هل تستطيع روسيا استخدام حرب الأسعار السعودية لتوجيه ضربة قاتلة للنفط الصخري الأمريكي؟

هل تستطيع روسيا استخدام حرب الأسعار السعودية لتوجيه ضربة قاتلة للنفط الصخري الأمريكي؟

هنري فوي، ديريك بروار- فايننانشال تايمز

إعداد قاسيون

مسلحة باحتياطيات بقيمة 570 مليار دولار، تبدو موسكو مستعدة لخوض معركة طويلة.

يصوّر منشور متداول على مستوى واسع على وسائل التواصل الاجتماعي الروسية هذا الأسبوع، اللوحة الشهيرة والمروعة لكارل بريولوف «آخر يوم لبومباي»، بعد إضافة إيغور سيتشين، رئيس أكبر شركة نفط روسية، إلى الصورة وسط المذبحة والمعاناة... السيد سيتشين لم يبدو مضطرباً البتة.

بصفته أقوى رجل في صناعة النفط في روسيا وأحد المقربين من الرئيس فلاديمير بوتين، كان سيشين مهندس قرار موسكو بالانسحاب الأسبوع الماضي من اتفاق مع السعودية للحد من إنتاج النفط الخام، مما أثار حرباً نفطية أدت إلى انهيار الأسعار بنسبة 30% يوم الإثنين.

 

المعركة الجديدة المحتدمة من أجل الحصص السوقية، وبغية تدمير المنتجين المتنافسين في الولايات المتحدة، أرعبت المستثمرين الذين تخلوا عن أسهم شركات النفط الصخري الأمريكي في عملية بيع وحشية صباح الإثنين. على النقيض من ذلك، بدا الكرملين هادئاً وغير منزعج.

 

مسلحة باحتياطي أجنبي بقيمة 570 مليار دولار، وسعر صرف عائم، واقتصاد يعتمد بشكل أقل بكثير على رأس المال الأجنبي والواردات مما كان عليه قبل بضع سنوات فقط، تعتقد روسيا أنها تستطيع تحمل أكبر انخفاض في أسعار النفط الخام منذ عام 1991 لفترة أطول من منافسيها جميعهم بما فيهم مثل المملكة العربية السعودية - والأهم من ذلك - صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة.

يقول جيمس هندرسون، مدير معهد أكسفورد لدراسات الطاقة: «مع توفر احتياطيات مالية كبيرة، من المحتمل أن تكون الحكومة الروسية على حق في الاعتقاد بأنها تستطيع الحفاظ على بيئة منخفضة السعر لبعض الوقت... لن يكون الأمر سهلاً، ولكن ربما يمكنها الصمود لثلاث سنوات».

 

استفاد منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة، الذين يعتمدون على الأسعار المرتفعة وحسن نية المستثمرين لتمويل نموذج الأعمال الذي يتطلب إنفاقًا مستمرًا، من تعاون روسيا مع أوبك في السنوات الأربع الماضية.

 

منذ عام 2016، عندما بدأت موسكو في التفاوض بشأن تخفيضات الإنتاج مع الرياض، ارتفع الإنتاج الأمريكي بأكثر من 4.5 مليون برميلاً في اليوم، مما أدى إلى قضم الإنتاج الأمريكي لحصة روسيا والسعودية من السوق العالمية. بحلول فبراير من هذا العام، قفزت شريحة الإنتاج العالمي للولايات المتحدة بنسبة 4 نقاط مئوية. وانخفضت الحصة المجمعة للمملكة العربية السعودية وروسيا بمقدار ثلاث نقاط.

 

عكْسُ هذا التحول، كان الهدف الرئيس للكرملين عندما قرر رفض طلب السعودية الأسبوع الماضي لإطالة وتعميق تخفيضات الإنتاج لدعم الأسعار. رد فعل السعودية على انخفاض الأسعار ربما كان أكبر مما توقعته موسكو، ولكن على عكس الانهيارات السابقة في سوق النفط، يبدو أن روسيا مستعدة للأزمة.

