«إسرائيل» مرتعبة؟
راينر شيا  راينر شيا 

«إسرائيل» مرتعبة؟

 كتب الصحفي راينر شيا مقالاً تناول فيه الهلع الذي يجري حالياً في الكيان الصهيوني بسبب تراجع الدور الأمريكي المهيمن في العالم، وما يجرّه وسيجرّه عليه لدرجة تهديد وجوده العنصري. وأبرز ما جاء في هذا المقال:

 

ترجمة قاسيون

يقول ماو: «جميع الرجعيين نمور من ورق. في الظاهر يبدو الرجعيون مخيفون، لكن في الحقيقة ليسوا بهذه القوّة» ونحن نشهد اليوم تطبيق هذه المقولة فيما يخص «إسرائيل». والخطوات التي يتخذها الفاشي نتنياهو لضمّ الضفّة الغربية ليست أكثر من محاولة فارغة لإظهار قوّة المشروع الصهيوني.

الوجه اليائس لعمليّة الضم يبدو مع ردود الفعل السلبيّة الدوليّة الكثيرة، ما يترك ترامب والبيت الأبيض معزولين في دعمهم لأفعال «إسرائيل». ومن الواضح بأنّ هذه الخطوة ستنتهي بعواقب وخيمة على «إسرائيل». كتبت المعلّقة الأمريكية ترودي روبن: «... الكثير من الخبراء الأمنيين الإسرائيليين يخشون من خطوة نتنياهو». كما سيجعل الأمر أصعب على المدافعين عن «إسرائيل» ليحاججوا بأنّها تسعى للسلام مع فلسطين.

يتساءل البعض: مع كلّ التكاليف المرتفعة لهذه الخطوة، لماذا يصرّ الفاشيون الصهاينة على المضي بها؟ والجواب البسيط: لأنّهم خائفون من انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط.

يقول استراتيجيو الدفاع الإسرائيليون، ومن بينهم مستشار الأمن القومي لنتنياهو: «تتهاوى الهيمنة الأمريكية أمام أعيننا»، ليعبروا عن قلقهم من انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة. تسببت هذه المسألة تحديداً بالكثير من المخاوف بين نخب صناعة القرار الصهاينة.

تواجه «إسرائيل» ارتفاعاً في التحديات الدولية، منها ارتفاع صوت حركة مقاطعة «إسرائيل»، والاحتجاجات الدولية ضدّ أعمال الإبادة التي تقوم بها «إسرائيل»، واكتساب المقاومة الفلسطينية للمزيد من القوة في مواجهة النظام الاستعماري. فكما كتب مايكو بيلد في أواخر 2018: «على كلّ رئيس وزراء إسرائيلي، منذ اللحظة، أن يتيقن بأنّه قد يتوجب عليه بأن يعلن، كما فعل دي كلرك في نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، عن نهاية نظام الفصل العنصري ضدّ الفلسطينيين. فيطلق السجناء الفلسطينيين بدون شروط ويدعو لانتخابات يشارك فيها الجميع، ما سيؤدي لإنشاء حكومة ومجالس تشريعية تمثّل جميع القاطنين بين البحر والنهر...».

يفقد خيار الدولتين بريقه كخيار لم يعد قابلاً للحياة، ويعلو بدلاً عنه خيار دولة واحدة هي فلسطين غير المستعمرة ليكسب شعبية أكبر. ويتصاعد الضغط على الدولة الاستيطانية مع كلّ فظاعة تقوم بها ضدّ الفلسطينيين.

فإذا ما أضفت ضعف السطوة الأمريكية إلى هذه الخلطة، ستحصل على «إسرائيل» تشعر بالمزيد من العزلة. اعترف البنتاغون في 2017 بأنّ النفوذ العالمي للولايات المتحدة في انحسار مستمر، ليخلق هذا الكثير من التطورات غير المحبذة بالنسبة «لإسرائيل». فكما كتبت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»: «... سيستخدم الأعداء المتزايدون من أنقرة إلى إيران، وحلفائهم في حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، الخطوات الحالية ليهددوا سواحل وأرض إسرائيل...».

وحتّى البيت الأبيض يخشى السماح «لإسرائيل» بالمضي في عمليّة الضم، وذلك رغم موقف الإدارة المؤيد للصهيونية. إنّ قيامهم بعملية الضم سيمنحهم أفضليّة مؤقتة، لكنّه سيسرّع انهيار الدولة الاستيطانية-الاستعمارية. يمثل الوضع برمته معضلة بالنسبة لهم، رغم رواية نتنياهو عن أنّ أفعاله ستساعد «إسرائيل».

يعكس هذا المشكلة الرأسمالية الإمبريالية ككل، فمع دفع واشنطن أكثر تجاه حرب باردة مع الروس والصينيين، تصبح أكثر عزلة عالمياً. كلّما تراجعت الإمبريالية الأمريكية، ازداد هجوم «إسرائيل» أكثر، وازداد معه تسريع سقوط الدولة الصهيونية. وكلّما اقتربت نهاية الدولة الصهيونية، سيتقارب الفلسطينيون ليشكلوا جبهة موحدة مناهضة للإمبريالية. سيؤدي هذا إلى المزيد من محاولة لجوء الخاسرين لخيارات العنف والقمع، الأمر الذي سيكشف النمر المصنوع من ورق.

آخر تعديل على الأربعاء, 15 تموز/يوليو 2020 18:22