الوعد الحكومي.. واليد الحديدية فلسفة أسابيع الانتظار.. وأيام الفرج.. وأدراج الرياح

الوعد الحكومي.. واليد الحديدية فلسفة أسابيع الانتظار.. وأيام الفرج.. وأدراج الرياح

 

مرة أخرى يطلق وزير وعده بمكافحة الاحتكار والتصدي للفساد، ولكن هذه المرة في وجه مديري مديرياته، وذلك بمنحهم أسبوعاً واحداً لكبح ظاهرة الغلاء وارتفاع الأسعار الذي تشهده الأسواق حالياً.

الوزير لم يكتفِ بمنح المهلة بل هدد المقصرين باتخاذ الإجراءات العقابية، وهذا بالضبط ما جاء على لسان وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك حسان صفية في اجتماعه العاجل والأخير مع مديري التجارة الداخلية في المحافظات.

تفعيل أدوار

جاء الاجتماع الموسع لمتابعة تفعيل عمل الوزارة ودورها الرقابي الهادف إلى حماية المستهلك وتأمين السلع والمواد الأساسية للمواطنين، ودعا المجتمعين إلى مناقشة القضايا جميعها والصعوبات التي تعترض نجاح هذه العملية وتقديم الاقتراحات والحلول والتوحد لمحاربة الفساد والغلاء والاحتكار.

الدعوة إلى تفعيل دور الوزارة يعني بالضبط اعترافاً رسمياً بتقصيرها إذا ما قلنا غيابها التام، وتركها الناس في مهب تجار الأزمة الذين أثروا على حساب جوع الشعب، الذي لم يعد يعرف كيف يتدبر أساسيات حياته اليومية الأساسية.

الوزارة العتيدة التي طالما شكت عبر مديري تجارتها بعدم قدرتها على تأمين الكادر التفتيشي والمهني الذي يغطي الأسواق جميعها ، ولا ترى من فعلها سوى الإعلان عن دورات تدريبية وتعيينات في صفوف أسطول مفتشيها الذين باتوا عرضة لسخرية المواطن والتاجر، فالمواطن لا يصدق أي دور رقابي تقوم به هذه المديريات ودليله السوق المتوحش، والتاجر الذي لا يأبه بالمراقب كونه لا سلطة قضائية تحميه، وأن هؤلاء معروفة أثمانهم فهم ليسوا سوى مرتشين صغار؟.

المواطن (أ.د): أتحدى أن تستطيع الوزارة ضبط سوق واحد خلال شهر وليس خلال أسبوع، والتجار لا يهابون المراقبين ولا وزارتهم، وهم أسياد السوق، والمراقب التمويني يأتي مرتعشاً، وكل الضبوط التي تتحدث عنها الوزارة ومديرياتها هي لصغار التجار، وبعض الدكاكين.

اليد الحديدية.. قادمة

تهديد السيد الوزير واضح بمحاسبة المدراء ثم التجار، فقد أشار إلى أن بعض ضعاف النفوس من التجار استغل ارتفاع سعر الدولار لرفع أسعار بعض السلع والمواد بصورة غير مشروعة، وهؤلاء يجب الضرب على أيديهم، وأن اليد الحديدية ستكون سلاحاً ناجعاً في محاربتهم.

الكلام يبدو مريحاً فهو يحمل بعض الإرادة التي لم تكن متوفرة أو لم يتم التلويح بها من قبل، ولكن السؤال الكبير لماذا انتظرت الوزارة كل هذا الوقت الذي دفع ثمنه المواطن لتعلن عن قبضتها؟.

كان من الممكن أن تستخدم في أوقات كثيرة من عمر الأزمة في سورية في شقها الاقتصادي أيضاً، والتجار تعرفهم الوزارة، والأسواق، يعرفها السيد الوزير ويجول عليها، ويعرف الأسعار الفوضوية واحتكار المواد الأساسية التي يمسك بها هؤلاء المواطن من فمه وجيبه وروحه.

سوق باب السريجة ترتفع فيه الأسعار كل ساعة حسب نشرة صرف الدولار بدءاً من (جرزة البقدونس) وانتهاءً باللحم والألبان وكلها من مصدر محلي، هل تستطيع هذه اليد الحديدية أن توقف هذا الارتفاع المزاجي.. يتساءل مواطن يائس؟.

النقل...هل ينجح التحدي الوزاري

الوزير حسان صفية أكد في حديثه على ضرورة تشديد الرقابة على وسائط النقل، وهنا مربط الفرس كون المسألة أكبر من تعرفة النقل، ولكنه تحدٍ كبير في تأمين الوقود لهذه الحافلات التي تبرر رفع أسعارها بعدم توفره أولاً، وثانياً بطول الخط والازدحام الكبير في الشوارع؟.

(أبو إبراهيم) مواطن: هل يستطيع الوزير أن يلزم (حمشو) بالتعرفة التي صدرت عن مديريات النقل بالمحافظة، ويعيد التعرفة إلى 25 ليرة؟.

المواطن (س): تعرفة نقل خط قطنا – السومرية هي 37 ليرة سورية هل يستطيع الوزير أن يفرضها على السائقين، وهم متعاضدون مع مدير المنطقة ومدير الخط في الشعور بالظلم، ومنعوا استقدام 10 باصات كبيرة إلى المدينة مع أنها تساهم في تخفيف العبء عن الخط، وتؤمن نقل المواطن بشكل مريح؟.

تشجيع ثقافي.. مجدي؟.

في نهاية اجتماع السيد الوزير مع مدرائه يدعو إلى  تشجيع المواطنين على ثقافة تقديم الشكوى، وهذا يحتاج بالطبع إلى إعلام فاعل يوجه المواطنين إلى الطريقة المثلى رغم وجود هواتف للشكاوى، ومديريات تفتح أبوابها على الأقل حتى الثانية ظهراً.

المواطن الذي يجري إلى آخر نفس يجب أن يتعلم كيف يشكو الظلم والغلاء، وهذا ما يثير ضحكات العجوز الدمشقي الذي قال لي: وإذا صرنا مثقفين وشكوناهم ما النتيجة التي سنحصدها.. يا أستاذ سنرسب جميعاً في هذا الامتحان الثقافي، نحن نريد من الوزارة أن تعمل لا أن تعيد محو أمية الشعب في تقديم الشكاوى.. الشكوى لغير الله مذلة؟.

أدراج الرياح

مر الاجتماع الموسع ومرت الأيام الأولى لتهديد الوزير صفية، ومهلته للمدراء، ولا جديد يؤكد تحسناً ولو بسيطاً في الأسعار بل على العكس ارتفعت الزيوت والسمون، والألبان والأجبان بسبب معطيات تفرضها حالة الاقتصاد السوري المحاصر، وحسابات نقل هذه المواد وإيصالها، وكذلك وعود تأمين مادة المازوت التي تجاوزت اللامعقول، ومع ذلك ينهي السيد الوزير حديثه كما بدأ.. فقد أكد سعي وزارة التجارة الداخلية إلى زيادة عدد المراقبين التموينيين.. يعني بالضبط أن كل ما سيتم تنفيذه هو مسابقة تعيين جديدة، ودورات تدريبية ومراقبين بحسب مواصفات السوق..؟؟ تلك وعودكم، وهذا ما سيذهب أدراج الرياح؟.