بنك التنمية لدول بريكس: رديف أم منافس لصندوق النقد الدولي؟

بنك التنمية لدول بريكس: رديف أم منافس لصندوق النقد الدولي؟

من المحتمل أن يتم الإعلان عن مدينة شنغهاي الصينية مقراً رئيسياً لبنك التنمية لمجموعة دول «بريكس» في حين قدمت كل من موسكو ونيودلهي ويوهنسبورغ وشنغهاي ترشحها لتحتل هذا المركز الذي ستقرره قمة زعماء الدول الداخلة في هذه المنظمة الدولية في منتصف شهر تموز الجاري.

وكانت مسألة تأسيس هذا البنك بحثت في قمة سان باولو وأقرت في قمة يوهنسبورغ في العام الماضي لمجموعة دول "بريكس" إلا أن خلافات تنظيمية حالت دون تحقيق هذه الفكرة حتى الآن وجرى تجاوز الاختلافات في وجهات النظر وأصبحت بيد البرازيل "بيضة" القبان في اختيار مقر بنك البريكس الذي سيباشر عمله برأسمال تأسيسي يقدر بـ 50 مليار دولار أي باشتراك متساو من الدول الأعضاء بمقدار 10مليارات دولار من كل دولة عضو في البريكس ليتم فيما بعد إيصاله بالتساوي إلى مبلغ 100 مليار دولار.

بالإضافة إلى ذلك فإن دول "بريكس" قررت إنشاء تجمع من احتياطيات النقد الأجنبي بحجم 100 مليار دولار وستكون التزامات هذه الدول فيما يتعلق بتجمع النقد الأجنبي موزعة على النحو التالي: الصين - 41 مليار دولار والبرازيل والهند وروسيا بـ 18 مليار دولار لكل منها فيما لن تزيد مسؤولية جنوب أفريقيا عن 5 مليار دولار من النقد الأجنبي.

ولمعرفة فعالية هذه القدرة المالية للبنك الذي سيرى النور قريبا يجب القول أن رصيد البنك العالمي الذي تشارك فيه الولايات المتحدة بنسبة تزيد عن 40 بالمئة بالإضافة لمشاركة أربع عشرة دولة أوروبية فيه كان في نهاية حزيران الماضي لا يزيد عن 223 مليار دولار.

ومن المتوقع أن تصبح تسمية الدول الأعضاء في بريكس بدأ من القمة المنتظرة مشهرة بدول بنك التنمية ومجمع احتياطي النقد الأجنبي الذي مازال في طور التأسيس ومن المحتمل أن تتم تسمية رئيس البنك من قبل زعماء دول "بريكس" في القمة المقبلة لمدة خمس سنوات ليستبدل فيما بعد ضمن ترتيب متوال لهذه الفترة.

لاشك أن بنك التمنية لمجموعة "بريكس" لن يكون في البداية بذلك الحجم الذي يؤهله على منافسة البنك العالمي وصندوق النقد الدولي ولكن تأسيسه سيكون بمثابة إشارة للولايات المتحدة الأمريكية بضرورة العمل مباشرة على إجراء إصلاحات في مؤسساتها المالية لردع الدور المتنامي لدول الأسواق الناشئة في الاقتصاد العالمي إذ أن خطط إصلاح صندوق النقد الدولي كانت قد أقرت منذ العام 2010 ولكنها "جمدت" في مرحلة مناقشتها في الكونغرس الأمريكي الذي لم يمنح الموافقة على هذه الاصلاحات ما ولد– حسب رأي وزير الخارجية البرازيلي خوسيه ألفريدو غراسا ليما - القلق المتنامي لدى دول مجموعة "بريكس".

ومن جانب آخر لا تعتبر الموافقة على تأسيس بنك التنمية لدول "بريكس" ردا على قرار الكونغرس إلا أنها تبين أن بلدان "بريكس" بإمكانهم خلق آليات خاصة بهم لتحقيق أهدافهم الاقتصادية في السوق المالية العالمية ما يجعل دولا أخرى في مراحل متأخرة من تأسيس بنك التنمية أن تشارك في رأسماله بالرغم من أن دول "بريكس" تنوي الحفاظ على إدارة البنك في كل الأحوال.

ولكن الهزات المالية التي بدأت تضرب العملة الأمريكية من حين لآخر جعلت دول "بريكس" تعيد التفكير بإيجاد عملة أو عملات بديلة تمكنها من الاحتفاظ بقيمة صرف عملاتها الوطنية وقيم مدخراتها الدولية في حال حصول تقلبات جذرية في قيمة العملة العالمية الواحدة لأنها مهتمة بثرواتها العامة والخاصة لتخرجها سليمة من دائرة الأزمات الدورية التي مازالت تضرب الاقتصاد الأمريكي على مدى العقود الثلاثة الماضية والتي كان لها أثر كبير على القطاع المصرفي والمالي العالمي بل وعلى الاقتصاد العالمي برمته إذ أن الولايات المتحدة ليست اليونان ولا حتى إيطاليا.

ففي هذه الحال كان لابد لدول "بريكس" إما أن تعمل على تخفيض سعر صرف عملاتها الوطنية أو على إعاقة إرتفاعه ولكن المشكلة الكبيرة أنه لا يمكن لجميع الدول أن تقوم بذلك في آن واحد فإذا كانت في مرحلة ماقبل الأزمة قد أوقفت محاذير التضخم سياسة " أسرق جارك " فاليوم في ظل أزمات الميزانية الأمريكية يصبح أغلب الدول على مقربة من الإنكماش النقدي لذلك لابد من اتباع سياسة متزنة لتسعير العملات على المستوى العالمي علماً أن حجم الإحتياطي النقدي العالمي قد يصل اليوم نحو تسعة ترليون دولار وأن 60 بالمائة منه مقدرة بالدولار ونحو 26.5 بالمائة باليورو وتصل العملات الأخرى بما فيها الين الياباني والفرنك الفرنسي والسويسري إلى 3.5 بالمائة من الإحتياطات العالمية بينما لا يزيد الإحتياطي الذهبي عن 10 بالمائة منه.

 

المصدر: إذاعة صوت روسيا