مفتشو العمل
نص قانون العمل رقم 17 على نظام تفتيش العمل والمهام الموكلة إلى المفتشين ,وألقى المشرع على عاتقهم مهمة مراقبة تنفيذ أحكام قانون العمل وقراراته التنفيذية وإعطائهم صفة الضابطة العدلية، حيث لهم حق الدخول بحرية إلى أماكن العمل جميعها وتفتيشها من دون سابق إخطار ولهم عند اللزوم الاستعانة بقوى الأمن الداخلي ,كما وفّر المشرع لهم الحماية القضائية من حيث حقوقهم في رفع الدعوى الجزائية عند تعرضهم لاعتداء جسدي ومعنوي ناجم عن ممارستهم لمهامهم الوظيفية كما حمّل الوزارة نفقة المصاريف المترتبة على رفع هذه الدعوى
هذه الصلاحيات والحماية كلها الممنوحة لمفتشي العمل إلّا أن عمل هؤلاء لم يحقق الغاية المرجوة منه في مراقبة تنفيذ أحكام القانون والتطبيق العملي لنظام تفتيش العمل أثبت عدم جدواه في وقف تجاوزات أصحاب العمل على العمال ومصالحهم وذلك لعدة أسباب أهمها هي: أحكام قانون نفسه: حيث أن قانون العمل رغم نصه على صلاحيات واسعة لمفتشي العمل وحمايتهم إلّا أنه بمجمل مواده جاء أساساً لمصلحة أرباب العمل وبات المفتشون تبعاً لذلك مفتشين على العمال وليس على أرباب العمل أو منشآتهم ....فمثلاً: لا يستطيع العامل رفع شكاوى إليهم أو قول الحقيقة أمامهم بسبب خوفه من التسريح التعسفي الذي أقره قانون العمل .
هناك أسباب تتعلق بالمفتشين أنفسهم ووزارة العمل، فتشتكي الأخيرة من قلة عدد المفتشين بالنسبة للمنشآت القائمة (حيث غالبية المنشآت الصناعية لم يزرها مفتش عمل منذ تأسيسها ) ومع هذا لم تتقدم وزارة العمل بطلب زيادة عدد هؤلاء لرفد كادرها بكوادر جديد ة مؤهلة رغم مستوى البطالة المرتفع ومن حملة الشهادات ..الأمر القانوني المعرقل لعمل هؤلاء هو تفشي ظاهرة الفساد والرشاوى بينهم التي يتلقاها البعض من قبل أرباب العمل وهكذا بات يحتاج كل مفتش إلى عدة مفتشين يراقبون عمله (كما يحصل مع مراقبي حماية المستهلك ).
هذا عدا أن أغلب المناطق الصناعية تقع في مناطق بعيدة عن مركز المدن لا يستطيع مفتشو العمل الوصول إليها بسبب خطورة الوضع الأمني على الطرقات وهذا ما يجعل مفتش العمل يتلكأ في زيارتها .
مراقبة وتفتيش المنشآت ليس حلاً لإعطاء العمال حقوقهم بل الحل الجذري والأمثل هو تمكين أصحاب العلاقة ( العمال ) من الدفاع عن مصالحهم خصوصاً مع تراجع دور الدولة بسبب الأزمة، ومن حيث هم وحدهم يعرفون مشاكلهم ويستطيعون الوقوف في وجه أرباب العمل ومن حيث لن يستطيع رب العمل رشوتهم، وموجودين في أماكن العمل والمنشآت كلها وهذا يوفر على وزارة العمل مصاريف المفتشين أساساً ولا يتطلب سوى تطبيق الدستور الجديد وخاصة المادة 40 منه التي أعطت العمال سلاحهم الوحيد (حق الإضراب ) الذي سلبته منهم وزارة العمل تحت حجج واهية .