ماذا يعني تشكيل قيادة عسكرية مشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي؟
أعلن البيت الابيض حديثاً عن عزمه تزويد مجلس التعاون الخليجي معدات وخدمات دفاعية معللاً أن الخطوة ستعزز السلام العالمي وتوفر الأمن للولايات المتحدة. سيتم التركيز مبدئيًا على تصدير أنظمة الدفاع الصاروخية ومعدات لتأمين الحدود والملاحة البحرية ومكافحة الإرهاب.
الاعلان أتى ثمرة انعقاد الدورة الرابعة والثلاثين (34) لقمة دول مجلس التعاون الخليجي، الاسبوع الماضي في الكويت، والتي تلت انعقاد مؤتمر أمني عربي – اسلامي في ابوظبي، مطلع الشهر الجاري، حضره زهاء 29 وزير خارجية ومسؤولين عربا ووزراء خارجية ماليزيا واندونيسيا وبنغلادش؛ تحدث اليه محاضرا رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيريز عبر الفيديو من القدس المحتلة وخلفه علم كيانه الغاصب. الصحف "الاسرائيلية" وصفت الخطاب بأنه "حدث تاريخي،" لافتة النظر الى "عدم مغادرة اي من الوزراء المشاركين .. وحضور نجل العاهل السعودي" لسماع الخطاب.
عودة سريعة لمرحلة تأسيس "مجلس التعاون" ككيان ناظم، في عام 1981، والذي كان بتوجيه آل سعود، الاسرة المالكة في الجزيرة العربية، التي ما برحت تبحث عن أطر ووسائل واشتقاقات لاستبدال اواصر العروبة وروابطها واطرها وما تبقى من تجلياتها، وتوصلت لمخرج يفضي بانشاء مجلس التعاون الخليجي. اللافت تاريخيا ايضا ان التبريرات الرسمية آنذاك، على لسان مسؤولي الاسرة المالكة، أن المجلس ليس جزءاً من الجامعة العربية، بصرف النظر عن هوية وفاعلية تلك المؤسسة من عدمه.
تبلور الاستراتيجية الاميركية في منطقة الخليج
النقلة النوعية في الاستراتيجية الاميركية لتكثيف تواجدها في منطقة الخليج العربي تعود الى عام 1974، تبلورت في خضم أزمة امدادات النفط ابان فترة ولاية الرئيس الاسبق ريتشارد نيكسون. وتشير الاوراق الخاصة لوزير الخارجية الاسبق، هنري كيسنجر، الى تقديم عرض "ثنائي بالاشتراك مع الرئيس نيكسون" الى العاهل السعودي الملك فيصل يقضي "باقامة علاقة خاصة ومميزة (بين اميركا والسعودية) .. مقابل استئناف ضخ النفط باسعار معقولة" للاسواق الدولية. ويتضمن العرض، حسب توثيق كيسنجر في ملفاته المفرج عنها حديثا، التزام الولايات المتحدة بتوفير "سبل العون للحكام في السعودية لسحق المعارضة السياسية في الداخل والخصوم الايديولوجيين في الخارج .." اي ان الولايات المتحدة ستنخرط مباشرة في حماية النظام الملكي في السعودية. وسرعان ما وصل فريق تابع لوزارة الدفاع الاميركية، البنتاغون، للرياض لوضع اسس استراتيجية عسكرية اميركية – سعودية مشتركة "لضمان أمن المملكة." (وثيقة كيسنجر مذيلة بتاريخ 11 آذار 1974، أتى ذكرها في مؤلف آندرو سكوت كوبر "ملوك النفط،" 2011، ص 158، 161). وتصاعد الدور الاميركي خلال عهد الرئيس جيمي كارتر في عقد الثمانينيات وتشكيله القوات المركزية للتدخل السريع في منطقة الخليج.
