الزراعات الصناعية والأحادية... والاستمرار في تأزيم المناخ
تمّ مؤخراً نشر مقالة في مجلّة «وايرد» تقدّم نقداً مقنعاً لأبرز التقنيات التي تمّ طرحها على الطاولة كحلٍّ لأزمة المناخ. تكشف مقالة آبي رابينوفيتش وأماندا سيمسون «السرّ القذر للخطّة العالمية لتجنّب كارثة المناخ» بأنّ التكنولوجيا الرئيسة الواقعة في جوهر نماذج «الفريق الحكومي الدولي المعني بتغيّر المناخ» لإبقاء الاحتباس الحراري عند 2 درجة، والمعروفة باسم «الطاقة الحيوية مع التقاط الكربون وتخزينه BECCS»، من شأنها أن تحرق المحاصيل المزروعة من أجل الكهرباء، وثمّ تلتقط وتخزن ثاني أكسيد الكربون الناجم، تحت الأرض.
الـ «BECCS» هو نموذج كمبيوتر غير مختبر بشكلٍ كبيرٍ، لكنّ نماذج «الفريق الحكومي» تعتمد عليه لتنقية قرابة 360 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي (أي حوالي ثلثي ثاني أكسيد الكربون الذي انبعث بسبب البشر ما بين حقبة ما قبل التصنيع وعام 2011)، وبتكلفة قدّرها عالم المناخ جيمس هانسن ما بين 140 إلى 570 ترليون دولار، في هذا القرن.
المغارس الضخمة: هل هي وسيلة عزل كربون قابلة للحياة؟
وفقاً لحسابات عالم المناخ كيفين أندرسون، فإنّ تطبيق الـ «BECCS» سيتطلّب أرضاً بضعف حجم الهند، وموارد ماء تساوي كامل المياه المستخدمة في الزراعة عبر الكوكب، وذلك فقط من بين عقبات أخرى تواجه تطبيقه.
وفي مقالة أخرى نُشرت في «فرونتير أوف مارين ساينس» في 17 نيسان بعنوان: «هل يمكن لزراعة أعشاب البحر أن تلعب دوراً في تخفيف حدّة التغيّر المناخي والتكيّف؟» قدّم كارلوس دوارته، بديلاً عن الـ «BECCS» بالاعتماد على امتصاص الكربون الكبير والقدرة التخزينية لأعشاب البحر. اقترح توسيعاً هائلاً لمزارع الطحالب البحرية من أجل تزويدنا بالوقود لأجل الطاقة أو بالمنتجات الغذائية، ضمن استراتيجية «الكربون الأزرق». إنّ الجانب الاقتصادي لهذه الخطط المختلفة، والتي يجب أن تثبت فاعليتها، تتطلب تمويلاً وتنفيذاً على مستويات هائلة الضخامة.
تشير المقالة إلى زراعة الطحالب أيضاً، وإلى عدّة مشاكل إيكولوجية: «إنّ التوسع في زراعة الطحالب كأحياء مائية يجب أن يأخذ بالاعتبار التأثيرات المحتملة، مثل: إدخاله لأنواع غازية». استنتج الكاتب: أنّ تجربة الأحياء المائية الحالية تشير لكون هذه المشكلة «ليست بالخطيرة». وقد تمّ اختبار هذا التأكيد من قبل عدّة باحثين، فقد كتب بوكمان وآخرون في 2014: «ينمو القلق جرّاء التأثيرات البيئية الجانبية التي قد تحدث كنتيجة للزراعة على نطاقات واسعة تجعلها تحتلّ المناطق البحرية بشكل مركّز. فمن خلال تغيير موطن الطحالب ونشرها بطريقة غير طوعية إلى المناطق المجاورة، يمكن لزراعة الأعشاب البحرية أن تؤثّر في العديد من مكونات المجتمعات الطبيعية، مثل: الكائنات الحيّة المتوسطة، والمجموعة الحيوانيّة العيانيّة القاعية، والأسماك والشعب المرجانية. يمكن لتثبيت مساكب كبيرة من أعشاب البحر أن يسهم بشكلٍ معقدٍ في تعديل تفاعل الأنواع المحليّة، والتي لم يتمّ تكوين فهم جيّد لها بعد».
