لماذا عادت المسألة الأوكرانيّة إلى الساحة؟
فيخاي براشاد فيخاي براشاد

لماذا عادت المسألة الأوكرانيّة إلى الساحة؟

في 11 آذار كتب وزير الخارجية الأوكراني تغريدة على تويتر بأنّ حكومته: «وافقت على استراتيجية إزالة الاحتلال وإعادة إدماج القرم»، بما في ذلك ميناء سيفاستوبول على البحر الأسود. مرّر مجلس الدفاع الأوكراني في 24 آذار مرسوماً يفوّض الحكومة اتخاذ ما يلزم لمقارعة روسيا في السيطرة على القرم. كما أطلقت الحكومة الأوكرانية مبادرة منصّة القرم للتنسيق الاستراتيجي مع الولايات المتحدة والناتو للضغط على روسيا من أجل القرم والصراع الدائر في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا.

أولاً:

هذا الدفع الجديد للمسألة ليس أكثر من زيّ تنكري آخر للناتو الذي لم يتوقف يوماً عن التوسع للشرق لحصار روسيا. يتودد الناتو بشدّة إلى أوكرانيا وبيلاروسيا، مع آخر خططه «الناتو 2030» التي تركّز على حصار روسيا بشكل مستفز.

في حزيران 2020 اعترف الناتو بأوكرانيا كشريك محسِّن للفرص، وهو أقرب ما يكون إلى عضوية الناتو. تتدرّب القوات الأوكرانية بشكل كبير مع الناتو، وانضمت له العام الماضي في ثلاث تدريبات عسكرية كبرى. الناتو ومن خلفه الأمريكيون يريدون محاصرة روسيا بشكل أكثر صرامة، واستخدام أوكرانيا كورقة ضغط في أيّ مفاوضات قادمة مع الجانب الروسي.

ثانياً:

وراء الصراع تقبع الشهيّة الأوربية المفتوحة للطاقة وخوف الأمريكيين من أن يشبع الروس هذه الشهيّة. كنتيجة للأعمال الأمريكية في العقدين الماضيين، خسر الاتحاد الأوربي ثلاثة مصادر رئيسية للطاقة: إيران وليبيا وروسيا. وبعد أن تحولت أوكرانيا إلى نقطة ساخنة، شرع المستثمرون الروس ببناء خطّ أنابيب تحت بحر البلطيق لوصل حقول النفط الروسية بألمانيا. بدأ بناء خطَّي الأنابيب: السيل الشمالي 1 و2 قبل نشوب النزاع في شرق أوكرانيا وقبل أن تنضمَّ القرم إلى روسيا رسمياً.

بعد الترحيب الألماني بمشاريع الأنابيب التي ستؤمن وصول الغاز إلى أوروبا بشكل دائم، بدأت الولايات المتحدة بفرض عقوبات متصاعدة على كلّ من يشترك في المشروع. وكما قال مدير المشروع بأنّ الأسطول الذي يبني السيل الشمالي 2: «كان هدفاً للاستفزازات المستمرّة من القوارب المدنية والعسكرية».

السيل الشمالي 2 اكتمل بنسبة 95% ومن المقرر أن ينتهي في أيلول 2021. ففشل الولايات المتحدة في العودة إلى الصفقة الإيرانية والأزمة المستمرة في ليبيا يجعل السيل الشمالي 2 أساسياً لاستراتيجية الطاقة الأوربية، وهو ما يثير انتباه الأمريكيين للاستعجال في محاولة تأخيره بهدف عزل روسيا.

ثالثاً:

لا وجود لبلد متجانس ثقافياً. أوكرانيا لديها عدد كبير من السكان ذوي الجذور الثقافية المختلفة، من روس وبيلاروس وهنغار وبلغار وغيرهم. الناتو والولايات المتحدة متحالفان مع القوميين والفاشيين الأوكرانيين، وهم الذين أصدروا في عهد الرئيس بوروشنكو قانوناً يعيق تدريس لغات الأقليات في مدارس البلاد. كان الهدف هو نزع الطابع الروسي عن السكان، لكنّه أيضاً أثّر على الأقليات الأصغر في البلاد، ولهذا قدمت بلغاريا واليونان وهنغاريا ورومانيا شكاوى بذلك إلى مجلس أوروبا.

وكما أعلن وزير الخارجية الهنغاري في أواخر 2020، فبلاده ستدافع عن الأقلية الهنغارية في جميع المنتديات الدولية... وبأنّ أوكرانيا ليست عضواً في الناتو ولكنّها شنّت هجوماً على أقليّة من دولة عضو في الناتو.

يبدو أنّ خطّة تهييج الحدود الأوكرانية-الروسية لم تتم معايرتها بعناية لتلائم أعضاء الناتو الآخرين، لكن من وجهة نظر أخرى قد تقرأ الأمر بوصفه حالة تجييش وتحريض وتوتير يهدف لإيصال الأمور إلى حالة فوضى كبيرة، وهذا سبب آخر يدفع بالأمريكيين لإعادة الجبهة الأوكرانية إلى الواجهة.

بتصرّف عن: https://mronline.org/2021/04/08/why-ukraines-borders-are-back-at-the-center-of-geopolitics/

معلومات إضافية

ترجمة:
قاسيون
آخر تعديل على الثلاثاء, 13 نيسان/أبريل 2021 12:36