عندما ينصح الفاشلون الناجحين
جون والش جون والش

عندما ينصح الفاشلون الناجحين

«انتشار متحوّر دلتا مؤخراً في الصين، يظهر أنّ استراتيجيتها لم تعد ملائمة. حان الوقت كي تغيّر مسارها». هذا ما جاء في مقال نشرته صحيفة النيويورك تايمز تحت قسم الآراء التي اختارتها هيئة التحرير في 7 أيلول، لكاتب يدعى يانزونغ هوانغ، وهو عضو رئيسي في مركز أبحاث «مجلس العلاقات الخارجية».

ترجمة: قاسيون

الانتشار الذي قال المقال عنه بأنّه «غيّر قواعد اللعبة» أتى على خلفية الإصابات في مطار نانجينغ الدولي. لكن هل هذا الانتشار غيّر أيّ شيء في الواقع؟

لننظر في الإحصاءات

تعالوا نقوم بشيء بسيط لم يتطرّق له كاتب المقال المثير للسخرية. لننظر إلى الأرقام من 1 حزيران إلى 7 أيلول يوم نشر المقال في النيويورك تايمز، وهي الفترة التي بدأ فيها انتشار متحوّر دلتا بحسب هوانغ.
خلال تلك الفترة شهدت الصين 273 حالة إصابة جديدة، بمعدّل 4 حالات يومياً، دون أيّ وفيات. لا يبدو هذا إخفاقاً ضمن أكثر المقاييس صرامة.
والآن لنرَ الأرقام في الولايات المتحدة في الفترة ذاتها، وهي التي تملك ربع عدد سكان الصين. تمّ الإبلاغ عن 6,560,588 حالة جديدة، أي بمعدل 96,479 حالة يومياً، مع عدد وفيات 45,054، أي بمعدل 662 حالة وفاة يومياً.
يمكننا ملاحظة التباين الهائل نفسه على طول فترة الوباء. منذ بدء انتشار الوباء في ووهان الصينية في كانون الثاني 2020، وحتّى 7 أيلول 2021:
الصين: 95,512 إصابة، و4629 حالة وفاة.
الولايات المتحدة: 40,196,953 إصابة، و648,146 حالة وفاة.
كان هناك حالتا انتشار لمتحوّر دلتا في الصين بشكل سابق: الأولى في غوانغدونغ، والثانية في يوننان بالقرب من الحدود مع ميانمار، قبل أن تظهر الإصابات في نانجينغ. وقد تمّت السيطرة على حالات الانتشار في جميع المناطق، ولا واحدة منها تبيّن بأنّها قد «غيّرت قواعد اللعبة».
خاصّة وأنّ أيّ محاولة لتكذيب الإحصاءات الرسمية الصينية ستبدو فارغة عند الأخذ بالاعتبار الأدلّة النوعية التي تمّ تقديمها، والتي خضعت لتدقيق الأقران في «مجلّة الصحّة» البريطانية. علاوة على تدقيقها من خلال دراسة أجرتها جامعة أكسفورد بالتعاون مع جامعة CDC الصينية، والتي أكّدت جميعها بأنّ الإحصاءات الرسمية شديدة الدقّة.
ربّما الولايات المتحدة هي التي تحتاج إلى «تغيير مسارها».

 ---

هل تُعرِّضُ الصين اقتصادَها للخطر عبر إجراءاتها؟

ستحتاج الصين إلى سبب وجيه للغاية كي تتخلى عن تدابير الصحة العامة التي تتبعها، من إجراء الاختبارات واسع النطاق والسريع، إلى التعقّب، والحجر الصحي عند الضرورة. هل توجد أسباب وجيهة لذلك؟
يرى السيّد هوانغ بأنّ تدابير إنقاذ الأرواح الصينية «تهدد النمو الاقتصادي الشامل في الصين»، لكن هل حقّاً يعلم السيد هوانغ ما يقوله؟
نما الناتج المحلي الإجمالي الصيني بشكل أبطأ من المعتاد في 2020، لكنّ نموّه لا يزال موجباً بنسبة 2.27%، وهو الاقتصاد الرئيسي الوحيد في العالم الذي لم ينكمش. في المقابل، انكمش الاقتصاد الأمريكي بنسبة 3.51%.
الأكثر من ذلك أنّ النمو المتباطئ للاقتصاد الصيني يوازي الاقتصاد الأمريكي في السنوات الأربع التي سبقت الوباء.


ماذا عن المستقبل؟

من المتوقع أن تنتعش الاقتصادات في 2021 من أدنى مستوياتها في 2020، وقد توقعت التنبؤات للصين ارتداداً إلى نسبة 8.4% قبل الاستقرار عند متوسط نمو 6% على مدى الأعوام الخمسة القادمة. للمقارنة، يتم التنبؤ بارتداد نمو الولايات المتحدة إلى 6.4%، ثمّ تنخفض إلى متوسط 1.9% على مدى الأعوام الخمسة التالية.
يبدو أنّ اقتصاد الصين يعمل بشكل جيّد، بل وأفضل من أيّ اقتصاد رئيس آخر في العالم، وأنّ حديث السيد هوانغ لا قيمة واقعية له.
رغم أنّه، ومنذ بداية نجاح الصين في مقارعة كوفيد-19، والإعلام الأمريكي يقابل هذا النجاح إمّا بالصمت أو بتشويه النجاح، فالغرب بحاجة حقاً لاتباع نهج الصين الناجح، خاصة مع الانتشار الجديد لمتحوّر دلتا.

بتصرّف عن: NY Times Advises China on Covid-19: Abandon Success, Try Failure

آخر تعديل على الإثنين, 27 أيلول/سبتمبر 2021 20:59