الدعم يزداد.. ونحن (أكّالون نكّارون)!

الدعم يزداد.. ونحن (أكّالون نكّارون)!

شاركت الحكومة في اجتماع الاتحاد العام لنقابات العمال بتاريخ 3-4-2016، وفي ردها على مداخلات العمال وأسئلتهم أتت الأقوال معبرة عن الأفعال الحكومية حيث الإصرار على صوابية السياسات واستمراريتها وعدم ارتباطها بالنتائج المتدهورة للوضع الاقتصادي للسوريين..

الدعم الحكومي يزداد، والليرة تتدهور قيمتها بسبب المضاربين، والوضع تحت السيطرة أما الوضع المعاشي فعليه أن ينتظر إعادة الإعمار.

حول الأجور والتشاركية، وجملة من قضايا أخرى طرحها العمال بوضوح، دارت مداخلات الحضور بأصوات متباينة الارتفاع والتعبير عن حقيقة الوضع الاقتصادي المعاشي لعمال سورية، إلا أنه مهما تباينت طبيعة الأسئلة، فإن الختام كان كما في اجتماعات سابقة لرئيس مجلس الوزراء، الذي (أدلى بدلوه) المعتاد..

الليرة بمأمن.. (فا إجراءات مستمرة)

سُئل رئيس الحكومة عن ارتفاع سعر الصرف ووصوله لمستويات قياسية 537 ليرة مقابل الدولار، ووقع التبرير في هذه المرة على (النقمة) على انتصارات الجيش في تدمر والقريتين، ليستغل المضاربون والقوى الخارجية هذا الأمر!.

أما مناقضة هذه الرؤية للذرائع السابقة لارتفاع سعر الصرف، المرتبطة بتوسع الفوضى، والخسائر العسكرية، واستغلال قوى المضاربة للظروف السياسية السيئة، فلم يجد تفسيراً من الحكومة.. التي طمأنت العمال قائلة بأن (سياسات حماية الليرة السابقة ستستمر)، حيث أكد رئيس الوزراء بأن الحكومة: (تتخذ الإجراءات اللازمة والمناسبة بشكل دائم للمحافظة على استقرار سعر صرف الليرة السورية)، مضيفاً بأن ) الدولة ما زالت تملك من القطع الأجنبي ما يعزز صمودها ومقاومتها).

إذاً ما من تعديل على سياسة إدارة احتياطي القطع الأجنبي، وسياسة (حماية الليرة)، سواء تعدد أسعار الصرف، أو استمرار سياسة ضخ القطع الأجنبي، أو اعتماد شركات الصرافة  وتجاهل احتمال الاعتماد على المصارف العامة، فهذه السياسات جميعها(لا غبار عليها)، حيث الحكومة تعتبر أنها كانت دائماً تتخذ الإجراءات المناسبة، وستستمر. أما نتائج السياسات المرتبطة بتراجع قيمة الليرة بمقدار 95%  خارج التقييم، والحكومة راضية عن عملها.. 

(جعبة الأرقام) جاهزة وأهمها كتلة الأجور!

سئل رئيس الحكومة عن تكاليف المعيشة المرتفعة مع كل تراجع في الدعم، ومقارنتها مع الأجور..

وردت الحكومة بسلاح (جعبة الأرقام) التي تلقى في كل مناسبة من هذا النوع، حيث ذكر الحلقي العمال بأن الحكومة: (رغم الحرب الدائرة منذ خمس سنوات مستمرة بدفع الرواتب والأجور)!. وذكرهم أيضاً أن (كتلة الرواتب هي 43% من الموازنة وتكلف الحكومة 70مليار ل.س شهرياً).

أما حول الدعم فقد أعاد التأكيد المستنكر لمقولة تراجع الدعم، حيث شدد على أن (الدعم الحكومي مستمر بل ويزداد يومياً).

حيث تعدل الحكومة كتلة الدعم مع كل تغير في سعر الصرف، لتقول بأن: (كتلة الدعم الاجتماعي في الموازنة 973 مليار ل.س على أساس سعر الصرف 250، وهذه التكلفة تتضاعف وفق سعر صرف 500 ليرة مقابل الدولار).

ليعدد تكلفة إنتاج كيلو واط الكهرباء، والخميرة، والطحين، وربطة الخبز، والمازوت، والبنزين، والغاز، وجميعها تكاليفها وفق الحكومة هي أعلى من أسعار بيعها، أي مدعومة عملياً، وتستوجب الاستمرار بسياسة (تصحيح الأسعار) كما تسمي الحكومة عمليات رفع الأسعار.

الحكومة معنية بإعلان أرقام تكاليفها، متجاهلة التساؤلات المطروحة جميعها حول مضامين هذه التكاليف، وطرق حسابها، وأسعار مستورداتها المتضخمة، وتناقضها مع انخفاض الأسعار العالمية للنفط، والمواد الغذائية، وتناقضها مع تصريحات شركة محروقات بأنها حققت أرباحاً في نهاية العام الماضي، وتناقضها مع حسابات التكلفة كافة التي تشير في أفضل الأحوال إلى أن كتلة الدعم أقل مما يعلن بكثير..

