لعنةُ تصيب أمريكا: صحة رؤسائها العقلية مقلقة
يتابع بايدن مسيرة سلفه ترامب ويكمل ما بدأه، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لأماكن ومواقع أكثر ضعفاً وعزلةً، بعدما حمّل الإعلام الأمريكي أزمةَ البلاد بأسرها لترامب بشخصه، مُسوِّقاً بايدن كبطل «هوليوود الأمريكي» الذي سينقذها، وينقذ الأرض معها بالطبع.
بعضٌ من منجزات إدارة بايدن حتى الآن، وبشكل مختصر، كانت: الانسحاب الكامل من أفغانستان، وتخفيض عدد القوات العسكرية في العراق وصولاً لانسحاب «القتالية» منها أواخر العام الجاري، والعودة لانخراط واشنطن في مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني من أجل عودتها، واستكمال هزلية «التطبيع» مع العدو الصهيوني من دول المنطقة التي بدأها ترامب بمهرجان «صفقة القرن» وأكملها بايدن بطبول «اتفاقات أبراهام»، بل حتى أن الجدار الحدودي الأمريكي-المكسيكي لا يزال قيد البناء وفقاً لما أعلنه حاكم ولاية تكساس مؤخراً، وفيما يخص كورونا مثلاً، أعلن بايدن ببساطة: أوميكرون سينتشر كثيراً في الولايات المتحدة الأمريكية، وانتهى.
ويتعرض جو بايدن لانتقاداتٍ من مواليه أنفسهم، ولحملة متصاعدة من أعضاء الكونغرس، سواء عن كل ما سبق في المسائل الخارجية إضافةً لما يتعلق بسياسة إدارته مع الصين وتايوان، أو بالقمة التي جمعته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، أو فيما يخص السياسات الداخلية.
لنذكّر مرة أخرى، أن ترامب وبايدن، ديمقراطيون وجمهوريون، وجهان لعملةٍ واحدةٍ تهوي عن المسرح العالمي بشكلٍ موضوعيّ، بيد أن كل فَرْق ترامب عن بايدن هو وضوحه ومباشرته: علينا أن نَنكفئ! ليصطدم جمهور ما يسمى بـ «تيار الصقور» بعد وصول بايدن بأنَّ قدرةَ البلاد على المواجهة والمناورة والفرض ونشر «الديمقراطية» عالمياً، تخضعُ لحكم المعادلات الاقتصادية والعسكرية والسياسية أولاً قبل أي أمرٍ إرادويّ ما بين هذا أو ذاك، وأنّ التاريخ قد حَكم بالضرورة على تراجع الولايات المتحدة عن وزنها العالمي السابق بشكلٍ أكيد، مع وجود احتمال انهيارها وانقسامها هي نفسها أيضاً.
إثر هذه المجريات والنتائج، بدأ يُتحفنا الإعلام الأمريكي بهمسات تصدر هنا وهناك تُشكِّك بصحة بايدن العقلية، وقدرته على اتخاذ القرارات السياسية وإدارة القوة الأمريكية عالمياً، لتقول زوجة الرئيس، جيل، جواباً على سؤال حول صحة بايدن العقلية: أعتقد أنّ هذا الأمر سخيف.
وهو سخيفٌ بكل تأكيد، ليس دفاعاً عن بايدن بالطبع، إنما لابتذال الطرح وتكرار هذه الهزليات الإعلامية الأمريكية التقليدية، التي تهدف لأمرٍ واحد: «أمريكا قوية، ولكن رؤسائها مجانين!».
حقيقة الأمر أنّ مجمل المنظومة الأمريكية تمرّ بمرحلة تخبطٍ وجنون، فمع تعمق الأزمة وشمولها، لم يعد السياسيون الأمريكيون، أياً كانوا، قادرين على إبداع حلول لأصغر المشاكل الماثلة أمامهم، على المستويين الداخلي والخارجي، وسيُستَبدل مستقبلاً رؤساء مجانين كثر بعد بايدن من وجهة النظر السياسيين والإعلام الأمريكي، وقد لا يكمل بعضهم ولايته أصلاً خوفاً على البلاد من تأثيراتهم عليها، وصولاً لأن تصبح الولايات المتحدة الأمريكية قوّة محلّية ضيقة بجنون عظمة مزمن!