عباس يتراجع عن قرار عدم التمديد للمفاوضات متذرعا بغطاء عربي..
ان يقف جون كيري وزير الخارجية الامريكي امام الكونغرس ويحمل اسرائيل المسؤولية عن تأزم المفاوضات الجارية حاليا بين السلطة والاسرائيليين فهذه خطوة لا يمكن، بل لا يجب التقليل من اهميتها خاصة ان الرجل ربط بين عدم الافراج عن الدفعة الاخيرة من الاسرى الفلسطينيين وطرح الحكومة الاسرائيلية عطاءات ببناء 700 وحدة استيطانية في مستوطنة جيلو في القدس المحتلة.
ما هو اهم من خطاب كيري هذا البيان الذي اصدره امس ستة من المسؤولين الامريكيين السابقين الكبار يتزعمهم زبيغنو بيرجنسكي مستشار الامن الامريكي الاسبق، ومن بينهم فرانك كارلوتشي (وزير الدفاع الاسبق)، لي هاملتون (رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس) كارلا هيلز (وزير التجارة) توماس بيكرنغ (وكيل وزارة الخارجية) وهنري سيغمان (رئيس مشروع الشرق الاوسط الامريكي).
في هذا البيان طالب هؤلاء الستة كيري بوقف مفاوضات السلام حتى تلتزم اسرائيل بالقانون الدولي وبنوده، وعارضوا الاعتراف باسرائيل دولة يهودية، واكدوا على حق الفلسطينيين بالتمسك برؤيتهم التاريخية وحثوا الادارة على الابتعاد عن هذه المسألة، واكدوا على ضرورة وقف الاستيطان وسرقة الاراضي، ورفضوا التبريرات الامنية الاسرائيلية للاحتفاظ بغور الاردن.
المشكلة انه في الوقت الذي يضيق العالم ذرعا بالمفاوضات العبثية ويطالبون بوقفها ويحملون اسرائيل المسؤولية، نشاهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس يذهب الى الجامعة العربية في القاهرة ويطالب وزراء خارجيتها بدعم خطواته في التمديد للمفاوضات رضوخا للضغوط الامريكية والتهديدات الاسرائيلية.
ندرك جيدا ان الوضع العربي سيىء للغاية، والقضية الفلسطينية تدنت على جدول الاهتمامات العربية، مثلما ندرك خروج العراق من المعادلة، وانشغال سورية في حرب دموية من اجل السلطة، ووقوف مصر على اعتاب مرحلة صعبة بسبب الصراع الداخلي وقرب موعد انتخابات رئاسية قد لا تقود الى الاستقرار المأمول.
ندرك كل هذه وما هو اكثر منه، ولكن هذا لا يعني ان يستمر الرئيس الفلسطيني في المفاوضات ويخرج اسرائيل وحكومتها من حالة العزلة التي تعيشها حاليا على المستوى الدولي.
توقيع طلبات الانضمام الى 15 معاهدة ومنظمة دولية من بين حوالي سبعين منظمة ومعاهدة خطوة غير مقنعة، ومناورة مكشوفة لن تخيف الاسرائيليين، لانهم يدركون جيدا طبيعتها، ولو كان الرئيس عباس جادا لوقع طلبات الانضمام لجميع هذه المنظمات قبل عام، ولما قبل العودة الى مائدة المفاوضات مقابل ثمن زهيد جدا وهو الافراج عن 104 اسير فلسطني معظمهم انتهت مدة حكمه او اوشكت، ولو تمت استشارة هؤلاء الواردة اسمائهم في قوائم الافراج لرفضوا ان يستخدموا للتغطية على خطوة فلسطينية لاظهار حكومة نتنياهو بمظهر الحكومة الراغبة في السلام، وتبيض صورتها عالميا.
لم يخدعنا الرئيس عباس مطلقا بمواقفه غير الجدية وتهديداته الفارغة التي سرعان ما يتراجع عنها بطريقة مهينة ومخجلة، والشعب الفلسطيني يجب ان يقول كلمته، ويتظاهر امام مكتبه مطالبا بوقف التنسيق الامني وحل السلطة، والعودة الى كل اساليب مقاومة الاحتلال وما اكثرها.
الثورة الفلسطينية عندما انطلقت في صورتها الحديثة في الاول من يناير عام 1965 بقيادة مجموعة من الشباب الفلسطينيين الوطنيين لم يكن الوضع العربي جيدا او مؤيدا وعندما بلغت هذه الثورة ذروتها بعد هزيمة عام 1967 لم يقل قادتها ان الامة مهزومة، وليس هذا الوقت المناسب للنضال والمقاومة.
الرئيس عباس يقف حجر عثرة في طريق اي عمل فلسطيني مقاوم للاحتلال، مثلما يقف حجر عثرة في وجه اي قيادة فلسطينية جديدة يمكن ان تقود هذا العمل، وهنا تكمن خطورة استمراره وحده كصاحب الكلمة الاولى والاخيرة في القرار الفلسطيني.
المصدر: راي اليوم