وضرب الكاتب ذاته مثالاً عن هذه المخاوف: «كمثال: زرع (اليوكيوما دينتيكولاتوم) و (الكابافيكوس ألفاريزي) في البحيرات المالحة الضحلة في منتصف التسعينيات، وغطّت الزراعة منطقة كليّة بمساحة تقارب الألف هكتار. يمكن لهذا التطور إن ترك دون إدارة، وفي أسوأ الحالات، أن يسهم في تغيير إيكولوجي على نطاق واسع، مثل: خسارة الأعشاب البحرية الطويلة، أو انتشار الطحالب المستزرعة إلى الشعاب المرجانية المجاورة، وذلك مع عدّة آثار لإنتاج بضائع وخدمات إيكولوجية».
من الواضح، أنّ هذا بالضبط ما حدث في هاواي، وفقاً للمقال الذي كتبه نايلور وآخرون في مجلّة العلوم في 2001. فقد أعلنوا: «لم يكن هنالك أيّة قيود لمنع فرار أنواع أعشاب بحرية، تمّ تقديمها في 1973 في هاواي، فقد انتشرت منذ ذلك الحين بسرعة على طول الشعاب المرجانية في الولاية».
وحتّى إن تمّ منع مثل هذا الفرار، فقد ألمح بحث بوكمان إلى مشاكل أكثر انتشاراً وعموميّة. هذا مرتبط في الواقع بأيّة غراس أحاديّة صناعية النمط على نطاق واسع. إنّ مثل هذه النشاطات قد تضعف بشكل حتمي أو تدمّر الوظائف والخدمات الإيكولوجية. ولنضع في اعتبارنا بأنّ أنواع الزراعة، أو تربية الأحياء المائية المتوخاة للحدّ من ثاني أكسيد الكربون يجب أن تطبّق على نطاق واسع.
«الوظائف الإيكولوجية والتنوّع الحيوي BEFS» وعزل الكربون
يشير مصطلح «الوظيفة الإيكولوجية» إلى تلك العمليات المرتبطة بصيانة وتنمية النظام البيئي، مثل: دورة الكربون وغيره من العناصر، والإنتاجيّة الصافية والكليّة، والمرونة ومقاومة الأنواع الغازية والطفيليات ومسببات الأمراض. ويشير مصطلح «الخدمات الإيكولوجية» إلى تلك الوظائف التي تستجيب للاحتياجات أو الاستخدامات البشرية. يميل الذين يناهضون الرأسمالية إلى النظر بارتياب إلى هذا المفهوم الذي يسعى العديد من العلماء البيئيين من خلاله إلى قياس هذه الوظائف بشكل نقدي «monetarize». ومع ذلك فهي تشمل أشياء، مثل: إمدادات المياه، ودورة النتروجين، وتثبيت الكربون، وتكوين التربة والقيم الجمالية، وهي أشياء هامّة في أيّة حالة.
