الأمبيرات بورصة... وتعدد أسواق
أزمة الأمبيرات تزداد سوءاً بارتفاع أسعارها، فيما يظنَّ المواطن أنّها بلغت ذروتها بين الحين والآخر كزيادة دوريّة على السعر بما يتراوح بين 500 و1500 ليرة. إلا أنه بالآونة الأخيرة وخلال مدة أقصاها شهر تفاجئ أهالي حلب بارتفاع الأسعار بنسبة كادت تصل إلى 100 % من وسطي 13000 لتصل لـ 33000 في بعض المناطق مع استمرار هذه المعاناة المتفاقمة.
قرارات وأعطال... تدعم بورصة الأمبيرات
أكثر الجمل التي تتردد في وسط الشارع الحلبي لمجرد ذكر كلمة أمبير "والله الأمبير خرب ديارنا" مُعبّرة عن تفاقم الوضع سوءاً، فارتفاع الأسعار السريع الذي طال هذه الخدمة بنسبٍ فاقت طاقة المواطن مع عجزه عن إلغائها وسط تقنينٍ جائرٍ للكهرباء لربما هو الأقسى بين المحافظات السورية، وهو ما دفع التجّار لاستغلال الحاجة المُلحّة للمواطنين والتعامل معها كبورصة سوق حرّ، حيث أنّها لا تعتمد -هذه السوق- على الأخبار فقط بل حتى على إشاعات رفع الأسعار، لترتفع معه بأشكال تختلف بين منطقة وأخرى وأحياناً بين تاجر وآخر في الحي ذاته، إضافةً إلى تفاوت عدد الساعات وجودة الخدمة وهو ما بات ملحوظاً. وكانت حلب دائماً تدفع ضريبة رفع سعر المحروقات بشكل مضاعف، فعند أي إعلان لرفع أسعار المحروقات تعاني المحافظات السورية منه بارتفاع أسعار النقل بشكل مباشر والبضائع المنقولة بما فيها الخضار، أما حلب فتعاني إلى جانب ذلك من ارتفاع أسعار الأمبيرات أي الضعف، لتأتي الأعطال المتتالية في محطات الكهرباء بما فيها العطل الأخير بمحطة الزارة والذي نتج عنه انقطاع التيار الكهربائي عن معظم المحافظات السورية، كمحرّض لرفع الأسعار .
رفع سعر الخدمة وتجزئتها
هناك فروقات في الأسعار وساعات الخدمة بحسب القدرة الاقتصادية للشريحة الاجتماعية، والذي دفع بدوره التُجّار لتقنين خسائرهم عبر دفع المواطن للاشتراك بالحد الأدنى من الساعات مُستنزفين ما أمكنهم من قدرة المواطن، لتتراوح الاشتراكات من 12 ساعة وحتى 4 ساعات. ففي منطقة الحمدانية صاحب المولدة يتقاضى أتاوة قدرها 14000 بالرغم من عدم تشغيلها، ومنع المشتركين من سحب خط الأمبير والاشتراك عند مستثمر آخر والسبب هو تعطل المولدة بحسب قوله، كما هو حال باقي المناطق حيث يعاني سكان السريان من الأعطال التي تستمر يومين أو أكثر مقابل ثلاث ل أربع ساعات تشغيل بالرغمِ من الاتفاقِ على ثماني ساعات، أما أهالي حي الزبدية فقد اتهموا أصحاب المولدات برفع أسعار الاشتراك على مزاجهم منذ ثلاث أشهر، حيث كان سعر الأمبير الواحد 7 آلاف ليرة أسبوعياً ومدة التشغيل 5 ساعات ليقوموا خلال أيام برفع التسعيرة لتصبح 25000 ليرة للأمبير الواحد. وبسبب الفارق بين الأجور والأسعار لم يكتفِ التجار برفع سعر الخدمة بل تمت تجزئتها في التوقيت والجودة بما يتناسب مع جشعهم، حيث إنّ إنارة المنزل مضافاً إليها تلفاز ومروحة والتي تحتاج لأمبير واحد تقلصت صيفاً إلى النصف بالتزامن مع ارتفاع الأسعار. يقول أ.