أيهما أسرع: الاتفاق النووي أم إيران النووية؟
سعد خطار سعد خطار

أيهما أسرع: الاتفاق النووي أم إيران النووية؟

ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنه بعد أن نجحت طهران في تخصيب الوقود النووي بنسبة نقاء 60%، فبإمكانها الآن تغطية «المسافة القصيرة» اللازمة لصناعة القنبلة الأولى «في غضون شهر واحد فقط»، وأن المواد اللازمة لصناعة قنبلتين يمكن أن تكون جاهزة في أقل من ثلاثة أشهر، والثالثة في غضون شهرين فقط.

في أيار العام الجاري، أرسلت الوكالة «تقريراً سرياً» إلى الدول الأعضاء فيها يفيد بأن تحليل العينات البيئية التي أخذت بالقرب من منشأة «نطنز» النووية أظهر مستوى تخصيب يورانيوم بلغ حتى 63%. وذلك بعد أن كانت تعهدات طهران تلزمها بقدرة تخصيب لا تتعدى 3.67% بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب.
ومن جانبه، حذر وزير الحرب «الإسرائيلي»، بيني غانتس، الدبلوماسيين الغربيين قبل أربعة أسابيع من أن إيران على بعد شهرين فقط من تطوير المواد المطلوبة لبناء قدرة نووية.
لكن الحصول على النوع اللازم من الوقود هو جزء من العملية، حيث لا يزال يتعين على الإيرانيين إنتاج رأس حربي يمكن وضعه في صاروخ. ومن المفروض أن يصنع هذا الرأس باستخدام معدن اليورانيوم الذي بدأت إيران في إنتاجه ببطء، فوفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تم إنتاج 200 غرام من هذه المادة بحلول منتصف شهر آب الماضي. أما البحوث المتعلقة بتكنولوجيا القذائف فهي لا تزال مستمرة في إيران حيث لم يشملها الحظر المنصوص عليه في الاتفاق النووي بالأساس.
وكانت مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني توقفت في حزيران الماضي بعد ست جولات غير حاسمة، تم اتهام إيران بعدها بأنها تماطل في التجاوب مع الدعوات لاستئناف المفاوضات، وكان وزير الخارجية الإيراني، أمير حسين عبد اللهيان، صرّح السبت الماضي 2/10/2021 أن بلاده «أبلغت الترويكا الأوروبية في نيويورك بأننا لن نشارك في اجتماع اللجنة الوزارية لمجموعة 4+1 لأننا نقوم حالياً بدراسة الجولات السابقة من المفاوضات، وقلنا إننا سنعود للمفاوضات قريباً وفي الوقت المناسب... رفضنا هذا الاجتماع لأنه كان يقتصر على أخذ الصور التذكارية ولم يكن يخدم مصالح شعبنا». في المقابل، لا ينفك مسؤولو إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، يكررون أن «صبرهم» على مواصلة المحادثات في فيينا «له حدود».
بهذا السياق، قد يكون التعبير الأفضل لوجهة النظر المختلفة لدى طهران هو التوضيح الذي ذكره سابقاً المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، حين أكد أن «المفاوضات في فيينا لا تهدف إلى إصدار نص جديد... بل يضمن اجتماع فيينا تنفيذ الولايات المتحدة الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة... إذا عادت الولايات المتحدة إلى جميع التزاماتها بموجب خطة العمل هذه والقرار 2231 بطريقة تم التحقق منها، فإن إيران ستوافق على مشاركة الولايات المتحدة بهذه الخطة».
بهذا المعنى، من الواضح أن طهران تتصرف على نحوٍ يتناسب مع موازين القوى الدولية الجديدة، حيث تترك للجانب الأمريكي الذي يضطر للانسحاب من المنطقة لتركيز قواه ضد الصين خيارين اثنين: إما العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، بما يعنيه ذلك من رفعٍ لجميع العقوبات عن إيران وليس فقط تلك التي تم فرضها في عهد ترامب (وبالتالي إطلاق العنان للتطور الاقتصادي الكبير الذي ستشهده البلاد نتيجة رفع القيود الاقتصادية عنها)، وإما النظر إلى إيران وهي تتحول ربما في غضون شهور قليلة إلى قوة نووية.
هل لدى طهران النية للقبول بخيار آخر بين هذين الخيارين؟ كأن تقبل بالتفاوض على أساس شروط أفضل بالنسبة لها وطيف أوسع قليلاً من العقوبات التي سيتم رفعها؟ حتى الآن لا يمكن الجزم بذلك تماماً، حيث تكتفي الخارجية الإيرانية بإعلان أنها «لن تكتفي بمجرد الاجتماع، بل يجب أن تأتي الأطراف بنية حقيقية للوصول إلى نتيجة... إيران أبلغت بعض الوسطاء بأنه لو كانت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، جادة في نيتها للعودة إلى الاتفاق فبإمكانها أن تفرج عن 10 مليارات دولار من أرصدة طهران المجمدة».