هل يدافع «حزب العمّال» عن العمّال؟!
منذ بدء أزمة كورونا، فقد أكثر من 650 ألف بريطاني وظائفهم. يتوقع أن يرتفع الرقم بسرعة كبيرة عندما تنتهي الإجازات الممنوحة؛ فالدراسات تشير إلى أنّ الرقم سيصل إلى 4 ملايين وظيفة. وكلّ هذا دون أن نحسب زيادة احتمال وصول موجة ثانية من الفيروس وإغلاق آخر.
شابير لاخا – counterfire.org
ترجمة وإعداد عروة درويش
اليوم، قرابة ربع القوى العاملة البريطانية في إجازة، ويقبضون 80% من أجورهم، وهي النسبة من الأجر التي دعمتها الحكومة. أمّا العاملون لحسابهم، وهم الذين يشكلون 15% من العمّال البريطانيين، فيأخذون 70% من أجرهم فقط، وليسوا مؤهلين لإعانة البطالة إن كانوا يعملون منذ أقلّ من عام. وهناك أكثر من مليون طلب إعانة «الائتمان العام»، وقد يصل الرقم إلى 4 ملايين طلب، وإن استجيب لطلباتهم فإنهم لا يتلقون أكثر من 95 جنيه في الأسبوع.
وبمقابل انخفاض المداخيل، ارتفعت تكاليف البضائع المنزلية والإيجارات وفواتير المرافق أو بقيت على حالها. لم يكن هناك أيّ دعم للمستأجرين، وكلّ ما قيل عن «إيقاف الإخلاء» ليس أكثر من تأجيل له. فآذار ونيسان شهدا رقماً قياسياً في الذين تمّ إخلاؤهم أو الذي تلقوا إشعارات بأنّه سيتم إخلاؤهم حالما استؤنفت إجراءات الإخلاء في آب.
سجّلت شبكات الطعام الخيري زيادة بنسبة 175% على طلبات سلال الغذاء الطارئة. وهناك أكثر من مليون طفل يعتمدون بشكل كامل على قسائم الوجبات التي حاولت الحكومة قصارى جهدها لإلغائها قبل أن تضطر للرضوخ بسبب الحملة الشعبية المضادة.
أين الأثرياء من كلّ هذا؟
في تضادّ حاد لما يعاني منه البريطانيون، ذكرت التقارير زيادة ثروة المليارديرية البريطانيين في شهر حزيران بمقدار 25 مليار جنيه إسترليني. ليس على الأثرياء أن يقلقوا من شيء، لا على رأسمالهم الذي تضمنه البرامج الحكومية، ولا حتّى فيما يخص المرض. فهم يحصلون على الاختبارات قبل الجميع، بل وحتّى قبل طواقم عمل الرعاية الصحية، ويمكنهم في أيّ وقت السفر إلى قصورهم في الريف أو خارج البلاد حتّى للاستشفاء.
وعند الحديث عن زيادة الضرائب على الأثرياء كأدنى حدّ من الإجراءات الممكنة، تقف الحكومة موقفاً واضحاً متذرعة بالخطاب الممجوج عن أنّ الأثرياء ينشئون الوظائف أو الثروة، الخطاب الذي بيّنت العقود الماضية مدى زيفه وخطئه.
لكنّ الأكثر إزعاجاً من خطاب الحكومة المحافظة، هو خطاب زعماء «حزب العمّال»، أمثال رئيسه كير ستارمر ومستشارته في حكومة الظل «حكومة الظل في بريطانيا مؤسسة رسميّة تتشكّل من المعارضة، وتحصل على تمويل من الدولة». فهؤلاء يتهربون من المطالبة بضرائب أعلى على الأثرياء، رغم عهودهم الانتخابية بزيادة الضرائب بنسبة 5% على المداخيل المرتفعة. بل وكما صرحت النائبة عن «حزب العمال» ريتشل ريفز فيما يسمونه «المعارضة البناءة»، بأنّ حزب العمّال سيأخذ بالاعتبار اقتراح ضريبة على الثروة إذا ما تقدمت به الحكومة.
في واقع الأمر، لا يجب أن تقتصر المطالبات العمّالية على زيادة ضريبة الثروة، فقد رأينا خلال الوباء كيف أنّ زيادة الإنفاق الحكومي لا تترجم في الواقع إلى نفع العمّال. تذهب معظم الكتلة التي تنفقها الحكومة لصالح قطّاع الأعمال، بل وحتّى المبلغ المالي الإضافي المخصص لخدمة الرعاية الصحية ذهب لصالح شركات الصحّة الخاصة.
مطالب العمّال لا يمكن أن تختصرها زيادة الضرائب على الأثرياء، بل يجب أن تصل لإلغاء الديون والإيجارات، وزيادة الأجور وعدم اقتطاع الإجازات، وكذلك إعانات الائتمان العام. لكن يصعب على الناس أن يصدقوا مجموعة يفترض بها الدفاع عن حقوقهم، وهي غير قادرة على فرض زيادة هامشية في الضرائب على الأثرياء، في أنها ستقاتل الحكومة التي تتجه بشكل حتمي لتحميل العمّال تكاليف الأزمة.
بتصرّف عن: A wealth tax is a bare minimum, why is Labour not demanding it?