فمنذ عقدين تمّ بحث وتوثيق الحقل الإيكولوجي: «الوظائف الإيكولوجية والتنوّع الحيوي BEFS»، والوصول إلى توافق بشأن العلاقة الإيجابية بين التنوّع البيولوجي (بدءاً من المناظر الطبيعية إلى الأنواع إلى الوظائف إلى التنوع الجيني) وبين وظائف الخدمات والوظائف الإيكولوجيّة. مثال: لاحظت دراسة في عام 2014 لأولي وآخرين، من بين العديد من الدراسات الأخرى، زيادة الكتلة الحيوية للعوالق النباتية البحريّة في بحر البلطيق، وذلك على «نطاق النظام البيئي» تبعاً «لتغيّر التنوع البيولوجي الإيجابي طويل الأمد، وهو ما يتناقض مع الميل لخسارة التنوّع البيولوجي العالمي». وفي دراسة عن التنوّع البيولوجي للتربة كتبها واغ وآخرون عام 2013، تمّت ملاحظة أنّ «التنوّع الهائل والمخفي يساهم في كامل الكتلة الحيوية على الكرة الأرضية، وهو مرتبط بشكل وثيق بالتنوّع البيولوجي على السطح». وقد اعتمد فان دير ساند في مقالٍ عام 2017 على المنطق التجريبي المتحكم به، ونموذج النظام البيئي في الغابات الاستوائية، ليشير إلى أنّ: «يؤثر التنوّع البيولوجي بشكل كبير وإيجابي على تخزين الكربون و/أو عزله في غالبية الدراسات التجريبية (75%) والدراسات المتحكم بها (90%)، وذو تأثير إيجابي بعيد المدى على الكربون في معظم النماذج الحديثة». وعليه وبشكل عام، يظهر التنوّع البيولوجي للأنظمة البيئية نسب عزل كربون أعلى بشكل كبير في التربة والكتلة الحيوية، منها من نسب العزل المعتمدة على نوع أو نوعين من النباتات، مثلما جرت العادة في الزراعة_ الصناعية على نطاق واسع. ترتكز آليات متنوعة على هذه العلاقة، ويشمل ذلك وفرة وتكميلية الوظائف والكائنات الحيّة في نظام بيئي متنوع بيولوجياً. وبدورها، تحدد هذه الوظائف فيما إن كان النظام البيئي مصدراً، أم غوراً لثاني أكسيد الكربون، وغيره من غازات الدفيئة.
تمثّل الزراعات الأحادية الرأسمالية واسعة النطاق، سواء في زراعة المحاصيل أو الحراج أو الزراعة المائية أو تربية الحيوانات أو المروج في الضواحي أو ملاعب الغولف، خطراً وجودياً على التنوّع الحيوي. فعلى مستوى المجتمعات المحلية، تزيح النباتات المحلية الموجودة، وتؤثر على كل تربة هذه المجتمعات، وما فوقها. إنّها تستبدل هذه المجتمعات بأنظمة مستهلكة غير فاعلة إيكولوجياً. وتمتدّ أخطارها إلى بقيّة الأنظمة البيئية عبر الإجراءات المرتبطة بها، مثل: التسميد أو نشر المبيدات الحشرية أو التحكم بالضواري.
إنّ مزارعي المحاصيل الأحادية عرضة بشكل طيّع للحشرات والجراثيم. أمّا في الأنظمة البيئية المعقدة فإنّ التنوّع النوعي والجيني والعادات المحلية تحدّ من انتشار الحشرات والجراثيم، وهو الأساس لتمتّع الأنظمة البيئية «بالمرونة» و «المقاومة». وثّق واعتمد علماء الزراعة البيئية هذه الرابطة لعقود. تضعف مقاومة الحشرات والجراثيم في الأنظمة المتجانسة الفقيرة، وهي المقاومة التي يتم استبدالها بالمبيدات الحشرية أو المضادات الجرثومية، والتي يتمّ إنتاجها وتطبيقها باستخدام قسمٍ كبيرٍ من الوقود الأحفوري.
يتم كذلك تقليص دورة العناصر وبنى التربة على مرّ الوقت في أنظمة الزراعة الصناعية. فمن أجل الحفاظ على محصولٍ وافرٍ، يجب على المزارعين أن يعتمدوا على قدر يتزايد بلا نهاية من الأسمدة الخارجية، سواء مركبّة أو عاديّة، يتمّ شحنها من أجل استبدال المغذيات التي فقدت لصالح الأسواق البعيدة. إضافة إلى أنّ هذه الأسمدة تشوّه التربة. كما يتمّ استهلاك المياه بكميات تتزايد بلا نهاية تبعاً لفقدان التربة قدرتها على حفظ المياه، والطلب الكثيف على المحاصيل التي تباع بأثمان عالية والتي تحصد بهدف الربح فقط، دون إيلاء التربة أو المناخ أيّ اعتبار، والتي يتمّ تهجينها بشكل انتقائي من أجل تعظيم وارداتها بدلاً من جعلها متلائمة مع الظروف المحلية. هنالك مدخلات ميكانيكية وكيميائية أخرى مطلوبة لحماية وحصاد المحاصيل، أو الاعتناء بهذه المروج الخضراء الممتدة. ولمثل هذه المدخلات بصمة زيادة الكربون مع بقاء إنتاج الأسمدة عنصراً أساسياً لغازات الدفيئة.
