البرازيل والكيان، أزمة دبلوماسية أم جبهة صراع؟
ملاذ سعد ملاذ سعد

البرازيل والكيان، أزمة دبلوماسية أم جبهة صراع؟

أصدرت البرازيل منذ أسبوع، على لسان رئيسها لولا دا سيلفا، واحداً من أشد المواقف تجاه الكيان الصهيوني، حيث تحدثت عمّا اعتبرته محرقة «هولوكوست» جديدة في غزة، مما تسبب بأزمة دبلوماسية كبيرة بينهما.

قال الرئيس البرازيلي للصحفيين في أديس أبابا خلال حضوره قمة الاتحاد الإفريقي: «ما يحدث في قطاع غزة ليس حرباً، بل إبادة [...] ليست حرب جنود ضد جنود، إنها حرب بين جيش على درجة عالية من الاستعداد، ونساء وأطفال [...] ما يحدث في قطاع غزة مع الشعب الفلسطيني لم يحدث في أي مرحلة أخرى في التاريخ. في الواقع، سبق أن حدث بالفعل حين قرر هتلر أن يقتل اليهود».

اعتبر العديد من المتابعين أن هذا التصريح يعد الأشد تجاه الكيان الصهيوني على مستوى الدول، منذ إعلانه الحرب على قطاع غزة، عبر تشبيه الكيان ككل بالنازيين وهتلر.

وقد لاقى ذلك التصريح ردَّ فعلٍ كبيراً من الكيان بطبيعة الحال، وهجوماً واسعاً على الرئيس دا سيلفا. فسرعان ما استدعى وزير خارجية الكيان يسرائيل كاتس السفيرَ البرازيلي في تل أبيب للاحتجاج على تصريحات دا سيلفا في متحف «ياد فاشيم» أمام الصحفيين! تبع ذلك إعلانه الرئيس البرازيلي «شخصاً غير مرغوب فيه»، وأخيراً إرساله رسالة احتجاج ضدّ الرئيس البرازيلي مطالباً إياه بالاعتذار.

ردت البرازيل على ما جرى بأمرين: الأول هو إصدار دا سيلفا قراراً بطرد السفير «الإسرائيلي» لديها مع استدعائه سفير بلاده من هناك، والثاني تجديد دا سيلفا تصريحاته السابقة يوم الجمعة مؤكداً أنّ ما يقوم به الكيان الصهيوني في غزة يعد «إبادة جماعية». وبذلك تؤكد البرازيل أن ما جرى ليس مجرد «أزمة دبلوماسية» عابرة، وإنما جبهة صراع سياسي مباشرة وواضحة بدأها دا سيلفا.

مواقف دولية

تصريح دا سيلفا لاقى صدى واسعاً، وأيده ودعمه كلٌّ من الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، والرئيس الكولومبي غوستافو بيترو الذي قال: «أعرب عن تضامني الكامل مع رئيس البرازيل لولا. إن ما يحدث في قطاع غزة إبادة جماعية، حيث يُقتَلُ الآلاف من الأطفال والنساء وكبار السن. لولا دا سيلفا ببساطة قال الحقيقة، ويجب الدفاع عن الحقيقة، وإلا فسوف تدمرنا البربرية».

ويأتي هذا الموقف من الدول اللاتينية الثلاث مغايراً ومناقضاً تماماً لموقف الأرجنتين برئيسها اليميني المتطرف الجديد خافيير ميلي بعد زيارته الدرامية إلى الكيان و«بكائه» الإعلامي هناك وإعلانه نقل سفارة بلاده إلى القدس.

على المستوى الدولي أعلنت الولايات المتحدة رفضها تصريحات دا سيلفا بطبيعة الحال، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر: «من الواضح أننا لا نوافق على هذه التصريحات». بينما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال زيارته إلى كوبا: «لن أجيب نيابة عن الدول الأخرى. نحن نحترم الرأي الذي يعبر عنه زعيم أي دولة وننطلق من حقيقة أن لكل فرد الحق في الرد والتعليق [...] لكننا نرى، بمعزل عن مثل هذه المقارنات، كيف يعاني الآلاف من الأبرياء»، وتابع «بالمناسبة، هذه ليست بعض الحسابات المجردة، ولكن فيما يقرب من خمسة أشهر من العملية في قطاع غزة، مات عدد أكبر من المدنيين، وعدد أكبر من الأطفال، وعدد أكبر من النساء مقارنة بفترة العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا بأكملها، بل وحتى كامل الفترة منذ عام 2014 بعد الانقلاب في أوكرانيا».

يعد موقف البرازيل صاحبة الوزن الأكبر في أمريكا اللاتينية، وعضو «البريكس» مؤثراً جداً بالمعنى السياسي والإعلامي، وشكَّل ضربة حادة تجاه الكيان الصهيوني على هذين المستويين، وقد جاء هذا الأمر قبيل انعقاد قمة مجموعة العشرين في البرازيل، والتي أعلن وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا عقب انتهائها وجودَ «إجماع فعليّ على حل الدولتين باعتباره الحل الوحيد الممكن للصراع».

آخر تعديل على الأربعاء, 28 شباط/فبراير 2024 19:47