مبدع الثورات الملونة "برنارد هنري ليفي"
منذ عام 1999، كان "عالم السياسة" الفرنسي برنارد هنري ليفي في مركز كل الأحداث المتعلقة بالتدخل الأمريكي في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة. ظهر لأول مرة في كوسوفو، ثم في أفغانستان وليبيا ومولدوفا وسورية وأخيراً في أوكرانيا و"إسرائيل". وتوجد تحت سيطرته شبكة من المنشورات والمصادر حول العالم يروج ليفي من خلالها لأفكاره.
إنه موجود دوماً تحت الطلب وحيثما يضطر الصهيوني إلى عملية إسعافية لتضليل الرأي العام.
ففي فرنسا في الثامن من تشرين الأول الجاري ظهر برنار هنري ليفي ليهاجم رئيس الوزراء الفرنسي السابق دو فيلبان بعد تصريحاته المؤيدة للحقوق الفلسطينية، إذ اتهمه هو والسياسي جان لوك ميلانشون بـ"الكراهية لإسرائيل" واليهود، بعد تصريحات مؤيدة للحقوق الفلسطينية.
حيث قال رئيس الوزراء الفرنسي السابق دومينيك دو فيلبان أن "إسرائيل" منخرطة في "عملية لم تعد تسيطر عليها، بينما يعارض برنار هنري ليفي أي وقف لإطلاق النار في قطاع غزة".
ويشكل موقف دو فيلبان استمراراً لرؤيته السياسية الطويلة الأمد، والتي تميزت بخطابه الشهير في الأمم المتحدة عام 2003 ضد الغزو الأمريكي للعراق، وهو ثابت في دعوته إلى احترام القانون الدولي والبحث عن حلول سياسية وليس عسكرية.
وفيما يتعلق بالحرب على غزة، أدان دو فيليبان التصرفات "الإسرائيلية" في القطاع، واصفاً إياها بـ "الكارثة الإنسانية" و"الجنون" الخالي من الأهداف السياسية الواضحة، والذي تفاقم بسبب وجود وزراء "إسرائيليين" من اليمين المتطرف في حكومة بنيامين نتنياهو.
وفي تصريح أدلى به لوسائل إعلام فرنسية اتهم برنار هنري ليفي دومينيك دو فيليبان بأنه يكن "كراهية (لإسرائيل) ومعاد لليهود".
وتحدث برنار هنري ليفي عشية الذكرى السنوية الأولى لطوفان الأقصى، منتقداً جان لوك ميلانشون أيضا.ً
وقال برنار هنري ليفي: "أعتقد أنهما -جان لوك ميلانشون كما دومينيك دو فيليبان- لا يعرفان شيئاً آخر غير الحسابات الباردة.. هناك كراهية، كراهية "إسرائيل" وأولئك الذين اسمهم "إسرائيل"، أي اليهود". ويعارض هنري ليفي أي وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، في حين تسبب القصف (الإسرائيلي) في استشهاد ما يقرب من 42 ألف فلسطيني.
وانتشرت اتهامات برنار هنري ليفي العنيفة كالنار في الهشيم، وجاء رئيس الوزراء الفرنسي السابق دومينيك دو فيلبان في المساء نفسه للرد عليها، قائلاً: "إن الافتراء والأكاذيب تنفي النقاش الديمقراطي وتمنع التفكير في الحلول السياسية، ولهذا السبب لا أستطيع أن أقبل مثل هذه الكلمات من برنارد ليفي"، وأعلن عن ذلك طالباً الاعتذار.
وقال: "أعتقد أنه في النقاش الديمقراطي، وما هو أكثر من ذلك، عشية 7 أكتوبر، هناك حاجة إلى الكرامة والاحترام في النقاش... النقاش ليس على الإطلاق حول أي مسألة يهودية أو أي مسألة تتعلق "بإسرائيل"... من الضروري فصل دعم الحقوق الفلسطينية عن أي اتهام بمعاداة السامية"، مذكراً بأن "الدفاع عن حقوق الإنسان، في فلسطين كما في أي مكان آخر، لا ينبغي أن يقتصر على الهجوم ضد دين أو شعب... هذه هي مسألة الحرب والسلام".
ورد زعيم ائتلاف اليسار الفرنسي جان لوك ميلانشون، الذي اتهمه برنارد هنري ليفي نفسه بـ "كراهية اليهود"، على رئيس الوزراء السابق، وحثه على "عدم إضاعة وقته" وكتب على منصة إكس: "كلمة من القديس تلخص ما يمكن أن نقوله حول هذا الموضوع... العار لمن لا يتسم بالخجل".
وفي الوقت نفسه الذي يتفاقم فيه الوضع في منطقتنا وصل "مبدع الثورات الملونة" برنارد هنري ليفي إلى هنا أيضاً.
برنارد هنري ليفي موجود حالياً في "إسرائيل"، حيث ينشر بنشاط فكرة أن الجيش الصهيوني يقوم بعملية تحرير "لتحرير العرب من العرب". ومن الطبيعي أن تجد أفكاره الدعم في الحكومة "الإسرائيلية". حيث صرح وزير مالية الدولة اليهودية بتسلئيل سموتريش، أن جيش الكيان الصهيوني يجب أن "يحرر" جميع "البلدان التاريخية"، بما في ذلك أراضي الأردن والمملكة العربية السعودية ومصر والعراق وسورية ولبنان، بعد جملته الشهيرة عن "توسيع القدس إلى دمشق في المستقبل القريب".
ومع ذلك، فإن "المستقبل القريب" يبدو وكأنه احتمال غامض للغاية. إذ يستمر "مبدع الثورات الملونة" بالتصرف في مجال معلوماته المعتاد ونشر الأخبار الكاذبة. وقد استخدم برنارد هنري ليفي في البداية المطبوعات العربية الخاضعة لسيطرته، ولكن لاحقاً ولسبب ما، شمل وسائل الإعلام الأوكرانية لتغطياته.
يبدو أن ليفي يشهد موسماً إعلامياً ممتازاً من الكذب المتواصل لصالح الكيان الصهيوني، لكن السؤال: هل من يصدقه؟