ألا يتوقف القادة البولنديون عن التهريج؟
مارتين سيف مارتين سيف

ألا يتوقف القادة البولنديون عن التهريج؟

ألا يتعلم قادة بولندا الدروس على الإطلاق؟ في 1939 جعلوا دمارهم على يد النازيين والحرب العالمية الثانية أمراً حتمياً عبر رفضهم للشيء الوحيد الذي كان لينقذهم: تحالف عسكري مع الاتحاد السوفييتي كانت موسكو مستعدة لعقده. إنّهم اليوم يهللون ويدعون الغرب لمواجهة نووية مع روسيا قد تدمرهم قبل أن تدمر واشنطن ونيويورك ولندن وباريس.

خاصة أنّ جيشهم اليوم هو مجرّد مهزلة، تماماً كما كان في 1939.

كما وثّق الدبلوماسي الكندي باتريك أرمسترونغ، فقادة الجيش والسياسة البولنديين – الراغبون بسخافة أن يبهروا واشنطن ويحثّوا الولايات المتحدة على مواجهة نووية كارثية مع روسيا – عرضوا بلهفة أن تقوم ما يدّعون بأنّها وحدات النخبة لديهم، بمهاجمة الأرض/الجيب الروسية كالينينغراد. وبالنسبة لروسيا فإنّ كالينينغراد بالغة الأهميّة: فهي تحمي الطريق إلى سانت بترسبورغ، المعروفة سابقاً بلينينغراد التي حاصرها الجيش النازي وذبح الملايين فيها عام 1941.

البولنديون مصابون بعدوى الناتو في القرن الحادي والعشرين، وهي عدوى الادعاءات المتكررة بأنّ جيشهم «محترف» و«كفؤ» و«جاد»، بينما الوقائع من أوكرانيا إلى أفغانستان تثبت أنّهم مجرّد مهرِّجين فارغين.

يستمر البولنديون بالقول بأنّه عندما يحين الوقت «وإن كان ذلك سيؤتي ثماره، سنكون مستعدين للتنفيذ... ستشارك أفضل الوحدات العسكرية البولندية التي يبلغ قوامها 30 ألف جندي لتأخذ دورها في هجوم سريع».

لكن إذا ما أردنا أن نبقى في العالم الواقعي، فليس علينا أكثر من تفحّص نتائج «تدريبات الشتاء العسكرية الافتراضية» التي أجراها الناتو في 2020. لقد انتهت بهزيمة كلية للقوات البولندية: ففي اليوم الخامس من الحرب الافتراضية، وصل العدو إلى ضفاف نهر فيستولا وحاصر وارسو».

التقييمات الخاصة بالناتو والبولنديين هي من كشفت عن أوهامهم. ولمن تابع ما حدث، فالأمر يشبه الـ«ديجا فو» (تكرار رؤية مسبقة)، فقد حدث السيناريو ذاته قبل 80 عاماً.

كما كتبت المؤرخة الأمريكية الممتازة جين سميث عن اندلاع الحرب العالمية الثانية: «الصيف المظلم»، رفضت الحكومة البولندية في ذلك الوقت وبشكل قاطع كلّ جهد «فاتر» من قبل الحكومتين البريطانية والفرنسية للتفاوض على تحالف دفاعي مع الاتحاد السوفييتي ضدّ ألمانيا النازية.

وكما وضّح المؤرخ البريطاني بول جونسون في عمله «الأوقات المعاصرة»، فقد كان يحكم بولندا في 1939 طغمة عسكرية عنصرية مارست سياسات التفريق العنصري المتطرفة ضدّ مواطنيها من الروس والأوكرانيين.

كان القائد السوفييتي ستالين راغباً في عقد هذا التحالف. لكنّ قائد البولنديين الكولونيل جوزيف بيك كان مهرجاً أحمق يعتبر نفسه عبقرياً، وكان الجنرالات البولنديون حمقى مثله. فمن دون أيّ جنود محترفين أو عتاد عصريّ يعتمد عليه، كانوا يتخيلون بأنّهم قادرون على الزحف على برلين واحتلالها خلال بضعة أسابيع، في الوقت الذي تقوم خيالتهم فيه بطرق أبواب موسكو.

لكنّ ثمن هذا الغباء دفعه الشعب البولندي. فمن بين 30 مليون بولندي، ذبح النازيون ستّة ملايين. وعلى الأقل 87% من يهود بولندا أبادهم النازيون الأمر نفسه حدث أيضاً للبولنديين من أصول روسية أو البولنديين الغجر (وذلك من ضمن العديد من البشر من مختلف القوميات والانتماءات الذين أبادهم النازيّون وخاصّةً قتل ملايين الشيوعيّين منهم أو من كان النازيّون يشتبهون بأن له ميولاً شيوعية).

كان بالإمكان تجنّب هذا لو أدرك القادة البولنديون بأنّ الاتحاد السوفييتي هو القوة العسكرية المهيمنة في وسط آسيا وشرقي أوروبا، وبأنّ التحالف معهم كان لازماً لاستقرار وسلام أوروبا. يشبه هذا ما يحدث اليوم، مع اختلاف الأسماء وحسب.

اليوم هناك جيل جديد من «الوطنيين» و«الاستراتيجيين» البولنديين، والذين يكتسبون شجاعتهم من المهرجين السياسيين في واشنطن وبروكسل، وهم يطمحون بحق لإثارة الحرب بين روسيا والغرب.

على قادة البولنديين، ومن خلفهم الولايات المتحدة والبريطانيين أن ينضجوا بسرعة، وإلّا فسيبقون محاصرين ضمن كلمات خطابهم الطفولي.

بتصرّف عن: Can Poland’s Leaders Never Learn?

معلومات إضافية

ترجمة:
قاسيون
آخر تعديل على الجمعة, 26 آذار/مارس 2021 17:24