ذكاء جديد ومحظي كبير
بعد النجاح منقطع النظير لتطبيق الذكاء على المحروقات والخبز والمواد التموينية، بشرتنا الحكومة بمشروع ذكي جديد سيطبق على عدادات الكهرباء.
فقد تداولت بعض وسائل الإعلام، نقلاً عن مصدر في وزارة الكهرباء، أن الوزارة "تتجه حالياً لاعتماد مشروع العدادات الذكية، والتي سيتم تجريبها قريباً في إحدى المدن التابعة لمحافظة ريف دمشق، وذلك بهدف تجاوز العقبات التي تصيب الشبكة الكهربائية السورية".
لن نستبق الأمور بالحكم على المشروع الجديد، ومدى ذكائه الفعلي في حيز التطبيق، لكن سنبدأ بما رشح من ذكاء رقمي على هامشه قبل أن يبدأ.
فحسب ما رشح عن المصدر: "المشروع في مرحلته التجريبية الأولى سيكلف ١٥٠ مليون ليرة، أما التكلفة الإجمالية للمشروع في حال تم تعميمه فستصل إلى حدود 70 مليون دولار".
وهنا لابد من تسجيل نقطة ذكاء أولى لمصلحة المحظي الذي سيتم عبره استيراد العدادات الذكية بهذه التكلفة الإجمالية الكبيرة، باعتبار أن العقوبات تحول دون تمكن الوزارة أو الجهات الحكومية من استيراها مباشرة، وهذا يعني ضمناً هوامش ربح أعلى لمصلحة المستورد، وهذا ليس بجديد أو غريب طبعاً.
نقطة الذكاء الثانية تسجل هنا بخصوص رقم الكلفة الإجمالية نفسه، ٧٠ مليون دولار، حيث يبدو ألا مكان صناعي أو إنتاجي يستثمر به هذا المبلغ الكبييير، بما في ذلك مثلاً صناعة العدادات الذكية نفسها محلياً، وتوطينها، بدلاً من استيرادها.
المعلومة الإضافية التي رشحت عبر المصدر الوزاري، ربطاً مع "العقبات التي تصيب الشبكة الكهربائية السورية"، أن: "الفاقد الكهربائي في البلاد يبلغ حالياً حوالي 600 ميغا تقريباً وهو ما يمكنه أن ينير مدينة كدمشق بأكملها".
من المعروف أن الفاقد الكهربائي له صلة بالشبكة الكهربائية، بسبب سوئها وترهلها ومواصفاتها التي تتراجع وتتردى كفاقد فني من طرف، وبسبب التعدي عليها من طرف آخر.
وهنا نسجل نقطة الذكاء الإضافية التي توجه الأنظار إلى فاقد التعدي على الشبكة دون سواه، بل وتحميله كل كمية الفاقد.
أما الذكاء الكبير فيسجل بخصوص إبعاد رقم الفاقد الكبير هذا عن أعين الرقابة والمتابعة والتفتيش والمحاسبة الجدية، خاصة إذا علمنا أن كمية الفاقد هذه هي من أصل ٣ آلاف ميغا التي يتم توليدها الآن بحسب المصدر، أي نسبة ٢٠% منها، وهي نسبة أكبر من أن يتم اعتبارها فاقداً تحت أي مسمى.
كذلك ربما لابد من تسجيل نقطة الذكاء الأخيرة بخصوص تركيز جهود الوزارة على العدادات الذكية قبل السعي الجدي للتعويض عن نقص التوليد في الطاقة الكهربائية، فبحسب ما نقل عن المصدر فإن النقص في التوليد يعادل ٧ آلاف ميغا عما كانت عليه قبل ٢٠١١.
فهل من يسأل بعد كل ذلك عن أهمية الذكاء في التهرب من المسؤوليات وتمرير الصفقات؟