ترامب.. قد يصل (للخيار النووي) لتدفيع السعودية ثمن «حرب النفط»
يضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كل الخيارات المتاحة على الطاولة، بهدف جعل السعودية تدفع ثمن (حرب النفط) والانهيار اللاحق في صناعة النفط الأمريكية...
مع وصول أسعار النفط الأمريكي غرب تكساس إلى المستوى السالب لعقود نيسان، من المرجح أن تتكرر الأسعار السالبة مع نهاية كل شهر حتى تأخذ اقتطاعات الأسعار من OPEC + مفعولها. فهذه الأسعار السالبة أثارت غضب الولايات المتحدة بأسرها، وليس فقط قطاع النفط الصخري... حيث يُنظر اليوم إلى أن السعودية قد خانت عملياً العلاقة طويلة الأمد بين البلدين. والعديد من أعضاء الكونغرس والمستشارون المقربون من الرئيس يدعون إلى اتخاذ كل ما يلزم من خيارات، وأياً تكن تلك الخيارات، لتدفيع السعودية الثمن.
العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة تأسست عام 1945 بين الرئيس الأمريكي روزفلت، والعاهل السعودي في ذلك الوقت عبد العزيز، على متن طراد البحرية الأمريكية كوينسي في السويس، وحددت هذه الاتفاقية العلاقة بين البلدين. على أساس أن الولايات المتحدة ستتلقى كل حاجاتها من إمدادات النفط من السعودية طالما أن السعودية تمتلك نفطاً، بالمقابل ستضمن أمريكا أمن حكم آل سعود.
مع صعود النفط الصخري اضطربت هذه العلاقة؛ فالولايات المتحدة ترى أنه على السعودية أن تضمن إمداد أمريكا بالنفط حتى مع توسع الصناعة الصخرية الأمريكية.
بالنسبة للولايات المتحدة فإن خسارة السعودية من توسع النفط الصخري وتراجع صادراتها إلى الولايات المتحدة، هو عملياً ضمن الثمن الذي يجب أن تدفعه السعودية لقاء الحماية الأمريكية للأسرة الحاكمة، الحماية السياسية والاقتصادية والعسكرية. وقد وضح ترامب هذا قائلاً: (هو.. (الملك السعودي) لن يستمر في السلطة لمدة أسبوعين دون دعم الجيش الأمريكي!).
وبغض النظر عن رفع الحماية، أمام الولايات المتحدة خيارات أخرى مؤقتة اتجاه السعودية. منها مثلاً الخطط لفرض رسوم جمركية على نفط السعودية المصدر إلى أميركا، وهذا سيضر بالسعودية التي تحتاج لتتوازن مالياً إلى سعر برميل 84$ للبرميل.
ولكنّ هذا الخيار أقل أهمية من الخيارات الأخرى، لأن السعودية لا تزال فعلياً واحداً من أهم موردي الخام العربي الثقيل وهو الأساسي في إنتاج الوقود في الولايات المتحدة، وقد استثمرت مصافي السواحل الأمريكية الكثير في بنيتها التحتية لتتناسب مع هذا النوع من النفط، وسيكون من الصعب توريده من مصادر أخرى مع العقوبات الأمريكية على الواردات من فنزويلا، وعدم استقرار التدفقات من المكسيك.
إنّ لخيار الرسوم الجمركية على الواردات السعودية مؤيدين أمريكيين، ولكنه لا يبدو عملياً إلى حد بعيد؛ فارتفاع أسعار الوقود أو النقص فيه هو آخر ما يتمناه رئيس أمريكي قبل الانتخابات. ولذلك فإن الموقف الأمريكي سيبقى زئبقياً، فبينما يهدد ويدفع العديد من السيناتورات الجمهوريين ويطالبون باتخاذ إجراءات لوقف ناقلات النفط القادمة من السعودية والدعوة لتصويت لحجب المساعدة العسكرية عن المملكة السعودية، فإن الرئيس الأمريكي لا يزال يقول "سننظر في الأمر" في إشارة إلى احتمال إيقاف واردات تقارب 44 مليون برميل من الخام السعودي متوجهة إلى الولايات المتحدة.
الخطوة الأخرى التي يتكرر الحديث عنها في الولايات المتحدة هي التهديد المتمثل بالتوقيع على مشروع قانون (NOPEC) والمتضمن إجراءات عقابية على (احتكار منظمة أوبك للنفط).
NOPEC يشكل خطوة ضغط هامة لأنه يرفع الحصانة عن منظمة أوبك ويجعلها عرضة للمقاضاة وفق قوانين الاحتكار في التشريع الأمريكي، وهو ما يجعل 1 تريليون دولار من التزامات السعودية ضمن استثماراتها في أمريكا عرضة للخطر. حيث يحق للولايات المتحدة بقانون أن تجمد جميع حسابات البنوك السعودية في أمريكا، وتستولي على أصول المملكة، وتوقف استخدام السعوديين للدولار الأمريكي في أي مكان. كما سيسمح للولايات المتحدة بملاحقة أرامكو السعودية وأصولها وأموالها، ويطلب منها تفكيك نفسها إلى شركات أصغر وغير مملوكة للدولة باعتبار أن هذا مخالف لقوانين الاحتكار ويؤثر على سعر النفط.
إن مشروع القانون اقترب بالفعل من أن يصبح قانوناً عندما أقرت اللجنة القضائية في مجلس النواب في شباط الماضي مشروع القانون، وهذا مهّد الطريق للتصويت عليه من مجموع ممثلي المجلس. حيث قدمه ديمقراطيان وجمهوريان معاً، ليتدخل ترامب حينها ويعترض عليه مقابل دفع السعودية للحفاظ على سعر 70 دولاراً للبرميل، والخيار لا يزال متاحاً...
المصدر: مقال لسيمون واتكنس وهو مستثمر مالي، وصاحب أكثر الكتب مبيعاً في مجال تحليل أسواق الطاقة والمال، لموقعoil price الأمريكي.