16 نقطة لقلب النظام الرأسمالي النيوليبرالي
تم تصنيف فيروس كورونا على أنه وباء عالمي من قبل منظمة الصحة العالمية، نظراً للفوضى التي أحدثها في أجزاء كبيرة من العالم. إننا في صراع حقيقي، يحتاج إلى تعبئة كاملة. صراع يحتاج إلى وضع الحياة قبل الربح. ولن ننتصر في هذا الصراع ــ كما فعلت الصين بالفعل ــ إلا إذا كان شعباً موحداً ومنضبطاً، وإذا كسبت الحكومات احترامنا من خلال أفعالها، وتصرفنا بتضامن في مختلف أنحاء العالم.
تعريب وإعداد: عروة درويش
تبلغ الديون العالمية 250 تريليون دولار، مع ديون الشركات الهائلة بالفعل. ومن ناحية أخرى، هناك تريليونات الدولارات تدور حول أسواق الأوراق المالية وفي الملاذات الضريبية. ومع تقلص النشاط الاقتصادي، سوف تصطف الشركات مطالبة بعمليات الإنقاذ؛ وهذا ليس أفضل استخدام للموارد البشرية الثمينة في هذا الوقت. وفي خضم ذلك، فإن بقاء الأسواق المالية مفتوحة هو وهم فاشل. إن انخفاض قيمة الأسهم ــ في الأسواق من هانغ سنغ إلى وول ستريت ــ ليس سوى وسيلة لتكثيف القلق الاجتماعي العالمي، حيث أصبح يُنظر إلى سلامة سوق الأوراق المالية ــ خطأ ــ باعتبارها مؤشراً على السلامة الاقتصادية بشكل عام.
وقد حدثت عمليات حجر صحي وإغلاق طويلة الأجل في أجزاء كبيرة من العالم، وبالتأكيد في أوروبا وأمريكا الشمالية، ولكن على نحو متزايد في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. وقد بدأ النشاط الاقتصادي بالفعل يرتجف من احتمال التوقف. ولا يمكن تقدير صافي الخسائر، وحتى المؤسسات الدولية الرئيسية تقوم بتعديل بياناتها كل يوم. فعلى سبيل المثال، ذكرت دراسة أجراها الأونكتاد في 4 آذار أن تباطؤ الصناعة التحويلية في الصين سيؤدي في حد ذاته إلى تعطيل سلسلة الإمداد العالمية وخفض الصادرات بمقدار 50 بليون دولار؛ هذا هو جزء واحد فقط من الخسارة. إن إجمالي الخسائر يتجاوز الحساب حتى الآن.
وقد تعهد صندوق النقد الدولي باستخدام تريليون دولار لمساعدة البلدان على درء الكوارث الاقتصادية. وقد جاء بالفعل نحو عشرين بلداً إلى صندوق النقد الدولي لطلب المساعدة؛ وقد طلبت إيران الآن مساعدة صندوق النقد. وسيكون ذلك تغييراً ميموناً في سياسة الصندوق لم يسبق له مثيل في التاريخ، لولا الرفض المخزي لمساعدة شعب فنزويلا بذريعة عدم الاعتراف بالحكومة الفنزويلية. ويجب ألا يحتاج صندوق النقد الدولي إلى أي تعديلات أو قيود لتوفير هذه القروض. إن رفض إعطاء قرض لفنزويلا دليل على فشل سياسي كبير من جانب صندوق النقد الدولي.
إن التضامن الدولي من الصين وكوبا مثالي. وصل الأطباء الصينيون والكوبيون إلى إيران وإيطاليا وفنزويلا، وعرضوا خدماتهم وخبراتهم في جميع أنحاء العالم. لقد طوروا علاجات صحية وطبية تمنع معدل الوفيات بالنسبة لأولئك المصابين بفيروس كورونا، ويريدون توزيع هذا - دون أي براءة اختراع أو ربح - على شعوب العالم. ومثال الصينيين والكوبيين في هذه الفترة يجب أن يؤخذ على محمل الجد. وبفضل هذا المثال، من الأسهل أن نتخيل الاشتراكية في خضم وباء كورونا، أكثر من العيش في ظل النظام الرأسمالي البلا قلب.
وتشهد البلدان الأوروبية، التي أصبحت الآن محور الوباء، انهيار نظمها الصحية الضعيفة بعد عقود من نقص التمويل والتقشف النيوليبرالي. وتخصص الحكومات الأوروبية، فضلاً عن البنك المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي، الجزء الأكبر من مواردها في محاولة لحماية القطاع المالي وقطاع الأعمال من كارثة اقتصادية أكيدة. اعتماد إجراءات خجولة تهدف إلى تعزيز قدرات الدول في مواجهة الأزمة - إعادة التأميم المستهدفة، والرقابة العامة المؤقتة على مقدمي الخدمات الصحية - أو التدابير التلطيفية - إعفاءات محدودة من دفع الإيجار و الرهون العقارية السكنية – كل ذلك لا يمثل التزاماً حاسماً لتوفير الضمانات الأساسية للعمل وحماية صحة الطبقة العاملة الأكثر تعرضاً للآثار المدمرة للوباء: العاملين في مجال الرعاية الصحية، والنساء اللاتي يقدمن الرعاية، والعاملين في صناعة الأغذية وشركات الخدمات الأساسية، إلخ.