الاعلان الاميركي الرسمي الاخير أتى ايضا على خلفية مفاوضات جنيف النووية مع ايران، والذي اثار الاتفاق المعلن معها خيبة أمل كبيرة وتعبيرات غاضبة لدى الأسرة المالكة وبعض الدويلات التابعة في فلكها في الاقليم، رافقها ايضا خيبة أمل قادة الكيان الصهيوني. في هذا السياق، يشار الى حضور وزير الدفاع الاميركي، تشاك هيغل، منتدى "حوار المنامة في البحرين، 7 كانون الاول الجاري، اذ اوضح ان الولايات المتحدة تنظر الى بيع اسلحة اميركية للدول الاعضاء في المجلس باعتبارها "منظمة واحدة وليس على اساس فردي فقط،" كما كان الأمر عليه في السابق؛ وحثه الدول الاعضاء على "انشاء حلف عسكري .. والعمل بطريقة منسقة" لترتيب تسلمها الاسلحة الاميركية الموعودة التي بلغت تكلفتها المعلنة للحظة زهاء 70 مليار دولار.
وزير الدفاع هيغل من جانبه طمأن هواجس الدول الخليجية بتوجهات بلاده لتعزيز تواجدها العسكري بصرف النظر عن استدارتها وتوجهها نحو الشرق الاقصى كأولوية استراتيجية. واضاف ان الولايات المتحدة ستبقي على نحو 35،000 من القوات العسكرية مرابطة في منطقة الخليج تشمل زهاء 40 قطعة بحرية من ضمنها مجموعة حاملات للطائرات ونظم الدفاع الجوي وشبكات الرادار وطائرات مقاتلة واخرى من الدرونز "التي باستطاعتها الاغارة على اهدافها في فترة زمنية قصيرة."
سبق اطراء هيغل ببضع سنوات ترويج المملكة السعودية، في عام 2006، لاعتماد مجلس التعاون "قيادة مركزية وقوات لا مركزية،" تساهم فيها كافة الدول الاعضاء؛ اقدمت اثر ذلك بحل "قوات درع الجزيرة،" التي كان تعدادها زهاء 10،000 جندي. واثمرت الجهود السعودية في عام 2009 بانشاء قوة مشتركة للتدخل السريع لدول المجلس، لمواجهة "الاخطار الأمنية" توجتها بالتدخل العسكري المباشر في البحرين مطلع عام 2011.
لاحقا، اوضحت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الاميركي، برناديت ميهن، طبيعة الأسلحة الاميركية والتي ستشمل معدات "للدفاعات المضادة للصواريخ وأخرى للأمن البحري ولمحاربة الإرهاب." وتوقفت للقول أن هذا الإجراء يعكس "التزام الولايات المتحدة المتين تجاه دول مجلس التعاون الخليجي، ورغبتها في العمل مع الشركاء في الخليج من أجل تعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة على المدى الطويل؛" مستغلة هاجس قلق دول المجلس من تنامي الحضور الايراني في المنطقة. بكلمة اخرى، ان اميركا ستقدم الاسلحة لدول المجلس أُسوة بمعاملتها حلفائها في حلف الناتو لتوريد المعدات العسكرية المتطورة.
تطوير جهود التعاون العسكري بين دول المجلس
نظرا لندرة العامل البشري لجأت الدول الخليجية الى الاعتماد على وسائل التقنية الحديثة لتعويض النقص في عديد القوات المدربة؛ ورصدت ما مجموعه نحو 130 مليار دولار للانفاق العسكري وشراء المعدات الحديثة منذ عام 2012، استثمرت اهمها في نظم الدفاع الجوي والسفن الحربية والطائرات المقاتلة. في هذا الصدد تنبغي الاشارة الى تعاظم دور القوات الباكستانية المسلحة في المملكة السعودية، لتدعيم قوات الاخيرة في الخبرات القتالية، كان احد مؤشراتها لقاء مغلق عقده السفير السعودي في اسلام أباد، عبد العزيز بن ابراهيم الغدير، مع قائد القوات الجوية الباكستانية، الماريشال طاهر رفيق بوت، في مقر قيادة القوات الجوية يوم 6 حزيران من العام الجاري.