م: "لأمبيرات الصيف طعم آخر حيث تحتاج لأن تقف إلى جانب القاطع من أجل إشعال ضوء توفير ومروحة وشاشة وإلا لن يعمل إلا ضوء واحد ومروحة"، بالإضافة إلى تقسيم الخدمة صباحاً ومساء، إذ يشترك بعض المواطنين حسب استطاعتهم بأمبير ليلي يبدأ مع نهاية التوقيت النهاري، والذي قُسّم بدوره كعروض وعلى المواطن أن يختار الأقرب لمقدرته حيث يخبرنا ح. س أنّه وبعد رفع الأسعار الأخير "خيّرني التاجر بين أن أدفع 25000 أو 18000 ولأختار الأخير ولأفهم لاحقاً أنّه قنّن الساعات من 14 ساعة إلى 7 ساعات"، وفي التوقيت ذاته بلغ سعر ال 12 ساعة في حي الموكامبو 30000 وفي حي الخالدية 33000، ولأعطال القواطع نصيب من الارتفاع فبعد أن كان سعر القاطع بسعة 1 أمبير 1000 ل.س، بات اليوم ب 6000 ل.س، والذي يحتاج للتبديل بين الحين والآخر، لتخرج هذه الارتفاعات عن سقف التوقعات والسيطرة وتحلّق إلى ما لا نهاية.
أمل الخلاص
وجاء القرار آنذاك بعد رفع سعر المازوت المدعوم إلى 1700 ليرة لليتر، وأما أسباب الخروقات فهي متعلقة بشح مادة المازوت واِضطرار المستثمر لشرائه من السوق السوداء والتي باتت سبيله الوحيد بأسعار مضاعفة، وهو ما أدى إلى تحكم "السوق الموازي" بالتسعيرة حيث وصل سعر ساعة الأمبير ما بين ال 350 -700 ل.س ، فالأسعار أعلاه تدل على المبالغ الباهظة التي تدفعها كل عائلة شهرياً لقاء التزود بأمبير واحد إذ إنّه يتراوح ما بين ال 100000 وال 150000 بحدِ لا يتساوى مع الحد الأعلى للأجور، وهو ما تتجه إليه باقي المحافظات، ونرى أن أمبيرات حماة تدلو دلو حلب ومثلها اللاذقية حيث ما لبث أن صدر قرار بمنعها حتى عادت للعمل ولكن بسعر موحد 20000 في الأسبوع "والحبل ع الجرار".
لا يزال يتطلع الأهالي إلى عودة إقلاع محطة حلب الحرارية، حيث إنّها تعد الخلاص الوحيد من ظاهرة “الأمبيرات” وتكاليفها القاصمة للظهور، حيث يرى الناس أن زيادة ساعات التغذية للمدينة ووجود برنامج تقنين منتظم مطبقٍ فيها، من شأنه تقليل الرسوم الأسبوعية التي يدفعها المواطنون لأصحاب المولدات، إلا أنّ الحكومة كانت تعمل دائماً على مبدأ "عالوعد يا كمون" فبرغم من التصريحات التي كانت ترددها على مسامع الشارع عبر المكتب التنفيذي في المحافظة بعدم شرعنة الأمبير بالتوازي مع إصدار قرارات دوريّة لسعر الأمبير الرسمي والتي لم تطابق الواقع يوماً ، كونها تُعدّ في عالم موازٍ بعيد عن الواقع! أما فيما يتعلّق بإصلاح الحراريّة فكان المواطن يسجّل تلك الوعود ع "لوح البوظ" وأولها تلك التي تتحدث عن إقلاع العنفة الخامسة في المحطة قبل نهاية العام الماضي، تلته وعود مطلع العام الجاري، ثم خلال العام الجاري وتحديداً خلال الربع الأول، الذي انقضى كسابقه.
وبدل البحث عن حلول لإلغائها والعمل على تحسين الواقع الكهربائي كانت الحلول المطروحة جميعها حول كيفية الإبقاء على تجارة الأمبيرات مقابل شروط وقوانين ماهي إلا حبر على ورق وصوت يُسمع لا يطبق، علماً أن الأموال التي تصرف على الأمبيرات كافية لبناء محطات كهربائية جديدة.ِ