سماسرة الزيتون يستغلون الفلاحين المتفرقين
في عام 2012، جرى الحديث رسمياً عن مساعي لإطلاق اتحاد منتجي ومصنعي ومسوقي زيت الزيتون، ثم ما لبث أن تراجع وطوي الحديث عنه لأسباب مجهولة.
وحسب المسودة المعدة عن المشروع في حينه، فإن هذا الاتحاد سيتكون من المزارعين المنتجين ومصنعي الزيتون وزيت الزيتون ومسوقي زيت الزيتون ومشتقاتها.
أما أهداف ومهام الاتحاد، فتشمل تنظيم مهنة إنتاج وتسويق وتصنيع الزيتون وزيت الزيتون، والتنسيق بين مختلف الجهات التي تعمل في إنتاج الزيتون وتسويقه وتصنيعه وتسويق منتجاته (زيتون مائدة- زيت زيتون- مشتقات ونواتج التصنيع) بهدف تطوير هذه المهنة، ووضع خطة عمل تضمن الحصول على منتج ذو مواصفات عالية الجودة، من خلال الإشراف والمتابعة على عمليات الزراعة والقطاف والتدريج والعصر والحفظ والتعبئة والتسويق، ودراسة متطلبات الأسواق الداخلية والخارجية بغرض تحقيق التوازن بين الجودة والسعر.
سبق ذلك، وفي عام 2010، تشكيل مجلس سوري للزيتون وزيت الزيتون، ومن مهامه إعداد سجل يدون فيه أسماء الشركات العاملة في قطاع زراعة الزيتون وتصنيع وتسويق الزيتون وزيت الزيتون، بالتعاون مع اتحاد المصدرين السوري، والتنسيق مع مكتب الزيتون ومديرية أبحاث الزيتون والمجلس العالمي لزيت الزيتون والجهات العامة والخاصة المعنية لتنمية وتطوير وتنظيم مهنة إنتاج وتسويق وتصدير الزيتون وزيت الزيتون السوري، وما زالت بعض هذه المهام قائمة عملياً.
أهمية المشروع أعلاه (اتحاد منتجي الزيتون)، في حال قيد له الإطلاق والنجاح، أنه ربما سيكون بوابة لتعميمه على مستوى بقية المنتجات الزراعية، وخاصة الحمضيات والتفاح، وغيرها من المنتجات الزراعية الأخرى، التي لطالما عانى منتجوها من مغبة التحكم بهم وبمنتجاتهم من قبل التجار والسماسرة، ما أدى ويؤدي إلى تكبدهم الخسائر المتتالية، وصولاً لتخلي بعضهم عن الانتاج، وهجرة الزراعة والأرض، أو استبدالها بزراعات أخرى.
أما عن عدم نجاح المشروع، وعدم إطلاقه حتى الآن، فلربما كان أحد أسبابه الرئيسية هو استمرار استغلال المنتجين «المتفرقين»، من قبل السماسرة والتجار والمصدرين وغيرهم، باعتبارهم مستفيدين من فرقة المنتجين، ومن غياب جهة مخولة لتدافع عن مصالحهم مكونة ومشكلة منهم بالدرجة الأولى، بالإضافة لبعض الأسباب ذات الطابع الإداري الحكومي، وخاصة بالنسبة للتبعية، بين الزراعة أو الاقتصاد، وغيرها من المبررات والمسوغات الأخرى، والمعطلة بالنتيجة لإحداث مثل هذه الاتحادات النوعية التي تحمي الإنتاج الزراعي وتطوره، وتؤمن حقوق ومصالح المنتجين (فلاحين ومزارعين).
وأمام واقع الانتاج الزراعي، وخاصة على مستوى مواسم الزيتون والتفاح والحمضيات وغيرها، وبظل استمرار تراجع مصالح الفلاحين والمنتجين الزراعيين، وتكبدهم الخسائر تباعاً، وبظل خروج بعض الأراضي الزراعية من الخدمة، لعله بات من الضروري إحياء وإنعاش مشاريع إحداث اتحادات نوعية لهؤلاء المنتجين، بالتنسيق والتعاون مع وزارة الزراعة والاصلاح الزراعي والاتحاد العام للفلاحين، حفاظاً على مصالحهم المستغلة أولاً، وحفاظاً على إنتاجنا الزراعي ثانياً، وحفاظاً على اقتصادنا الوطني ثالثاً وأهماً.