لا يسعنا في هذا الصدد الا الاشارة الى الدور التاريخي للمؤسسة العسكرية الباكستانية كأداة تنفيذ تأتمر بأمرة الدول الغربية، بريطانيا سابقا واميركا لاحقا، للتدخل ان تطلب الأمر لحماية النظم الملكية والأسرية في المنطقة، كما تشهد عليه معارك ايلول 1970 في الاردن، بقيادة الجنرال محمد ضياء الحق، الذي كرمه النظام الاردني باطلاق اسمه على احدى الجادات الرئيسة في العاصمة عمان.
تركيز الولايات المتحدة على تزويد دول المجلس بنظم دفاعية ترمي من ورائه الى دمج تلك النظم المتعددة في نظام مركزي لتعزيز قدرات نظم الانذار المبكر واطلاق الصواريخ الدفاعية بشكل اكبر فعالية من النظم الفردية المتناثرة. وعليه، سيزداد الاقبال على شراء نظم دفاعية متطورة من طراز باتريوت / ثاد (نظام الدفاع الجوي للمديات المرتفعة).
آلية شراء الاسلحة قد تعترضها بعض العقبات المتأصلة في رغبة كل دولة على حدة شراء ما تراه مناسبا لسياساتها من النظم المطلوبة، سيما وان مهام مكافحة الارهاب وحماية الممرات المائية لا تستند الى المعدات العسكرية الكبيرة، بقدر ما ترتبط بشكل وثيق بجهود تعاون الهيئات المختلفة فيما بينها. وعليه، فان بلوغ الدول الخليجية مرحلة قيادة متكاملة لادارة العمليات سيعزز آفاق التنسيق فيما بينها؛ واتاحة الفرصة لها، نظريا على الاقل، في توسيع نطاق مهامها واختصاصاتها للافادة المشتركة.
لتحقيق أمن الملاحة الاقليمية ينصح بعض الخبراء العسكريين الغربيين بأنه يتعين على دول المجلس بلورة استراتيجية اوسع نطاقا تفضي بحماية الاقتصادات المحلية بدلا من مجرد حماية الشواطيء الى تسيير دوريات بحرية لحماية التجارة المائية المارة بمحاذاة شواطئها والتصدي للتهديدات الايرانية المحتملة في مضيق هرمز، ورصد ومراقبة التواجد الايراني في مياه الخليج، ونشر سيادتها عبر استعراض قوتها المشتركة على طول شواطيء الخليج ومنصات استخراج النفط في مياهه.
من الثابت ان تسيير دوريات لحماية القوافل البحرية يستدعي جهودا تنسيقية مكثفة، والتي اولت دول الخليج اهتماما ملحوظا فيها عبر انشائها "قوات الحماية البحرية – 152" لهذا الغرض. بالمقابل لن يكون بوسع تلك القوات التصدي لأي ردات فعل انتقامية تصدر عن ايران في حال اقدامها على تعطيل الملاحة البحرية في مياه الخليج اذا تعرضت لهجمات معادية. الامر الذي يتطلب فحص كافة امكانيات قطع الاسطول التابع لدول مجلس التعاون للتيقن من تطوير سبل القيادة والتحكم، واخضاعها لتدريبات تعزز قدراتها على المناورة، كي تتمكن من انجاز مهمة مرافقتها للقوافل البحرية وحمايتها من اي اعتداء. وبهذه الخلفية تمضي دول المجلس في تكثيف مستويات اعتمادها على القطع البحرية الاميركية والتي تمتلك الخبرات والقدرات المطلوبة لتلك المهام.
مهام حماية النقل البحري هي مهام دفاعية بالدرجة الاولى، اما وان رغبت دول المجلس تطوير اساليبها فينبغي عليها الارتقاء الى مرحلة تستطيع فيها تحييد الصواريخ الايرانية المضادة للسفن، وخاصة المنصوبة في جزر تعتبرها الامارات محتلة: ابو موسى وطنب الكبرى والصغرى. تلك كانت الاهداف من التدريبات التي جرت العام المنصرم في مناورات "جزر الولاء" التي اشترك فيها اكثر من اربعين دولة بقيادة الولايات المتحدة تضمنت التدريب على اكتشاف الالغام البحرية وازالتها، وحماية السفن بغية حماية تدفق النفط دون عرقلة حركة الملاحة في الخليج. يضاف الى ذلك انتظام التدريبات السنوية لاسلحة البحرية الخليجية لنزع ومكافحة الالغام البحرية، تعاونها في المهمة نحو 24 دولة اخرى بقدرات مماثلة، تسندها مركبات غواصة مستقلة باحجام متعددة، واخرى اصغر مسيرة عن بعد.