عزل الكربون والأنظمة البيئية
يغرق الكثير من الكربون في المحيط إلى حدّ ما. يتم عزل الكربون المحيطي وتخزينه عبر نظام مصدّ البكاربونات في عمود المياه، أو كترسبات كربونية، بدلاً من كونه كتلة حيوية ميتة أو حيّة. في الأنظمة البيئية الأرضية، يعتمد النظام البيئي الأرضي في كونه مصدراً أم غوراً على ثلاث وظائف أنظمة بيئة رئيسة: الإنتاجيّة الرئيسة الصافية «NPP»، والكتلة الحيوية الكليّة (مع كامل تخصيصاتها) مع تنفس التربة، ووظيفة كربون التربة العضوي (SOC أو SOM). وتعتمد هذه الوظائف بكل تأكيد أيضاً على المناخ والجيولوجيا، ونوع التربة، وعلى نمط المحاصيل وعملية جنيها إذا ما تعلّق الأمر بالزراعة. ومن بين الأنظمة البيئية الأرضية، تمثل الغابات الإستوائية أكبر مستوعب مفرد لتخزين الكربون، وهي تشكل إن جمعت مع الأعشاب الإستوائية أكبر كتلة إنتاج رئيس كلي صافٍ. لكنّها لا تعزز أعلى متوسط إنتاجيّة رئيسة صافية، ولا لتخزين الكربون: إنّ المناطق ذات الرطوبة العالية، وتحديداً أنظمة الأشجار الإستوائية البيئية هي من تفعل «يطلق عليها اسم mangals». في الواقع إنّ «mangals» هي من بين «أكثر الغابات المطرية المليئة بالكربون في المناطق الإستوائية. وتعتبر غوراً كربونياً شديد الأهمية».
إنّها وغيرها من المناطق شديدة الرطوبة، ومعها الأراضي العشبية، تخزن معظم الكربون على شكل كربون تربة عضوي. بينما تخزن الغابات المطرية الإستوائية، وإلى درجة أقل الغابات المعتدلة والقطرية، معظم كربونها على شكل كتلة حيوية ما فوق أرضية. إنّ شكل التخزين له آثار مهمّة بالنسبة لانبعاثات غاز الدفيئة أثناء تحويل الأرض وحراثتها. فعندما تتمّ إزالة الغابات الإستوائية كمثال، يتمّ إطلاق كتلة الكربون بسرعة إلى الغلاف الجوي وتستنفد التربة الباقية من عناصرها العضوية. وتندرج الأراضي المحروثة عموماً ضمن نطاق أكثر انخفاضاً من عزل الكربون وتخزينه. يخسر النظام البيئي ويتقلّص التنوّع الحيوي بالاشتراك مع اضطراب كربون التربة العضوي، ليقلل من قابلية التقاط الغلاف الحيوي للكرة الأرضية للكربون ويزيد من انبعاثات غاز الدفيئة. تمّ منح مثال مثير مؤخراً من قبل دراسة استمرّت اثني عشر عاماً وهي تجمع البيانات عبر ساتلايت «MODIS»، حيث ورد فيها بأنّ: «الغابات الإستوائية حول العالم مشوهة لدرجة أنّها أصبحت مصدراً لانبعاثات الكربون عوضاً عن كونها غوراً لها». ويشرح المقال الذي نشرت الدراسة فيه: «وجد الباحثون بأنّ مناطق الغابات في أمريكا الجنوبية وإفريقيا وآسيا_ والتي لعبت حتّى وقت حديث دوراً رئيساً في امتصاص غازات الدفيئة_ تطلق الآن ما مقداره 425 تيراغرام (كل تيراغرام = مليار كلغ) من الكربون بشكل سنوي، وهو أكثر ممّا تصدره جميع السيارات في الولايات المتحدة».
لطالما كانت الزراعة مصدراً رئيساً لكربون الغلاف الجوي، رغم أنّ الوقود الأحفوري قد تخطاها خلال القرن ونصف القرن الماضي. هنالك تقديرات بأنّ الزراعة حول العالم مسؤولة عن 20% من غازات الدفيئة، بالإضافة إلى 14% تساهم بها عبر إزالة الأحراج وغيرها من التغييرات في استعمالات الأرض.
