فساد «اسمنت طرطوس» خارج دائرة الاهتمام تنفيذياً ورقابياً!!

فساد «اسمنت طرطوس» خارج دائرة الاهتمام تنفيذياً ورقابياً!!

لم تجد ملفات الفساد داخل شركة اسمنت طرطوس، والتي تصدت جريدة قاسيون لها وفضحها في كل من العدد 600 و602، أذان صاغية من قبل وزارة الصناعة والجهات الرقابية حتى هذه اللحظة، .

على الرغم من كونها ملفات موثقة ومدعومة بالأدلة التي تثبت تورط الادارات المتعاقبة في نهب الاموال العامة في هذا المرفق الهام، فبعد محاولة مدير عام الشركة نقل القضية إلى سجال إعلامي، لإفقادها زخمها وأهميتها، وإبعادها عن مسارها الصحيح على طاولة التشريح لدى المؤسسات الرقابية، ها هي الجهات التنفيذية والرقابية تكمل المسار ذاته عن عمد أو دون قصد، من خلال تريثها بفتح تحقيق جدي بتلك الملفات، متجاهلة ان طرح مثل تلك الملفات في الصحافة ووسائل الاعلام، يعد بمثابة إبلاغ للجهات القضائية والتنفيذية والرقابية، والتي يتوجب عليها التحقيق بها، والوصول بها إلى خواتمها عوضاً عن تجاهلها كما يجري حالياً، ولهذا نسألهم: ماذا تنتظرون؟! وهل «وراء الاكمة ما وراءها»؟!

عودة على بدء
في الملف الاول، وبالعدد 600 من جريدة قاسيون، تطرقنا إلى فضيحة تنفيذ عقد تطوير معمل اسمنت طرطوس الموقّع مع شركة فرعون، والذي كلّف الخزينة العامة مئات الملايين من الليرات المهدورة، وعامان ونيف من الهدر في حسابات الزمن دون أن يُحقَقَ الحد الأدنى من شروط العقد، فلا شركة فرعون التزمت بالبرنامج الزمني المحدد لتنفيذ ساحة التجانس ومجموعة الفلاتر، ولم تدخل الساحة حيز العمل، ولم يرتقِ الانتاج تدريجياً كما نص العقد، كما أن مدير عام الشركة اسمنت طرطوس لم ؟؟؟؟ يطالب «فرعون» بالمستحقات المالية المترتبة عليه، والمقدرة بأكثر من 500 مليون ليرة، باستثناء مطالبات خجولة بعد فوات الاوان، هادفة من وراء هذه الحركة إلى إخلاء مسؤوليته الشكلية ليس أكثر..
الاسوأ من كل ذلك، أن مدير عام شركة اسمنت طرطوس لم يتابع موضوع التنفيذ في عام 2010، مع ان العقد واضح، ويفترض ارسال مذكرة لشركة فرعون إذا اخلت بالشروط، متجاهلاً عن عمد أن عدم التزام شركة فرعون بالبرنامج الزمني لتجهيز وتطوير ساحة التجانس ومجموعة الفلاتر، وما يرتبط بهما من تحسن الانتاج، الامر الذي أدى إلى فوات منفعة كبيرة على معمل الاسمنت من جهة، وعلى الدولة من جهة أخرى..
وفي الملف الثاني، تطرقت قاسيون إلى عقدي البوزلان، والذين شكلا حلقة فساد اضافية إلى سجل مدير عام شركة اسمنت طرطوس، بكل ما احتواه هذا الملف من تجاوزات للقوانين والأنظمة، ومن استغلال للعلاقات الشخصية، عبر التعديل المشبوه لعقد استجرار كميات من مادة البوزلان، ورفع سعر نقل الطن لعدم وجود العارضين، بمسرحية هزلية نشتم منها رائحة تورط من جانبه ..
 
