انتصارات اليسار اللاتيني تزيد التحديات أمامه
تقف الإكوادور اليوم على مفترق طرقٍ حاسم في حياة البلاد، فبعد فوز مرشح حزب «الاتحاد من أجل الأمل – UNES» للانتخابات الرئاسية، آندري أراوز، بـ32.71% من الأصوات، وبالنظر إلى أن دستور البلاد يشترط حصول المرشح الفائز على 40% من الأصوات، فإننا أمام جولة ثانية ستعقد في 11 نيسان القادم، وستجمع أراوز إلى جانب أحد المرشحين المصرفي جيريلمو لاسو، وياكو بيريز عن السكان الأصليين، وكلاهما مدعوم من الولايات المتحدة، في انتخابات تميل كفتها بشكلٍ واضح لمصلحة اليساري أراوز الذي لا ينفكّ يحذّر من خطر تدخل الرئيس الحالي لينين مورينو في الانتخابات المقبلة، وهو الذي نجح في الانتخابات الرئاسية الماضية عن الحزب الاشتراكي قبل أن يتبين أنه اختراق أمريكي في صفوف الحزب.
لم يحسم بعد اسم المرشح الثاني إلى جانب أراوز في الجولة، وذلك لأن المرشحين الآخرين اختلفا حول المركز الثاني ما سيؤدي إلى إعادة فرز 50% من الأصوات في 17 مقاطعة من أصل 24، وهذا ما يثير الشكوك باحتمال اللجوء إلى المماطلة والتعطيل بهدف خلق الأرضية لأزمة حكم في البلاد، غير أن هذا الاحتمال بات صعب التحقق نظراً أن نتائج الجولة الأولى سمحت لـ«الاتحاد من أجل الأمل» أن يصبح أكبر قوة سياسية في الجمعية الوطنية (البرلمان) حيث نال 51 مقعداً من أصل 137.
وفي جميع الحالات، فقد أثبتت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية أن الشعب لا يزال يتطلع إلى السياسات ذات الطابع التقدمي، رافضاً بشكلٍ حاسم أجندة مورينو الليبرالية الجديدة. وهو ما يضع اليسار أمام استحقاق ليس بجديد، وهو ضرورة تجذير الطروحات والبرامج بما يلبي تطلّعات الناس الذين أثبتوا أنهم على استعداد لحماية كل قوة جدية تقف وضوحاً مع مصالحهم العميقة، تماماً كما يجري اليوم في الحالة البوليفية على سبيل المثال.
وسيكون على الرئيس القادم أن يواجه التراث السيء الذي خلَّفه مورينو، حيث عصفت الأزمة الصحية التي سبَّبها فيروس كورونا بالكثير من قدرات البلاد جراء عدم كفاءة حكومته في التعامل معها، إلى جانب انهيار اقتصادي تاريخي لم تشهده البلاد منذ أربعة عقود وخاصة فيما يتعلق بالبطالة والفقر، وفوق ذلك أزمة الثقة بالدولة التي انهارت مصداقيتها عمداً من جانب حكومة مورينو بالنسبة لأبناء بعض المجتمعات المحلية التي تمّ تهميشها خلال السنوات السابقة.
وفي حال فوز أراوز في الانتخابات فسيشكل ذلك فرصة كبيرة لتعزيز التيار التقدمي الشعبي في أمريكا اللاتينية التي تشهد موجة من استعادة اليسار لمواقعه التي كان قد خسرها سابقاً نتيجة التدخلات الأمريكية، وهو ما سيضعه بشكلٍ مباشر في مواجهة الاستحقاق الكبير الذي سيحدد مصيره بشكلٍ نهائي: هل سيكون قادراً على تمثيل الناس ببرنامج جذري يسمح بإعادة بناء المجتمع الإكوادوري الذي لن يحتمل أي خطأ جديد من شاكلة «الخطأ» الذي أوصل مورينو إلى السلطة سابقاً؟