لماذا الأفغان فقراء بعد عشرين عاماً من الرأسمالية المكثفة؟
فيخاي بارشاد فيخاي بارشاد

لماذا الأفغان فقراء بعد عشرين عاماً من الرأسمالية المكثفة؟

في 25 أيلول قال وزير الاقتصاد الأفغاني قارئ الدين محمد حنيف بأنّ حكومته لا تريد «مساعدة وتعاون العالم مثلما كانت الحال مع الحكومة السابقة. النظام القديم كان مدعوماً من المجتمع الدولي لمدّة عشرين عاماً، لكنّه استمرّ بالفشل».

ترجمة: قاسيون

كان حنيف محقاً بالإشارة إلى أنّ حكومتي الرئيسين كارزاي وغاني «ما بين 2001 و2021»، ورغم تلقيهما لمليارات الدولارات كمعونات اقتصادية، فشلتا في تلبية الحاجات الأساسية للشعب الأفغاني.

في نهاية حكمهما – أي 20 عاماً من الاحتلال الأمريكي – هناك 1 من كلّ 3 أشخاص يواجه الجوع. وهناك 72% من الشعب يترنّح تحت خطّ الفقر، و65% من الناس ليس لديهم أيّ قدرة للوصول إلى الكهرباء.

لا يمكن لأيّ ضجيج تصدره العواصم الغربية أن يخفي الحقيقة الواضحة التي مفادها أنّ الدعم الذي قدمه «المجتمع الدولي» لم يؤدّ فعلياً إلى أيّ تنمية اقتصادية أو اجتماعية في البلاد.

 

شمال انطلق منه الأمريكيون، لكن فقير

الوزير حنيف قادم من أقاليم الشمال الشرقي في أفغانستان، من منطقة باداخشان التي كانت أول قاعدة تحرّك منها تحالف الأطلسي تحت غطاء جوي أمريكي لشنّ الهجوم ضدّ طالبان في 2001.

لكنّ طالبان دخلت بسهولة إلى المنطقة، وكما علّق أحد المسؤولين السابقين في حكومة كارزاي، والذي يعيش في فايز-أباد عاصمة الإقليم: «لماذا سندافع عن حكومة كابول وهي التي لم تفعل شيئاً لأجلنا؟».

كما لاحظ أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكيين، فالأموال التي كانت تأتي من وكالة المساعدات الأمريكية USAID «كانت تذهب ناحية برامج تعزيز الاستقرار قصيرة الأمد، وذلك بدلاً من مشاريع التنمية طويلة الأمد».

في 2014 أعلن حاجي عبد الودود، حاكم مقاطعة أرغو في باداخشان: «لا أحد أعطانا المال لننفقه على مشاريع التنمية. ليس لدينا موارد لننفقها على مقاطعتنا، إقليمنا ناءٍ ولا يجذب الكثير من الانتباه».

عانت باداخشان والمناطق المجاورة لها من فقر شديد، حيث تجاوز معدلات الفقر المدقع 60%. المثير للسخرية أنّ باداخشان، ولآلاف الأعوام، كانت موطناً لاستخراج الأحجار الكريمة مثل اللازورد.

في 2010، قدّر تقرير للجيش الأمريكي أنّ هناك ما قيمته 1 ترليون دولار على الأقل من المعادن في أفغانستان. في ذلك العام علّق وحيد الله شهراني، وزير المناجم في حينه، بأنّ الأرقام الحقيقية قد تكون ثلاثة أضعاف تقديرات الجيش الأمريكي.

لكن بقي الشمال مفقراً رغم ذلك.

 

لصوص الشمال

مع مساهمة إنتاج الأفيون بجزء كبير من الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان، فغالباً ما يكون محوراً للتغطية الإعلامية العالمية عن اقتصاد البلاد، خاصة وأنّه موّل بشكل جزئي الحروب السيئة التي عصفت بالبلاد على مدى الأعوام العديدة الماضية.

لكن رغم ذلك، فحجارة باداخشان الكريمة قد موّلت فصيل «الجمعية الإسلامية» لأحمد شاه مسعود في الثمانينيات. في 1992 أصبح مسعود هو وزير الدفاع في كابول، وقام بعقد تحالف مع الشركة البولندية «Intercommerce» لبيع الأحجار الكريمة بقيمة تقدّر بـ 200 مليون دولار سنوياً.

وعندما طرد طالبان أحمد شاه مسعود من كابول، عاد إلى وادي بنجشير واستخدم أحجار الإقليم الكريمة لتمويل مقاومة طالبان.

ثم بعد قصف التحالف الأطلسي للمنطقة، بما في ذلك لفصيل مسعود المناوئ لطالبان، أصبحت المناجم ملكاً لأتباع التحالف أمثال زلماي مجاديدي.

ثمّ في 2012 كشف وزير المناجم عن الحجم الهائل للفساد في صفقات مناجم الأحجار الكريمة، وكان قد ذكره قبلاً بشكل واضح وتفصيلي في تقريره الذي قدمه إلى السفارة الأمريكية في 2009. كان الوزير شهراني يحاول تحرير المناجم من الفساد، لكن تمّ حبسه من قبل المحكمة الأفغانية العليا بالسجن لمدّة 13 عام بتهمة إساءة استخدام السلطة.

سبب فشل شهراني هو وجود كيانات دوليّة قويّة أرادت الاستمرار بالسيطرة على مناجم الذهب والنحاس والأحجار الكريمة الأفغانية، أمثال شركة «Centar» البريطانية، والملياردير البولندي يان كولشيك، والذين عقدوا تحالفاً مع «شركة المعادن والذهب الأفغاني» التي يرأسها وزير التنمية المدنية السابق سادات ناديري.

 

ماذا أمام طالبان؟

تبدو مهمّة حنيف مستحيلة، فصندوق النقد الدولي أوقف تمويل أفغانستان، وحكومة الولايات المتحدة حظرت وصول الحكومة إلى قرابة الـ 10 مليار دولار التي تملكها أفغانستان كاحتياطيات في الولايات المتحدة. ورغم دخول بعض منظمات المساعدة الإنسانية إلى البلاد، فلن تكون كافية.

كما قال مسؤولون من البنك المركزي الأفغاني، فالحكومة الجديدة لديها خيارات محدودة وصعبة فيما يخصّ ثروات المناجم، فلم يتمّ التأسيس لسيطرة مؤسساتية على ثروة المناجم، والصفقات التي تمّ إبرامها من قبل الحكومات السابقة هدفت لانتفاع أفراد قلائل وليس البلد ككل.

الحلّ الوحيد اليوم أمام الحكومة الأفغانية هو إطلاق عمليات جذرية. فرغم أنّ حنيف لم يقل ذلك مباشرة، فقد قال مسؤولو البنك المركزي بشكل صريح: دون قيام أفغانستان بإعادة السيطرة على مواردها، الأمر الذي فشلت الحكومة الماضية بالقيام به على مدى عقدين، لن تكون البلاد قادرة على تحسين مستوى معيشة مواطنيها.

 

بتصرّف عن: Impoverished Afghans live amid enormous riches

معلومات إضافية

ترجمة:
قاسيون