وعليه، كي تبلغ جهود الدول الخليجية مراميها فهي بحاجة ماسة لبلورة نظام فعال لتبادل المعلومات فيما بينها، وانتهاج وسائل ووسائط تعد بالغة الحيوية للحفاظ على الممر المائي خاليا من الالغام قبل نشوب الاشتباكات.
مثالب البنية العسكرية الراهنة في دول الخليج
تدرك دول المجلس عمق الثغرات الاستراتيجية في بنيتها العسكرية ومنظومتها من الاسلحة البحرية المختلفة التي ان أُحسن استخدامها باستطاعتها توفير "قدرة اطول على البقاء" واستدامة الانخراط في عباب البحر وتوفير قاعدة انطلاق برمائية توفر معدات عسكرية ثقيلة، بخلاف القوات الجوية التي تستند الى الهجمات السريعة والخروج الاسرع من مرمى النيران المعادية. الخبراء العسكريون الاميركية اشادوا مرارا بالمعدات والخبرات البرمائية لدولة الامارات، وانها الافضل بين نظرائها من اسلحة دول المجلس خاصة لتنفيذ مهام الانزال لرفد العمليات الحربية. كما يزعم اولئك الخبراء ان سلاح البحرية الاماراتي لديه القدرة على انزال ضربة مدمرة في البنية التحتية لتصدير النفط الايراني، عبر استثماره في التسلح بصواريخ كروز.
لعل البعد اللوجستي هو الأهم في اي استراتيجية عسكرية والتي تعاني دول مجلس التعاون من خلل وتعثر وعقبات في هذا الشأن، الأمر الذي شكل احد المزايا الاساسية لحلف الناتو ابان الحرب الباردة، وعمل الحلف على توحيد اعيرة الذخيرة في مجال الاسلحة الصغيرة، وكذلك الامر في توحيد النظم اللوجستية لتخزين الاسلحة والذخائر بحيث اتاحت الفرصة لوحدة عسكرية اميركية التزود بما تحتاجه من معدات مماثلة من النظام اللوجستي البريطاني، على سبيل المثال، باعتماد العلامات واوصاف البيانات المعتمدة لديها.
تسليح دول مجلس التعاون استند الى التزود بنظم اسلحة كبرى مختلفة وتراجع اهتمامها بالذخيرة المطلوبة لابقائها قيد الخدمة لفترة طويلة. للدلالة، عمدت المملكة السعودية الى شراء زهاء 800 وحدة من صواريخ جو - جو، قبل سنوات ثلاث، عززتها بنحو 1،000 صاروخ دفاعي مضاد للطيران، و 4،000 قنبلة موجهة والتي استخدمتها في قتالها مع "الحوثيين" على الحدود المشتركة مع اليمن في صيف 2009؛ بيد انها استدعت عونا اميركيا عاجلا لاعادة امدادها بما تحتاجه من الاحتياطي في مستودعات القوات الاميركية. بموازاة ذلك، اشترت دولة الامارات ما ينوف عن 400 صاروخ جو- جو يعززه 2،800 قنبلة موجهة، في الفترة من 2007 الى 2011.
النزعات المتنامية لدول المجلس للتسلح تجلت مؤخرا بشراء كميات عالية، اميركية المنشأ، من القذائف والصواريخ المضادة للدروع. واخطرت هيئة التعاون الأمني التابعة للبنتاغون الكونغرس بموافقتها على بيع المملكة السعودية نحو 14،000 وحدة من منظومة "تاو" للصواريخ، اضافة لمعدات تسليحية اخرى بلغت كلفتها نحو 1.1 مليار دولار. كما سيتم تسليم القوات السعودية بما ينوف عن 1،700 قذيفة مماثلة، مما يدل على نيتها لتعزيز مخزونها من الذخائر.
