محامون... فقط بألف ليرة!
(بعض المحامين يشهدون شهادات زور مقابل مبلغ ضئيل من المال، يقف أحد المحامين متربصاً خارج المحكمة الشرعية، طالباً ألف ليرة من النساء اللواتي يردن الحصول على إذن سفر لأبنائهن القاصرين، وذلك للشهادة بسبب سفر ولي الطفل أو كونه مفقود، وبعد تكرار الحادثة، اكتشف القاضي الشرعي أمر هذا المحامي لينظم بحقه ضبطاً وترفع دعوى مسلكية بحقه في نقابة المحامين).
هذا بالحرف ما نُقل عن القاضي الشرعي الأول بدمشق، وهي ليست مفاجأة لجموع السوريين ولكنها البادرة الأولى من رجل قانون وشرع للقول الفصل والحق في واحدة من القضايا التي تدل على مستوى تدهور منظومة القضاء المسألة التي تمس استقرار المجتمع والدولة.
القصص الكثيرة والمشينة التي تفوح من مباني القضاء والعدل تكاد لا تصدق، والمهنة التي مهمتها تحقيق العدل أصبحت من أكثر المهن ارتزاقاً، ويتباهى بعض المحامين بالنصر في قضية أخرجت قاتلاً أو سارقاً، وأنه متعاقد مع قاضٍ يؤمن له قضاياه مقابل مبالغ كبيرة.
القاضي الشرعي الأول أشار إلى نقطة هامة أخرى (العلاقة بين القضاة والمحامين في الوقت الراهن سيئة نتيجة فقدان الثقة بينهم، مشيراً إلى أن بعض المحامين يتهجمون على القضاة في حال لم يحكم لمصلحتهم، وأن بعض القضاة يعاملون المحامين معاملة سيئة، وهذا لا يجوز أبداً وقد يؤدي إلى فقدان العدالة).... وهذه العلاقة التي تؤسس للعدل غير متوازنة وربما تؤدي لفقدان (العدل)، وهنا أسجل بين قوسين أن المسألة برمتها محكومة لصالح ضياع العدل وتحقيق مصالح الطرفين على حساب ظلم المواطن، ونشر الظلم والفساد.
الأخطر ما نقله سيادة القاضي عن محاضرة بعنوان (المحامي هو عدو لدود للقاضي واحذروا المحامين وإياكم أن تتعاطوا معهم)، وكذلك تعليمات المعهد القضائي للقضاة الجدد بألا يتعاملوا مع المحامين، وهذا أمر فيما يبدو يأتي في سياق صراعات لا واعية، يراد منها أن ينتصر فريق على آخر دون النظر إلى سمو فكرة العدل وتحقيقه، ويؤكد مقولة المواطن العادي: (يا ما بالسجن مظاليم)!.
ويذهب القاضي الشرعي الأول بالحديث إلى ما هو أبعد عن أخلاق القضاة الذين لا يحترمون المواطن ولا المحامي، ويصرون على أحكامهم الخاطئة فيقول: (هناك بعض القضاة متعصبون للأحكام التي يطلقونها وثبت بالدليل القطعي بأن أحكامهم خاطئة إلا أنهم يصرون على هذه الأحكام).
عن أخلاق بعض المحامين التي لا تختلف كثيراً عن شركائهم في العدل يقول: (هناك بعض المحامين الذين يلفقون الأحداث مقابل تبرئة موكليهم، للحصول على جزء من المال، وهذا ما يحدث للأسف حالياً في القضاء)، وهذا يعني العدالة عرجاء.
إذا فسد القضاء والعدل فماذا بعد؟! وإذا فسد الملح فبماذا يملّح يا سيدي المسيح؟.