هل من علاقة بين كندا والاحتجاجات في الهند؟!
سلّطت الاحتجاجات الأخيرة في الهند، بغير قصد، الضوء على هذه القضية. خلال الفترة الماضية خرج الفلاحون في الهند في احتجاجات حاشدة ضد محاولة تحرير أسعار المحاصيل.
وفي حين أنّ حكومات بعض الدول الثرية قد أعلنت في الإعلام دعمها للاحتجاجات، مثل ترودو في كندا، فقد أشارت وسائل الإعلام الهندية بأنّ هذه الحكومات لطالما سعت بنشاط إلى تخفيض الحد الأدنى لدعم أسعار محاصيل الفلاحين الصغار في الهند، من خلال منظمة التجارة العالمية. في قصة بعنوان: «مرحباً كندا، دعم ترودو للاحتجاجات الزراعية في الهند يتعارض مع مواقف كندا في منظمة التجارة العالمية»، نشر تقرير لوسيلة إعلام Business today بأنّه خلال الأعوام الأربعة الماضية قامت كندا بإثارة 65 «مسألة» مناهضة لسياسات الهند الزراعية في لجنة منظمة التجارة العالمية للزراعة. ركزت الانتقادات الكندية على «سياسات دعم الأسعار الهندية للمنتجات الزراعية وبرامج الأسهم العامة لأمن الغذاء والسياسات التجارية ذات الصلة».
يذكر أنّ كندا عضو في مجموعة كيرنز للمصدرين الزراعيين في منظمة التجارة العالمية، والتي تهدف «للتفاوض من أجل المزيد من الوصول إلى الأسواق في بلدان مثل الهند». فمن أجل زيادة صادراتها، تقوم هذه الدول الأعضاء بالدفع نحو إلغاء أيّ دعم يحصل عليه المنتجون الزراعيون المحليون الصغار.
ومن خلال منظمة التجارة العالمية أيضاً ترفض حكومات الدول الثرية أيّ محاولة لتشريع المحاصيل والحد من سلطة الشركات الكبرى عليها، حتى لو كان ذلك ضمن دولها. فقد طعنت الدول الثرية مؤخراً في القيود التي فرضها الاتحاد الأوربي على المحاصيل المعدلة وراثياً. ففي تموز 2018 حكمت محكمة العدل الأوربية بوجوب تنظيم المحاصيل المعدلة وراثياً وفقاً لقوانين الاتحاد الأوربي ذات الصلة. وكرد على ذلك قامت الولايات المتحدة وكندا وأستراليا و10 دول أصغر تابعة ومتحالفة معها، بالطعن في تشريعات الاتحاد الأوربي الزراعية أمام منظمة التجارة العالمية. طالبت هذه الدول بوجوب السماح للمنتجات التي تحوي تعديلاً وراثياً منخفض المستوى، حتى لو كانت التشريعات القانونية والصحية في الدول المستقبلة تمنع ذلك.
تغيير الطعام على المستوى الجزيئي والتعديل الجيني يستخدم لتغيير طعم أو نسيج المحاصيل. الشركات الزراعية الكبرى مثل مونسانتو/باير تدفع قدماً نحو التعديل الجيني الجزئي من أجل إحكام سيطرتها على توريد الغذاء العالمي. لكن هناك الكثير من الأسئلة التي لم يجيبوا عنها عن التأثيرات طويلة المدى للمحاصيل المعدلة وراثياً على صحة البشر والبيئة.
قبل أن يضرب الوباء، نسقت الدول الثرية مساعيها «لإصلاح» منظمة التجارة العالمية بحيث تعزز اللامساواة العالمية، وحشدت الدول المتحالفة معها. في تشرين الأول 2018، قام وزير التجارة الدولية الكندي بالدعوة لحلف مكون من 13 عضو في منظمة التجارة العالمية «اليابان وأستراليا والبرازيل وتشيلي وكينيا والمكسيك وسنغافورة ونيوزلندا وكوريا الجنوبية والنرويج وسويسرا والاتحاد الأوربي». التقت المجموعة في أوتاوا وسط التوترات التجارية المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين بهدف الاتفاق على مبادرة تعرض لاحقاً على بقية أعضاء منظمة التجارة.
انتقدت الدول الفقيرة وعلى رأسها المجموعة الإفريقية في منظمة التجارة العالمية، على لسان رئيسها خافيير كريم، الخطة التي تعدها هذه الدول بالقول: «عندما ننظر إلى هذه المقترحات يمكننا أن نرى بأنها ستجعل عدم التوازن الموجود أسوأ حتى... إنّها ستصعب الأمر على الدول النامية كي تتقدم». على الدول الإفريقية أن تسعى نحو مساحة سياسية أكبر للتحول للتصنيع وإصلاح تشوهات التجارة الزراعية.
لكنّ الدول الثرية لا يمكنها قبول ذلك ببساطة، فهي متحالفة مع مصالح الأعمال الكبرى الثرية بالفعل.
بتصرّف: Canada is choosing corporate property rights over the health of billions