وكما كان متوقعا، فقد حرص الخبراء العسكريون الاميركيون على تجسيد مبدأ الشبكة اللوجستية المتكاملة مما سيوفر القدرة على تحويل الذخائر المطلوبة الى مخزون مركزي لدول المجلس، بسرعة قياسية. كما ان تسلح دول المجلس بذخائر من عيارات متماثلة قد تفسح المجال لطلبات شرائية اكبر حجما واقل كلفة، فضلا عن جهوزيتها عند الحاجة.
وحث الطرف الاميركي دول المجلس على بذل مزيد من جهود التنسيق العسكري فيما بينها كي يتسنى لها معالجة اطياف متعددة من التهديدات، بدءا باعمال ارهابية وامتدادا الى التهديد الماثل من ايران النووية، بالرغم من عدم واقعيته.
التهديدات الماثلة امام قيادة عسكرية متكاملة لدول المجلس
حماية المرافق الاقتصادية:
تتربع دول مجلس التعاون على بعض اهم الاهداف الاقتصادية العالمية في المنطقة، تتراوح بين المراكز المصرفية وامتدادا الى منشآت انتاج النفط. فالتهديد لها لا ينحصر في دول خارجية او اقليمية، بل هي هدف موائم للقوى الارهابية التي تسعى لانزال اكبر الضرر وتعطيل التبادل الاقتصادي ان استطاعت الوصول الى مرحلة اغلاق صناعة النفط برمتها.
في هذا السياق، تبرز المنشآت النفطية في المملكة السعودية كأحد اهم الاهداف، لا سيما تلك الواقعة في ميناء رأس التنورة لتصدير النفط، ومصفاة عبقيق الضخمة. وهنا تبرز أهمية توصل دول المجلس الى صيغة تعاون متطورة في مكافحة الارهاب، سيما وهي تنسق مع اجهزة الاستخبارات الاميركية والاوروبية بدرجة عالية في هذا الشأن.
توفير الحماية للمرافق الاقتصادية، من زاوية عسكرية بحتة، تستدعي تطوير وتنسيق كفاءات القوات الخاصة المحمولة في مكافحة الارهاب. تجدر الاشارة الى تحقيق دول المجلس بعض النجاحات في هذا المضمار، اذ اخضعت عناصرها لبرامج تدريب مكثفة اشرفت عليها القوات الخاصة الاميركية والبريطانية على السواء. اما جهود التخصص والتميز وتنسيق جهود الوحدات المختلفة فمن شأنها اعاقة مناخ التوسل للآخر السائد راهنا. للاضاءة على ما سبق، بالامكان توزيع المهام بين دول المجلس بحيث يركن للقوات السعودية الخاصة، مثلا، حماية المنشآت النفطية وبسط سيطرتها عليها، بينما يوكل للقوات الاماراتية ذات الخبرة الاوسع في المهام البحرية حماية واستعادة المنشآت والمنصات النفطية في عرض البحر.
نظم الدفاعات الجوية:
تحظى تلك النظم بكل تنوعاتها باهتمامات عالية، وخاصة في سياق الجهود لتكامل الاسلحة. ففي مطلع عام 2006 ارسى نائب وزير الدفاع والطيران السعودي، خالد بن سلطان، منطلقات التوجهات السعودية نحو نظم الصواريخ الايرانية التي اعتبرها بانها تشكل التهديد الاخطر للمملكة السعودية قائلا ان مصدر التهديد "لن يتجسد بسلاح الجو او البحر الايرانيين، او السفن والقوارب البحرية، بل في مجال الصواريخ."
