حوض الغاب إدارة المياه ـ الخطة المركزية.. ومشاكل القطاع الزراعي
بدعوة من لجنة محافظة حماه لحزب الإرادة الشعبية أقيمت في مكتب الحزب في السقيلبية ندوة زراعية بتاريخ 10/3/2015، ضمت مجموعة من مزارعي المنطقة، والمختصين الزراعيين حيث استعرضت الندوة أهم محددات الزراعة في سهل الغاب والظروف المتغيرة للتربة والمحاصيل والمياه مع الظروف الاقتصادية-الاجتماعية للمزارعين وأثرها على القطاع الزراعي.
قاسيون تستعرض مداخلات الندوة وأهم ما جاء فيها.
سهل الغاب امتداده وميزاته
يقصد بحوض الغاب الزراعي الرقعة المستثمرة زراعياً والممتدة من مناطق شيزر والشير شرقاً حتى سفوح الجبال الغربية غرباً، ومن الزيارة والقرقور شمالأ الى المحروسة جنوبأ.
هذه المساحة الجغرافية ينطبق عليها بالمعنى العلمي تسمية حوض انطلاقاً من كونها منطقة منخفضة والانصباب المائي فيها يتجه نحو المركز من الهضاب والجبال المحيطة وخاصة الصخرية منها (جبل الزاوية- الشيخ غضبان – جبال مصياف)
التكثيف الزراعي والتأثير على التربة
على الرغم من خصوبة تربة الغاب إلا أن الندوة أشارت أيضاً إلى العامل الرئيسي المؤثر سلباً على الترب في المنطقة، والمتمثل بالتكثيف الزراعي للمحاصيل ذاتها وتأثير انحسار التنوع على خصوبة التربة، بالإضافة إلى تأثير الأسمدة الكيماوية، وكثافة المبيدات وغياب الرقابة على أنواعها.
وحول هذا قُدمت مداخلة مهمة لفت فيها باحث زراعي الانتباه إلى أن الزراعات المتكررة للمحصول نفسه تؤدي إلى تغير المخزون الغذائي في التربة وهو ما يحصل منذ سنوات، وبناء عليه دعا المختص إلى إعادة تصنيف الترب في منطقة الغاب وزيادة التنوع والوقوف على المخزون الغذائي.
المياه 750 مليون متر مكعب سنوي
يعتبر حوض الغاب من أغنى الأحواض السورية بالمياه من حيث تنوع موارده المائية والتي يمكن إجمالها كما يلي :
• الأمطار حيث تبلغ معدلات الهطولات المطرية بين 350 الى 1200 مم.
• الينابيع: لازالت ينابيع منطقة الغاب تعطي 100 مليون متر مكعب من المياه.
• السدود أقيمت ضمن المنطقة مجموعة من السدود سعتها التخزينية الافتراضية 225 مليون متر مكعب ولكن بسبب سوء الإدارة فإن التخزين الفعلي لا يتجاوز 54 مليون متر مكعب فقط، وهذا بعد انهيار سد زيزون البالغة سعته 70 مليون متر مكعب.
• الآبار مصدر ومورد هام للمياه حيث كانت تؤمن الاحتياج المائي لـ 25000 هكتار في منطقة طار العلا، كما كانت الآبار تقدم وسطياً40 مليون متر مكعب مياه للاستخدام في مزارع الأسماك. في الوقت الحالي معظم هذه الآبار خرج من عملية الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار المحروقات وعدم توفر الكهرباء، ليتراجع الإنتاج بشكل كبير في المناطق المروية بمياهها.
إن المعدل السنوي لهذه المصادر المائية هو 750 مليون متر مكعب وهو المقدار للاستثمار.
استثمار المياه بنسبة 35% فقط!
أشار المداخلون إلى سوء إدارة الموارد المائية المتوفرة، حيث أن حجم الاستثمار الفعلي للموارد المائية قبل الأزمة كان 65 مليون متر مكعب فقط، وهذا الرقم يشكل 35% من حجم الموارد المائية المتاحة، حيث يتوجب الوصول إلى مستوى استثمار الموارد المائية بنسبة 85% .
السياسات والمشاريع الدولية
ركز المداخلون من مزارعين ومختصين على آثار ونواقص السياسات الزراعية، انطلاقاً من غياب سياسات التسويق الزراعي، وتراجع الدعم، وصولاً إلى مناقشة آلية وضع الخطط الزراعية، التي ما زالت تخضع للقرار الشمولي المركزي دون النظر إلى الواقع الزراعي واحتياجاته وبالتالي إمكانيات التنفيذ، وأهم معيقاتها تفتت الحيازات وعدم طرح حلول عملية لهذه الظاهرة.