خارج السياق
لم ترتقِ ردود مدير عام شركة اسمنت طرطوس إلى مستوى الملفات المطروحة من جانب جريدة قاسيون، كما تجاهلت الردود بمعظم نقاطها محتوى المقالات المدعومة بالأدلة وبالوثائق، وفي ردها على الملف الاول، لم توضح شركة اسمنت طرطوس أسباب عدم متابعة تنفيذ ساحة التجانس أو الفلاتر القماشية من جانب الإدارة آنذاك, ولم توضح اسباب تعديل وتأجيل مدة تنفيذ البرنامج الزمني لعدة مرات من قبل مجموعة فرعون دون مبرر واضح، كما لم تتم الإشارة إلى ضياع ملايين الليرات على خزينة الدولة كرسم إنفاق استهلاكي /1400/ ل.س، كما لم يجري توضيح اسباب عدم استكمال المطالبات بإجراءات قانونية للحصول على مستحقات معمل اسمنت طرطوس!!!..
ولم يتضمن الرد على الملف الثاني أي توضيح عن السلف المالية الممنوحة للمدعو مصطفى حسين السالم، ولم يتطرق الرد عن استبدال الوثيقة التي التزم بها العارض للعقد 3/2013 بتخفيض أجرة نقل الطن الواحد من البوزلان إذا ما أمنت الشركة / 650 / ليتر من مادة المازوت له يوميا وبالسعر الرسمي..
 
«ضربني وبكى سبقني واشتكى»
على مبدأ «ضربني وبكى سبقني واشتكى»، ترددت بعض المعلومات عن سعي مدير عام شركة اسمنت طرطوس إلى رفع دعوى فضائية على الجريدة، وجريمتها أنها كشفت المستور من قصص الفساد داخل معمل اسمنت طرطوس، والهدف من وراء هذه الدعوى، ليس الوصول إلى الحقيقة كما نريد ونتمنى، لأن الجريدة تمتلك الوثائق الدامغة والكافية التي تثبت ما كتبه من حلقات فسادِ متنوعة داخل المعمل، وإنما الغاية التي تبتغيها الادارة هو التسويف والتشويش على القضية الجوهرية، وعلى الفساد الحاصل، عبر ابعادها -بهذا الاجراء- الجهات المعنية عن اتخاذ الإجراءات القانونية واللازمة في مثل هذه الحالات، والتي لا تحتاج لأكثر من لجنة تحقيق شريفة محايدة من جانب وزارة الصناعة..
 
«ما خفي كان أعظم»
عبر جريدتنا، طرحت ملفات سابقة مغمسة بالفساد داخل معمل اسمنت طرطوس، إلا أنها في حقيقة الامر لا تعبر سوى عن جزء يسير من النهب الممنحج، والإهمال المدروس الذي تفوح منه رائحة المنفعة الشخصية، «وما خفي كان أعظم»، فالعمال لم يجرِ التطرق لأوضاعهم، على الرغم من أنهم أكثر من يعانون من إهمال الادارة، فالوضع المالي لهؤلاء سيئ للغاية، لانه وبكل بساطة، لم تصرف أية من  حوافزهم الانتاجية بسبب قلة الانتاج، وهذا ما انعكس على الوضع النفسي لهؤلاء العمال، وهذا أمر طبيعي، كما أن المعطيات تشير إلى سوء الوضع الفني والإنتاجي الحالي للشركة، وإلى الأداء المتدني خلال النصف الأول من هذا العام..؟؟؟
وفي قصة إهمال جديدة، استفاق العاملون في معمل اسمنت طرطوس في صباح يوم الاثنين 1/7/2013، على جريمة تسرب كمية من الفيول تقدر بنحو /1000/ طن من خزانات الشركة، والتي وصلت إلى البحر، الامر الذي أدى الى خسائر مادية وبيئية كبيرة، وهذا خير دليل على الاهمال وعدم المتابعة الجدية من ادارة الشركة لسير العمل فيها..
 
محاربة الفساد قضية وطنية بامتياز
إن جريدة قاسيون لا تنطلق من اعتبارات شخصية في طرح ما بين يديها من ملفات فساد داخل معمل اسمنت طرطوس، على الرغم من سعي ادارة المعمل للتلميح إلى مثل تلك الاهداف، متناسين أن ما يجري الحديث عنه هو جملة من ملفات الفساد داخل مرفق عام، والذي يعني جميع السوريين، متناسين أن محاربة الفساد قضية وطنية بامتياز، مطمئنين إدارة المعمل إلى أننا سنستمر في نشر كل ملفات الفساد التي تقع بين أيدينا الآن ولاحقا، علنا ننجح في تحريك الجهات المعنية لمعالجة الخلل الحاصل في هذا المرفق العام، والذي يشكل الجزء اليسير من  ملفات الفساد التي تنخر جسم مؤسسات وشركات القطاع العام.