الأولوية للبنتاغون والعسكرة
وصلت موازنة الأمن القومي الأمريكية عام 2017 إلى ترليون دولار. وفي عام 2019 وصلت إلى 1.2 ترليون دولار، حصّة البنتاغون منها قرابة ترليون دولار بما يسميه البعض تندراً: «السرقة على الطريق السريع – التشليح». وأثناء الشهور الصعبة التي خسر الكثير من الأمريكيين فيها، حقق البنتاغون وعمالقة صناعة السلاح ما يجعل شهور الوباء أوقاتاً سعيدة عليهم، وهو ما يجب أن يشكل فضيحة.
◘بقلم: ماندي سميثبيرغر – ترجمة وإعداد قاسيون
كلّ شيء لخدمة مجمّع الصناعات العسكرية
شهراً بعد آخر، تصبح تكاليف السلاح والنفقات العسكرية الأخرى أعلى وتزداد معها تخمة المتعاقدين مع وزارة الدفاع الأمريكية، وذلك في الوقت الذي يتم فيه حرمان القطاع العام من التمويل. يحدث هذا برعاية الكونغرس وكلا الحزبين اللذين يدافعان عن الاستمرار في تمويل صفقات صانعي الأسلحة الكبار، الأمر الذي سيسحب التمويل من وكالات أخرى لديها ما يؤهلها لتأخذ الريادة في مواجهة الأزمة.
حاز هذا الأمر مؤخراً على اهتمام البعض. اقترح السيناتور رو خانا كمثال بأن يتمّ تحويل الأموال من مشروع «تحديث» الصواريخ الباليستية الدولية غير الضرورية، إلى أبحاث الكورونا واللقاحات ضده. ومضى السيناتور برني ساندرز إلى اقتراح تخفيض ميزانية البنتاغون بقدر 10%. ومضت السيناتورة باربرا لي، وهي الوحيدة التي صوتت ضدّ القرار الذي قاد لغزو أفغانستان، أبعد بكثير باقتراحها خصم 350 مليار دولار من ميزانية وزارة الدفاع.
لكنّها ليست أكثر من أصوات مخنوقة. ففي الواقع لا يمكننا مهما تحدثنا أن نبالغ بمدى قوة لجان الكونغرس التي تشرف على مثل هذا النوع من الإنفاق، وهي اللجان المدينة والواقعة ضمن تأثير متعاقدي وزارة الدفاع. فكما أعلن تقريرٌ نُشر العام الماضي، فأعضاء لجان الدفاع، وحتّى أعضاء لجان الشؤون الخارجية التي يجب أن تسعى للدبلوماسية، هم أكبر متلقي المساهمات من مجمّع الصناعات العسكرية.
أسلحة لا تقتل الفيروس
كما أشار دان غرازيير من مشروع الرقابة الحكومية، فرغم التحذيرات المتكررة من المراقبين واختصاصيي الرعاية الطبية، فإنّ هناك نقصٌ هائل في تمويل منشآت القطاع الصحي، وذلك في الوقت الذي يستمر فيه البنتاغون والكونغرس بشراء الأسلحة. ووفقاً لتقرير مكتب المحاسبة الحكومية في الكونغرس في 2018، فحتّى قطاع الصحة العسكري يعاني من أزمة تمويل، رغم الازدياد المطّرد في نفقات البنتاغون.
وبناء عليه، لا يجب أن يثير دهشتنا أنّ الكونغرس قد خصص منحاً للصناعات العسكرية من ضمن قانون مساعدة الشركات في مقارعة فيروس كورونا، وهذا سيكلف دافعي الضرائب رقماً عشرياً مليارياً بأدنى تقدير. والأكثر من ذلك أنّ الكونغرس وافق على أن تقوم هذه الشركات بتضمين الرسوم التي تدعي بأنّها تدفعها خلال الأزمة الحالية ضمن التعويضات، ويشمل ذلك أجور المدراء التنفيذيين وتكاليف التسويق والمبيعات. ولا يكفي هذا، فكما صرّح بعض أعضاء الكونغرس التابعين، فالبنتاغون قد يحتاج للمزيد من المال لتغطية تكاليف أيّ نفقات ورسوم يتحملها متعاقدو الأسلحة خلال الوباء.
وفي الوقت الذي يتم فيه تخصيص مبلغ أكثر من 700 مليار دولار حتّى الآن في 2020 لقطّاع السلاح، لم يحصل «مركز السيطرة على الأوبئة ومنعها CDC» على أيّ شيء قريب من ذلك. فتكاليف شراء أسلحة مثل طائرة F-35 باهظة الثمن، وفقاً لمكتب المحاسبة الحكومية في الكونغرس، هي 628 مليار دولار. ويمثل هذا الرقم قرابة 90 ضعف موازنة مركز السيطرة على الأوبئة ومنعها.