لم يناقش القائمون على السياسات الزراعية هيكلية الخطط في منطقة الغاب، إلا عندما اقترحت الأمم المتحدة ومنظمة الفاو ما سمي بمشروع (أغروبوليس). بحسب المجتمعين، فإن هذا النوع من المشاريع كان يستهدف إضعاف المحاصيل الاستراتيجية في المنطقة، ويستهدف سياسات الدعم الحكومي الذي كان متاحاً لها، وخصوصاً أنه يقوم على منهجية التمويل من خلال الاعتماد على المنح بجزء كبير منه، وعلى التنافسية عوضاً عن القطاع المدعوم، وتتركز طبيعة المساعدات فيه على (توفير خبراء دوليين ومحليين وفرق دعم فني وتدريب من خبراء منظمة الفاو) بحسب تصريحات لعادل سفر وزير الزراعة الأسبق في 2009.
المشاريع الصغيرة الرديفة
اقترح أحد المداخلين أنه من الممكن استثمار مساحات لا تؤثر على الزراعات الاستراتيجية، تزرع بمحاصيل نوعية ذات عائدية عالية، ومن أمثلتها تربية النحل، وزراعة الفطر حيث أثبتت تجربة منطقة السلمية إمكانية الوصول إلى إنتاج 13 طن من الفطر بكلف قليلة، وبالاعتماد على مواد متوفرة في المنطقة. بالإضافة إلى الوردة الشامية وهو محصول مروي مجدي ومدر للدخل وفرص نجاحه مؤكدة حيث يقدر إنتاج الدونم بـ 500 كيلو غرام وبسعر 300 ل.س للكيلو غرام. والوردة الشامية أحد الميزات المطلقة أي التي لا تتواجد إلا في البيئة الطبيعية السورية.
التسميد الأخضر والأصناف الجديدة
الطرق الزراعية المتبعة في منطقة الغاب أصبحت قديمة، ويجب اعتماد الطرق الحديثة في الزراعة، وبديلاً عن الأسمدة الكيماوية من الممكن اعتماد التسميد الأخضر أو العضوي لتعويض احتياجات التربة. مداخلة أخرى لأحد الباحثين أشارت إلى ضرورة تفعيل دور المراكز البحثية لإيجاد أصناف من البذور بديلة عن الأصناف الحالية، التي ظهرت فيها بعض العزلات الوراثية، وضرورة أخذ مجموع العوامل المؤثرة في تبني صنف بذار، وعدم اتباع سياسة تعميم الأصناف.
الثروة الحيوانية المتراجعة
أحد الأطباء البيطريين قدم مداخلة حول الثروة الحيوانية في سهل الغاب، معتبراً أنه يمكن تقديرها بحوالي: 200 ألف رأس غنم – 35 ألف رأس بقر – 65 ألف رأس ماعز كما يوجد 25 مزرعة دواجن قسم صغير منها يعمل حالياً.
تتراجع أعدادها بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف ونقص كمياتها، وسوء خلطاتها، بالإضافة إلى التصدير والتهريب.
الهجرة.. وتهديد استقرار الزراعة
قدم مزارعو المنطقة الحاضرون مداخلات هامة عن واقع الإنتاج إلا أنها ركزت على المشكلة الرئيسية المتمثلة بهجرة الشباب للزراعة بسبب انعدام الجدوى الاقتصادية، ونستعرض بعض أقوالهم:
• ارتفاع كلف الإنتاج والمردودية الضعيفة للأرض، دفع بالكثير من الفلاحين وأولادهم لهجرتها والذهاب إلى المدن أو بلدان أخرى للبحث عن لقمة العيش.
• تفتت الملكيات الزراعية وفشل الجمعيات الفلاحية بالقيام بدرورها، والسياسات الزراعية التي اتبعت، والتي كانت مجحفة بحق الفلاح لعبت الدور الأساسي في هجرة الفلاحين وأولادهم لأرضهم.
• كنت أربي الأغنام، ولقد سرقت عدة مرات وأعدتها، ولكن اليوم جاء من يسرق أولادنا منا فمن يعيدهم؟! حيث لم تعد الظروف قادرة على إقناعهم بجدوى الزراعة.