.
ويذكر أيضا أن إيرادات بواقع 2.4 مليار دولار أتت من مساهمة «غوغل» في شركة «أوبر» لسيارات الأجرة ونقل الركاب، وشركة «إير بي آند بي» لتأجير الشقق والغرف الفندقية. على صعيد متصل، يشير المحللون إلى أن الشركة قلصت عمدا هامش أرباحها التشغيلية من 27 إلى 22 في المائة لتستثمر في قطاعات غير مجزية في المدى القريب؛ بل هي من الرهانات على المستقبل.
في المقابل، تتعين الإشارة إلى أن شركة «غوغل» متخلفة عن «آبل» في مبيعات أجهزة الهاتف. إذ لم تبع إلا مليوني هاتف «بكسل» في 3 أشهر خلال الفصل الأخير من عام 2017، مقابل 77 مليون هاتف «آيفون». كما أنها لم تحصل إلا على 2.5 مليار دولار من الحوسبة السحابية في الربع الأول من 2018، وهذا الرقم أقل مرتين مما حققته شركة «أمازون» من هذا القطاع في نفس الفترة.
على صعيد آخر، تؤكد الشركة أنها اتخذت كل الإجراءات اللازمة للتوافق مع التنظيم الجديد الذي فرضه الاتحاد الأوروبي بشأن حماية خصوصية المستخدمين، والذي سيبدأ تطبيقه في 25 مايو (أيار) المقبل، مشيرة إلى أنها برمجت كل ما يلزم ليستطيع المستخدم حماية بياناته على الشبكة. وعلى صعيد مواز أيضا، تحرص الشركة على تمييز نفسها عن شركة «فيسبوك»، منافستها الأولى في قطاع الإعلان، وتقول إن مهنتها الأساسية هي محرك البحث.. لكن التنافس بين الشركتين على أشده، لا سيما أن «فيسبوك» تتقدم سريعاً في تحليل بيانات المستخدمين لتوجه إليهم إعلانات تناسب هويتهم واهتماماتهم. أما محرك البحث «غوغل» فيقدم إعلانات بناء على كلمات مفتاحية قد لا تعبر عن حقيقة هوية المستخدمين كما هو الحال في منصة «فيسبوك» التي تحوي أكبر قدر ممكن من المعلومات عن المستخدمين.