ما الجديد- القديم الذي يقدمه بلينكن ل"إسرائيل"؟
يبدو أن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن المغرب و"إسرائيل" اتفقا على تطبيع العلاقات بينهما بوساطة أمريكية ليس الحلقة الأخيرة من التنافس بين الإدارتين الأميركيتين الحالية والقادمة في كيفية إدارة الملف الاسرائيلي، رغم أن هذا التنافس لا يعني أن واحداً من السيناريوهين ستكون له الغلبة بل ربما مزيج من الاثنين.
ويبدو جزءاً من هذا الخلاف هو في وقوع اختيار الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن على أنتوني بلينكن لمنصب وزير الخارجية، -الذي لم يكن مفاجئاً- وهومن كان نائباً لوزير الخارجية في عهد باراك أوباما من عام 2015 إلى 2017. حالاً محل ويليام بيرنز إثر تقاعد الأخير.
ومع أن البعض اعتبر تعيينه مؤشراً إلى أن بايدن يريد العودة إلى سياسات أميركية مألوفة يسهل توقُّعها، إلا أن تلك السياسات تتعرض اليوم إلى إحداثيات جديدة بحيث "لا يمكن الاستحمام في ماء النهر نفسه مرتين".
أشار بلينكن وآخرون إلى أن عصر التدخل الأميركي ربما يتلاشى. وبينما رفض بشدة فلسفة ترمب التي يختصرها شعار «أميركا أولاً»، لا يزال كثيرون في مؤسسة السياسة الخارجية يتصارعون مع ما سيأتي بعد ذلك. إذ قال بلينكن في مقال مشترك كتبه العام الماضي مع روبرت كايغان (من معهد بروكينغز): «الحقيقة أنه مهما كان التسامح الذي أبداه معظم الأميركيين تجاه الدور العالمي الذي تبنته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، فإنه بدأ يتلاشى مع انهيار الاتحاد السوفياتي، وما حطمته الحروب في العراق وأفغانستان والأزمة المالية لعام 2008».
وحول "إسرائيل"، قال في 17 حزيران الماضي إن بايدن «لن يربط المساعدة العسكرية لإسرائيل بأشياء مثل الضم أو قرارات أخرى للحكومة الإسرائيلية قد لا نتفق معها»، مشيداً باتفاقات التطبيع التي توسّطت فيها إدارة ترمب بين "إسرائيل" والإمارات العربية والبحرين والسودان.
وكان موقع ميدل إيست آي (Middle East Eye) الإخباري البريطاني قد وصف أنتوني بلينكن مرشح إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن لشغل منصب وزير الخارجية بأنه "مؤيد للدبلوماسية مع إيران" و"داعم قوي لإسرائيل"، وستكون على عاتقه مسؤولية التعاطي مع مشهد جيوسياسي معقد بشكل متزايد في الشرق الأوسط.
ويؤكد الموقع أن بلينكن يشارك نفس وجهة نظر الرئيس المنتخب بأن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل غير قابل للنقاش، ويجب عدم استخدامه وسيلة للتأثير على سياسات الحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
ففي العام 2016 غرد على تويتر قائلا "إذا نظرنا للسنوات الثماني الماضية أشعر بالفخر لخدمة رئيس (باراك أوباما) قدمت إدارته لأمن "إسرائيل" أكثر من أي وقت مضى".
كما أعلن في مايو/أيار الماضي أمام مجموعة مرتبطة بلجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية "إيه آي بي إيه سي" (AIPAC) -وهي أقوى مجموعات الضغط الموالية لإسرائيل في أميركا- أن بايدن ملتزم بتقديم مساعدة عسكرية "غير مشروطة" إلى تل أبيب.
كما تعهد بلينكن -في تصريحات سابقة- بعدم إظهار الخلافات بين إدارة الرئيس المنتخب الجديد بايدن و"إسرائيل" إلى العلن، مما يؤشر -بحسب الموقع- على عكس نهج الرئيس أوباما الذي كان يندد صراحة بالتوسع الاستيطاني الإسرائيلي.
وخلال مشاركته عبر الفيديو في مؤتمر لمنظمة "الغالبية الديمقراطية من أجل إسرائيل"وهي منظمة تابعة للحزب الديمقراطي، قال بلينكن إن "لدى بايدن التزاما عميقا لأمن "إسرائيل" وكان شريكا في الاتصالات مع كل رؤساء الحكومات الإسرائيلية من فترة غولدا مائير، وشارك على الدوام في كل موضوع له تأثير على "إسرائيل"".
وشدد بلينكن على أن بايدن يؤيد حل الدولتين ويؤمن بأن هذه هي الطريقة الوحيدة لضمان مستقبل "إسرائيل" كدولة يهودية، ديموقراطية وآمنة، إلى جانب تحقيق التطلعات المشروعة للفلسطينيين.
وأضاف: "كرئيس، جو بايدن سيحافظ ويعمق التعاون العسكري والاستخباراتي بين الدولتين وسيضمن التفوق العسكري الإسرائيلي. وسيطالب "إسرائيل" والفلسطينيين بعدم اتخاذ خطوات أحادية تمنع العودة لحل الدولتين، وسيجدد الدعم للسلطة الفلسطينية، وسيفتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، وسيقوم بتقديم مساعدات إنسانية واقتصادية للفلسطينيين بموجب قانون تايلور فورس".
وأكد بلينكن ان "الرئيس المنتخب يعارض موضوع الضم" لكنه من جهة أخرى شدد على أن "بايدن سيصر على أن يتوقف الفلسطينيون عن التحريض على العنف والخطوات الأحادية" وذكر أن "الرئيس سيسعى إلى بناء الثقة بين الجانبين، وهذا أمر سيستغرق وقتا، لكن احتمال نجاحه كبير".
وقال إن الولايات المتحدة ستسعى إلى استعادة مكانتها في مؤسسات الأمم المتحدة والتي "ضعفت كثيرا بفترة الرئيس ترامب" وإنها ستستمر بمساندة "إسرائيل" والدفاع عنها، ومع أن واشنطن لن تكون قادرة على منع "أي هجوم من قبل هذه المؤسسات ضد "إسرائيل"" لكنها سترد عليها بقوة.
مما يعني أنها رغبة الإدارة الجديدة في الحفاظ على ما وصل إليه ترامب في مجال التطبيع مع قطع الطريق على كل محاولات حل القضية الفلسطينية وإعادة الملف الفلسطيني إلى البراد.