أما بالنسبة للأجور، فالحكومة تتناسى أمام العمال، أن هذه الأجور ليست مِنّة من الحكومة على أحد!. وتتجاهل مفارقة الجوع القائمة بين وصول تكاليف معيشة أسرة من خمس أشخاص إلى 220 ألف ليرة شهرياً، وبين وسطي الأجور الحكومية مقابل 26500 ليرة، الفارق بين الرقمين والبالغ 193 ألف ليرة، لن تدفعه الحكومة، فهي تدفع 70 مليار ليرة شهرياً!، ولديها مشروع وبشعار جديد سيحمل الحل للسوريين!

(ترميم المؤشرات).. آخر صيحات الشعارات

الحكومة أكدت بأنها تعلم آلام ومعاناة الشعب السوري، فرئيس الحكومة قال للعمال: (نعلم أن الفقر يزداد، والبطالة تزداد..) إلا أنه أراد أن يذكر العمال بظروف البلاد الصعبة، وضرورة التقشف في المال العام، مستكملاً: (لكن هذه الإمكانيات المتاحة..)، لكنه أعاد طمأنة أصحاب الأجور، عندما أعلن أن الحكومة تخبئ لهم شعاراً جديداً لعام 2016، أُعلن في الاجتماع مع العمال، حيث أكد الحلقي بأن: (ترميم المؤشرات الخدمية والاجتماعية والاقتصادية)، هو شعار 2016..

أما آليات عمل جديدة مرتبطة بهذا الشعار، لم تتوضح في تصريحات الحكومة، التي يبدو أنها تخطط للبعيد، حيث يبدو أنه على السوريين أن ينتظروا مرحلة إعادة الإعمار، فرئيس الحكومة قد اكد للمجتمعين بأن: (مشاريع إعادة الإعمار التي تدرسها الحكومة الآن بتمويل  وطني عام أو خاص أو من دول صديقة ستستوعب العاطلين عن العمل كلهم)..

(أسعار مدروسة).. لسياسات مدروسة!

تحدث العمال حول أسعار الغذاء التي تدفعها الحكومة، لجهتين، الأولى هي أسعار المحاصيل الاستراتيجية القمح والقطن، المدفوعة من الحكومة للفلاحين، والتي تقارب التكلفة ولا تتناسب مع زيادة أسعار مستلزمات الإنتاج عاماً بعد عام، والتي أدت إلى تراجع إنتاج القمح والقطن، وتوقف الشوندر السكري تقريباً.

وبالمقابل تساءلوا عن أسعار الحكومة المدفوعة للتجار مقابل المستوردات، معتبرين أنها أسعار عالية نتيجة احتكار الاستيراد.

وكان رد الحكومة بأن (الأسعار مدروسة)، والفلاحون يأخذون السعر المناسب لهم، أما التجار فيتنافسون في المناقصات، (ما يسمح بالوصول إلى مستويات متدنية من الأسعار للاستيراد)، مستشهداً باستيراد القمح، حيث أن (17 شركة تقدمت للحصول على مناقصة القمح).

ولم يتطرق رئيس الحكومة إلى أسعار القمح المستورد حكومياً، التي تفوق الأسعار العالمية بـ 60 يورو للطن بالحد الأدنى وتصل إلى 129 يورو زيادة في سعر الطن، و(الأسباب التنافسية) التي تؤدي إلى هذه الأسعار!.

 

التشاركية.. ردود (تثلج القلوب)

 

وحديث الحكومة عن إعادة الإعمار والتمويل، وضعها أمام التساؤل المستنكر المتكرر في اجتماعات العمال معها حول التشاركية، إلا أن رئيس الحكومة أعاد تكرار المقولة التي لا تقال غالباً في اجتماعات الحكومة مع المستثمرين، فالحكومة تؤكد بأن الشركات الرابحة ليست مطروحة للتشاركية، بل دعوات المال الخاص للتشاركية فقط  (في المشاريع الخاسرة والمتوقفة)!. 

ويبدو أن هذه المقولة لا تقنع العمال، الذين تساءلوا عن طرح معامل ومنشآت مثل معمل سكر سلحب، ومبقرة زاهد في طرطوس، وشركة كابلات دمشق للتشاركية!

أما رئيس الحكومة فقد وجد الجواب لكل حالة بحالتها، فبعد أن أنكر عرض شركة كابلات دمشق للتشاركية على اعتبارها ( رابحة وحققت 1,7 مليار ليرة ربح في عام 2015)، أشار إلى وضع المنشأتين المتبقيتين: (معمل سلحب للسكر يعمل 37 يوماً في السنة لعدم توفر المواد الأولية)، أما مبقرة زاهد فهي (خاسرة وبذلنا جهوداً لجعلها رابحة لكنها لم تنجح)، ولذلك فإن هذه المنشآت معروضة للتشاركية! وبهكذا إجابة يعتبر رئيس الحكومة أنه برر سبب عدم توفر المواد الأولية لمعمل سكر سلحب، ولعدم تطوير مبقرة زاهد في طرطوس المهملة منذ فترة طويلة.. وتبقى هكذا ردود أفضل من تجاهل الرد على تساؤلات العمال حول قانون التشاركية ومستوى ضمانه لحقوق العاملين، واستمرارهم بالعمل وبشأن خضوعهم للقانون الأساسي للعاملين في الدولة..