ترامب والكابيتول ولجنة 6 يناير
في السادس من كانون الثاني/ يناير 2021، اقتحم أنصار ترامب مبنى الكابيتول الأمريكي، وأدّى الاقتحام إلى عمليات إخلاء وإغلاق لمبنى الكابيتول، وتعطيل جلسة مشتركة للكونغرس لفرز الأصوات الانتخابية وإضفاء الطابع الرسمي على فوز جو بايدن الانتخابي. وتجمَّع المتظاهرون لدعم مزاعم ترامب المستمرة بأنّ انتخابات 2020 قد سُرقَتْ منه.
على خلفية هذا الحدث تشكّلت لجنة في الكونغرس سميت «6 يناير». هذا ويبدو أنّ كلام ترامب يحمل عمق القصة الحقيقية عندما قال: «هذه اللجنة هي عبارة عن إخفاق كامل ولم تعمل إلا على زيادة تقسيم بلادنا».
إذ يبدو أنّ الهدف من هذه اللجنة هو قطع الطريق على ترامب ويبدو أنّ حظوظه تراجعت كثيراً منذ مداهمة مكان إقامته بسبب موضوع الوثائق التي يحتفظ بها، ويبدو أنّ هناك ما يدينه، فمنذ شهرين طلبت اللجنة من الرئيس السابق ترامب المثول أمامها يوم 14 تشرين الثاني، وقالت إنّ الرئيس السابق «دبّر» مؤامرةً لإلغاء انتخابات 2020.
وأكدت أنّها تطالب بجميع سجلّات المكالمات والرسائل النصية الخاصة بترامب منذ 6 كانون الثاني. كما طالبت بالحصول على اتصالاته المتعلّقة بالانتخابات، وأمرت بأنْ يبرز سلسلة وثائق، وجاء في رسالة اللجنة إلى ترامب: «ندرك أنّ إصدار أمر استدعاء لرئيس سابق هو إجراء مهم وتاريخي، ونحن لا نتعامل مع هذا الإجراء باستخفاف».
ويبدو أنّ هناك نية للإطاحة بأيّ إمكانية سياسية لترامب قبل الانتخابات بحيث لا يتمكّن من الدخول إلى الانتخابات وبهذه الحالة يتم قطع الطريق على الجمهوريين، إذ يبدو أنّ ترامب رغم كل مشكلاته ومثالبه، يمثّل عنصراً للتجميع في الحزب الجمهوري.
وفي الردّ على استدعاء اللجنة، قاضى ترامب اللجنة بسبب إصدارها أمر استدعاء له للإدلاء بشهادته، وفقاً لقاعدة بيانات محكمة في فلوريدا، حيث إنّ أمر الاستدعاء غير قانوني لأنه ينتهك صلاحيات الرئيس وحقوق ترامب بموجب التعديل الأول لدستور البلاد (حرية التعبير)، واللجنة غير مخوَّلة بإصدار مذكّرات استدعاء. لكنّ لجنة التحقيق أكّدت وجود أدلّة كافية لرفع دعوى جنائية ضدّ الرئيس السابق دونالد ترامب. وقالت نائبة رئيس اللجنة إنّ رفض الرئيس السابق دونالد ترامب، التدخُّلَ لمنع الواقعة يجعله عديم الأهلية لتولّي أيَّ منصبٍ رسمي.
ويبدو من هذه الجملة تحديداً أنّ الهدف قطعُ الطريق عليه حتى لا يكون موجوداً في الانتخابات المقبلة، فهو يسبّب أرقاً للمجموعة الحاكمة اليوم. رغم أنّ الموضوع في نهاية المطاف ليس ثنائية ترامب-بايدن ولا ثنائية جمهوري-ديمقراطي. بل هو نهج سياسيٌّ متصارَع عليه، أيْ تيّاران سياسيّان أساسيّان موجودان على الساحة الأمريكية وفي الإدارة الأمريكية يتصارعان؛ أحدهما يمثّل إلى هذا الحد أو ذاك أحدَ طرفي الثنائية الظاهرة.
وتصريحُ اللجنة بأنّه: "عديم الأهلية لتولي أيَّ منصبٍ رسميّ" هو نهاية معركة يشتدّ فيها الصراع تسجِّلُ فيها الجماعة الحاكمةُ حالياً نقاطاً على ترامب ويبدو أنهم يتقدّمون وعلى الأرجح سيتمكّنون من الإطاحة بأيّ فرصةٍ له نهائياً.
وهو ما دعا ترامب لاتهام اللجنة بأنها تسعى لمنعه من الترشّح للانتخابات الرئاسية المقبلة في 2024. بعدما أوصت بإطلاق إجراءات ملاحقته في عدة انتهاكات، بينها دعوتُه موالِيْه للعصيان المدني. وبأنْ تتمَّ ملاحقتُه أمام القضاء لإعاقته إتمامَ آلية رسمية (المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية) والتآمر على الدولة الأميركية والإدلاء بتصريحات كاذبة.
وقد حثّ نائب الرئيس الأمريكي السابق مايك بينس، وزارةَ العدل على عدم توجيه اتهامات إلى الرئيس السابق دونالد ترامب، معتبراً أنّ هذه الخطوة ستثير انقساماً في البلا.. لكن يبدو أنّ التصعيد يأخذ منحى تصاعدياً أكبر؛ إذْ صوَّتَتْ بعد ذلك لجنةٌ في مجلس النواب الأمريكي لمصلحة نشر التصاريح الضريبية لترامب الذي خاض معركة قضائية ضارية استمرّتْ سنوات عدّة لإبقاء إقراراته الضريبية طَيَّ الكِتمان. وأصدرتْ لجنةُ التحقيق الأمريكية تقريرَها النهائي حول أحداث اقتحام الكونغرس في الثالث عشر من الشهر الجاري واتّهمت الرئيس السابق ترامب، بالانخراط في مؤامرة من عدّة أجزاء لقلب نتيجة انتخابات عام 2020. ومن الجدير بالذكر أنَّ اللجنة لا تملك سلطةً مباشرة لهذه الملاحقات الجنائية، ولا تتعدّى صلاحياتُها رفعَ توصية في هذا الصدد إلى وزارة العدل المخوَّلة وحدَها بتوجيه الاتهامات إلى الرئيس الأميركي السابق.