الثابت ان الاستراتيجية الاميركية تستوجب انخراطا مباشرا، وخاصة في مجال الدفاعات ضد الصواريخ الباليستية، سيما وعند الاخذ بعين الاعتبار تصريحات وزير الدفاع الاميركي، تشاك هيغل، مطلع الاسبوع المنصرم بأن البنتاغون "تعزم على تحقيق دمج افضل لدول مجلس التعاون بغية تعزيز الدفاعات الصاروخية في المنطقة .. وستستمر الولايات المتحدة في تبني وجهة النظر القائلة بأن التوجه المتعدد الاطراف هو الانسب للدفاعات الصاروخية."
مع التذكير بان سلاح البحرية الاميركية ينشر عدة قطع من الطرادات المسلحة بمضادات للصواريخ في مياه الخليج.
التهديد الايراني المتخيل:
منذ زمن صدرت تصريحات متعددة لمسؤولين خليجيين بأن أس العداء يكمن في التهديد النووي الايراني، وليس "اسرائيل،" مما يصب في لب الاستراتيجية الاميركية للمنطقة، ليس في الشق النووي فحسب، بل للأمن الاقتصادي للمجلس ان قررت ايران اغلاق مضيق هرمز وتهديدها للملاحة التجارية. ومن زاوية حساب حداثة الاسلحة الكلاسيكية المتوفرة لدول مجلس التعاون فانها تتفوق على ترسانة ايران. اما في الشق العملياتي فيتعين على دول المجلس اخضاع الاسلحة المشتركة الى قوة متماسكة ان ارادت التصدي لايران بفعالية واستقلالية عن الراعي الاميركي.
المعلومات الاستخبارية الغربية، لا سيما الاميركية والبريطانية، تشير الى نقص المعدات الحديثة المتوفرة لدى سلاح البحرية الايرانية، وان المعدات والامكانيات الاشد حداثة وفتكا، خاصة الزوارق السريعة، هي تحت امرة قوات الحرس الثوري الذي سيلجأ الى كثافة قواته ومعداته لاشغال اسلحة البحرية الخليجية.
ووفق ذات المصادر، فإن ترسانة دول المجلس البحرية تتمتع بمعدات حديثة ذات قدرات عالية باستطاعتها توسيع نطاق مسرح العمليات والبقاء لفترة زمنية اطول في مياه الخليج؛ بعد استثمارها في الحصول على احدث ما يتوفر من سفن الدوريات البحرية سريعة الحركة ومسلحة جيدا، مزودة باجهزة الاستشعار الليلية وقذائف خفيفة دقيقة التصويب ومدافع آلية عديمة الارتداد. وتضيف بأن اسلحة الجو لدول المجلس باستطاعتها توفير مظلة حماية وازنة للقطع والاسلحة البحرية، فضلا عن ميزة الخبرة المكتسبة من خلال المناورات المشتركة مع الاساطيل البحرية الاميركية والبريطانية والفرنسية مجتمعه.
وتجمع المصادر عينها ان ما لدى ترسانة دول مجلس التعاون لا يجوز الاستهانة به "ان توفرت مدارك المعرفة لطواقمها واستخدامها بفعالية." اذ لديها القدرة على شن عمليات انزال بحرية متواضعة الحجم ضد اهداف ايرانية على طول شاطيء الخليج، فضلا عن امكانية اغارة سلاح الطيران وقصف البحرية لاهداف ومنشآت بحرية ايرانية.
نجاح مواجهات من هذا القبيل تعتمد على توفر الارادة السياسية لاتخاذ قرار حاسم في الوقت المناسب، يسبقه جهود فعالة لدمج القوات والاسلحة المختلفة تحت قيادة موحدة ونظم اسلحة متكاملة.
في هذا الشأن، ينظر بايجابية الى اعلان دول الخليج بلورة قيادة عسكرية مشتركة تسخر طاقاتها مجتمعة للدفاعات الجوية، وبلورة استراتيجية بحرية مناسبة، وحشد الجهود لمكافحة الارهاب – حتى من باب تحديد الاولويات. عوامل الاعاقة لبلوغ ذاك الهدف متعددة، ليس اقلها النزعة الاستعراضية والدعائية لامتلاك اسلحة متطورة وفي تشبث الاطراف المختلفة بالكبرياء الوطني لكل منها مما يحول دون استغلال طاقاتها مجتمعة.