 

وبحلول نهاية يوم الإثنين، انخفض الروبل بأكثر من 10 في المائة مقابل الدولار، لكنه قلص بعض هذه الخسائر بحلول الأربعاء، بعد تدخل البنك المركزي الروسي ببيع العملات الأجنبية.

 

منذ عام 2015، عندما أحدث انهيار كبير في أسعار النفط ومجموعة كبيرة من العقوبات الغربية التي فرضت بعد «غزو» روسيا لشبه جزيرة القرم لإقحام البلاد في حالة ركود، أعادت موسكو هيكلة الاقتصاد لجعله أكثر استقراراً وأكثر مرونة. قرار موسكو بتعزيز الاستقرار في النمو في السنوات الست الماضية، إلى حد كبير على حساب دخل سكانها، يعني أن روسيا في وضع أفضل لتحمل الصدمة الحالية.

خفّض الروس سعر النفط في حسابات ميزانيتهم إلى 42 دولارًا للبرميل – وقد كان حوالي 100 دولار للبرميل قبل عقد من الزمان - وقد حقق ذلك فائضًا في الميزانية خلال العامين الماضيين.

 

الأهم من ذلك، أن روسيا بدأت في عام 2017 بتحويل عائدات النفط الزائدة إلى صندوق ثروة وطني، في حين بقيت الأسعار فوق هذا المستوى التأشيري (42) بفضل الاتفاق مع السعوديين إلى حد كبير.

وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك قال يوم الثلاثاء «كان قرارنا صحيحاً... لقد سمح لنا بربح 10 تريليون روبل إضافية (حوالي 137 مليار دولار) وتشكيل الاحتياطيات اللازمة، بما في ذلك عن طريق ملء صندوق الثروة الوطنية»... واليوم يمتلك الصندوق أكثر من 150 مليار دولار.

 

وقالت وزارة المالية يوم الإثنين «باستخدام هذه الاحتياطيات، يمكن لروسيا الإبحار في أسعار النفط بين 25 و30 دولاراً للبرميل لمدة ست إلى 10 سنوات، وتقدر أن متوسط ​​الأسعار البالغ 27 دولارا للبرميل سيتطلب 20 مليار دولار سنوياً لدعم الميزانية من الصندوق»

قال وليام جاكسون، كبير الاقتصاديين في الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس: «الميزانية العمومية القوية لروسيا تعني أن أسعار النفط المنخفضة يجب ألا تؤدي إلى ضغوط كبيرة في الاقتصاد - وبالتأكيد لن يحدث لروسيا شيء مما جرى في 2015-2016»... «نشك في أنه من المحتمل أن تنخفض أسعار النفط إلى 25 دولارًا (للبرميل) قبل أن تغير روسيا مسارها».

 

وعلى النقيض من ذلك، كان قطاع النفط الصخري الأمريكي يكافح حتى قبل انهيار أسعار النفط هذا الأسبوع مع تصاعد الديون، وتعاسة المستثمرين، وارتفاع مخاطر الإفلاس واحتمال تباطؤ نمو الإنتاج.

 

وقال محللون إن هذا يعني أن علامات الضغط ستظهر على النفط الصخري في الولايات المتحدة حتى لو ظلت الأسعار منخفضة على مدى ستة إلى 12 شهرًا فقط. قال مات بورتيلو، العضو المنتدب في تيودور، بيكرينغ آند هولت وشركاه، وهو بنك استثماري مقره في هيوستون: «سيكون هناك انخفاض سريع جداً في نفقات رأس المال الثابت وانخفاض كبير في حجم الإنتاج».

ضغط مسؤولون تنفيذيون أمريكيون في مجال النفط على الرئيس دونالد ترامب لتقديم المساعدة المالية إلى منتجي النفط الصخري. لكن نموذج عملهم بأسره يعتمد على الدعم الروسي والسعودي لأسعار النفط – ولكن موسكو قد أنهت ذلك للتو.

المصدر

آخر تعديل على الإثنين, 16 آذار/مارس 2020 00:57