وهذا إنكار جزئي للوصفات النيوليبرالية التي هيمنت على العالم على مدى السنوات الخمسين الماضية. ويتعين على صندوق النقد الدولي أن يدرك ذلك، لأنه شارك بنشاط في جمع الموارد في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وخلق إهمالاً مؤسسياً في بلد تلو الآخر. وينبغي أن يكون تعزيز دور الدولة وإعادة توزيع الثروة لصالح الجماهير هو التوجه العالمي.
يخبرنا العلماء أن الصراع ضد الفيروس يمكن أن يستمر لمدة ثلاثين أو أربعين يوماً قادمة. ولهذا السبب من الضروري أن تتخذ كل دولة وكل حكومة تدابير لمنع وفاة عدة آلاف من الناس.
وتقترح الحركات والنقابات والأحزاب التي تتألف منها الجمعية الدولية للشعوب وضع وتنفيذ برنامج للتغيير الهيكلي للسماح لنا بكسب هذا الكفاح وإعادة تشكيل العالم. ويجب أن يشمل هذا البرنامج ما يلي:
- الإيقاف الكلي لجميع الأعمال، باستثناء الضرورية للأعمال الطبية واللوجستية وتلك التي يتطلبها إنتاج وتوزيع الغذاء والضروريات، وذلك دون خسارة أيّ أجر. على الدولة أن تضمن دفع الأجور طوال فترة الحظر.
- يجب أن يتمّ الحفاظ على الواردات الغذائية والصحيّة والسلامة العامة بشكل منظم. وأن يتم وضع مخازن وصوامع الحبوب في التوزيع على الجميع والفقراء خاصة بشكل عاجل.
- إيقاف جميع المدارس.
- التأميم الفوري للمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية بحيث لا يعود هناك قلقّ من عدم تحقيق الربح مع تصاعد وانحلال الأزمة. يجب أن تكون هذه المراكز تحت السيطرة المباشرة للمسؤولين الحكوميين عن مكافحة الأزمة.
- التأميم الفوري للشركات الدوائية، والتعاون الدولي العاجل لإيجاد لقاحات وتيسير إنتاج أدوات فحص. وإلغاء كافة أشكال الحقوق الفكرية في هذا المجال الطبي.
- الفحص الفوري لجميع الناس، وتأمين الدعم الفوري اللازم للطواقم الطبية التي تقف في الخط الأول للتصدي للجائحة.
- تسريع إنتاج المواد الضرورية للتعامل مع الأزمة «عدة الاختبار والأقنعة والمنافس».
- إغلاق الأسواق المالية في جميع أنحاء العالم بشكل فوري.
- القيام بشكل سريع بالعمليات التمويلية اللازمة لمنع إفلاس الحكومات.
- إلغاء الديون غير الشركاتية على الفور.
- الإلغاء الفوري لجميع دفعات الرهون العقارية والإيجارات، وكذلك منع الإخلاء القسري. والإقرار بأنّ الإسكان الملائم هو حقّ لجميع المواطنين تضمنه الحكومة بشكل فعلي.
- قيام الحكومة بشكل فوري بتأميم مرافق المياه والكهرباء والإنترنت واعتبارها جزءاً من حقوق الإنسان، والتوصيل السريع لها للأماكن التي ليست موجودة عليها.
- الإيقاف الفوري لأنظمة العقوبات والحصار الاقتصادي الأحادية الإجرامية المفروضة على دول مثل كوبا وإيران وفنزويلا والتي تمنعهم من الحصول على ورادات طبية لازمة.
- الدعم السريع للفلاحين الصغار لزيادة إنتاج الغذاء الصحي وإيصاله إلى الحكومة لتوزيعه بشكل مباشر.
- إيقاف الدولار عن كونه عملة عالمية والطلب إلى الأمم المتحدة أن تدعو لعقد مؤتمر فوري حول هذا الأمر.
- ضمان حد أدنى عالمي للدخل يطبّق في كلّ دولة. هذا يجعل من الممكن للدولة أن تضمن دعم ملايين البشر والأسر الذين بلا عمل أو الذين يعملون بظروف غير مستقرة بشكل كبير.
المصدر: الجمعية الدولية للشعوب: عقدت الجمعية اجتماعها الأول في 1966 بكوبا، وهو اجتماع ضم الحركات الثورية في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، وتواصل أمانتها العامة عملها من العاصمة الكوبية هافانا حتى اليوم.