الحكومة تسحب صفة الحزب عن الشيوعي الألماني!
تحضّر ألمانيا لانتخابات البوندستاغ ( البرلمان الألماني) الذي سينتخب أعضاؤه بدروهم المستشار/ة الألماني الجديد الذي سيحل محل أنجيلا ميركل. يقوم عادة ما يسمى بمدير الانتخابات الاتحادي بدراسة وضع الأحزاب التي لم تمثل في البرلمان في الدورات السابقة، ويتم تحديد فيما إذا كان سيعترف بها وفق قانون الأحزاب الألماني أم لا.
قررت اللجنة الاتحادية الأسبوع الماضي، عدم السماح للحزب الشيوعي الألماني بالمشاركة بالانتخابات، وكذلك سحب صفة الحزب منه، تحت حجج بيروقراطية لا يصدقها إلا كل من لا يريد أن يرى الانتكاس السريع للديمقراطية البرجوزاية الألمانية مع اشتداد الأزمة. يقول المكتب الاتحادي أن سبب المنع هو تقديم الحزب الشيوعي تقارير المحاسبة في مواعيد متأخرة عن الموعد المحدد سنوياً. وكانت "الطبخة" قد اتضحت في دعم اللجنة القانونية لاقتراح مدير الانتخابات، اذ ارتأت أن كل تقرير متأخر عن الموعد هو ليس تقريراً معترفاً به، وأعطي الحزب 4 أيام للاعتراض على القرار.
التفاصيل البيروقراطية التي تحاول الحكومة الألمانية إغراق الناس بها في هذه المسألة ليست هي جوهر الأمر، خاصة بالنظر إلى كيفية تعامل الحكومة مع حالات مشابهة من أحزاب أخرى. فحسب ما وضح الأمين العام للحزب الشيوعي الألماني باتريك كوبيليه فالقرار يعتبر تهديداً للحزب بما يسمى "المنع البارد"، يقول: "نحن الشيوعيين خبرنا هذا الأمر فيما مضى. ففي عام 1933 منع الحزب الشيوعي من قبل الفاشيين، ومنع أيضاً عام 1958 من قبل القضاء في وقت المستشار أديناور. الأمر ليس متعلقاً بالدخول بالانتخابات، لذا ندعو كل القوى الديمقراطية للعمل ضد هذا القرار".
تأتي هذه الخطوة استمراراً لسلسلة من الخطوات التي قامت بها الحكومة الألمانية لخنق المنظمات اليسارية والتقدمية في الفترة الماضية. ففي ظل اشتداد الأزمة الرأسمالية في العالم الغربي، ومع انخفاض قدرة الحكومات الغربية على رشوة المجتمع واضطرارها إلى الهجوم على المكتسبات الاجتماعية للطبقة العاملة لصالح الشركات ورؤوس الأموال، تصبح الأرضية الموضوعية شديدة الخصوبة لميل الناس إلى تنظيم أنفسهم للدفاع عن مكتسباتهم.
لذلك تهاجم الحكومة الألمانية القوى اليسارية وخاصة الشيوعية التي رغم انقساماتها تعود لتمثل شبحاً يحوم في أوروبا، فتسعى الحكومة لتقييد عملها قبل أن يشتد عودها وتجد آليات الوحدة والعمل المشترك ضد رأس المال. فعودة الناس إلى الشارع صارت أمراً لا يمكن إنكاره، خاصة في المراكز الإمبريالية، ليس آخرها نزول مظاهرات بالآلاف في برلين تطالب بتأميم شركات الإسكان الخاصة التي تملك عدداً هائلاً من البيوت وتتحكم بالإيجارات.
أصدرت العديد من المنظمات اليسارية بيانات ودعوات للتضامن مع الحزب الشيوعي الألماني، معتبرة هذا المنع هجوماً عليهم جميعاً كقوى تقدمية ويسارية ومعادية للفاشية. ففي الجلسة التي تقرر فيها منع الحزب الشيوعي الألماني من دخول الانتخابات سُمح فيها بالوقت نفسه لحزبي "الحزب الوطني الديمقراطي الألماني NPD" و"حزب الطريق الثالث" اليمينيين المتطرفين ذوي الفكر النازي الجديد بالمشاركة بالانتخابات.