تتم معالجة المواد العضوية في التربة عبر أنظمة بيئيّة غير مرئية، وعبر كائنات التربة الحيّة وخاصة المجهرية منها. تتوسط التربة والميكروبات الطبيعيّة دورات الكربون والنتروجين. وعليه فإنّ التغيرات الأنثروبوجينية (المتعلقة بالبشر) أو مقاطعة التنوّع الميكروبي يمكنها أيضاً أن تقاطع تخزين الكربون أو النتروجين، ليطلق كمية كبيرة من غازات الدفيئة. تحدث مثل هذه المقاطعات خلال تغيير الأرض وعملية الحرث اللتين تعتمدان كلتيهما على الآلات وعلى المدخلات الكيميائية التي تقاطع الأحياء المجهرية في التربة.
من الموثق بشكل جيّد، أنّ تغيير الأرض يقع في المرتبة الثانية بعد اشتعال الوقود الأحفوري من حيث كونه مصدراً صافياً لغازات الدفيئة في الغلاف الجوي. يقدّر بأنّ تغيير استعمالات الأرض قد أطلق 1.4 غيغاطن من الكربون سنوياً إلى الغلاف الجوي ما بين 1960 و2016. لاحظت الدراسات والتحليلات الفائقة الدقة_ عن استعمالات الأراضي الاستوائية_ بأنّ خسارات الكربون الأعلى قد لوحظت في حالات تغيير الغابات إلى الأراضي الزراعية. لاحظ عالم الزراعة فريد ماغدوف: «إنّ أسوأ حالة أعرفها (حيث فيها أسرع انبعاث لثاني أكسيد الكربون) قد حدثت عندما تمّ تجفيف وحرق التربة العضوية في إندونيسيا وتحويلها لزراعة أشجار النخيل. سيتطلب منّا الأمر أكثر من 400 عام (لإعادة) الكربون في الغلاف الجوي إلى وقود حيوي».
ناقش جانزن في 2014 أسباب الإطلاق الكثيف للكربون كنتيجة لتغيير الأرض، لاستخدامات زراعية في غربي كندا: «لهذا التغيير تأثيران على الأقل على الكربون المخزن: أولاً: يحفز معدلات التعفن لأنّ الاضطراب المادي يعرّض المواد العضوية التي كانت محميّة سابقاً لنشاط بيولوجي، وأيضاً يزيد المياه في التربة عبر إخماد نمو النباتات. ثانياً: وهو التأثير الأهم والذي نغفل عنه في بعض الأحيان، تُبعد الزراعة قسماً كبيراً من الكربون المستحصل عليه عبر التخليق الضوئي. فهذا بعد كلّ شيء هو الهدف من الزراعة، أن تلتقط الكربون في بعض صيغه القابلة للتسويق وتحويلها إلى ربح».
يبدو بأنّ الزراعة العالمية بين كونها مصدراً خفيفاً للكربون وكونها غوراً خفيفاً له (بضع تيراغرامات سنوياً) على مدى عقود. لكن وبشكل لا يثير الدهشة، هنالك دلائل غير مباشرة على أن الزراعة الأحادية المكثفة للمحاصيل التي تدر ربحاً قد كان مصدراً صافياً للكربون، وهو في جميع الحالات أكثر كثافة من بقيّة أنواع الزراعة والحراثة. مثال: تتمّ زراعة الأرز في الولايات المتحدة بشكل رأسمالي مكثف وينمو كنباتات أحادية. ففي عام 2004 استهلكت زراعة الأرز بشكل رأسمالي طاقة أكثر من أيّة زراعة أخرى في المنطقة. إنّ حرث الأرز وزراعته يطلق قرابة 1008 كلغ من الكربون في الغلاف الجوي عن كلّ هكتار. وقد حلّ القطن، وهو محصول مكثف رأسمالي آخر، ثانياً من حيث استخدامه للطاقة، وأطلق ثاني أكبر كمية من الكربون عند 882 كلغ عن كل هكتار. ويتبعهم ثالث أكبر محصول رأسمالي وهو الذرة.