القصة الحقيقية لمجموعة «نادي بيلديربيرج» وماذا تخطط الآن؟ (1-3)
عكف دانييل إيستولين- لأكثر من 14 عاماً- على البحث والتحقيق في التأثيرات طويلة الأمد لنادي بيلديربرغ على كل من السياسة العالمية والمال والأعمال والحرب والسلام والموارد العالمية.
مراجعة لكتاب دانييل إيستولين
يقول إيستولين في كتابه (القصة الحقيقية لنادي بيلديربرغ)- والذي نُشر عام 2005 وصدر منه إصدار جديد في 2009- ما يلي: «التقى أكثر رجال العالم قوةً ونفوذاً للمرة الأولى في مدينة أوستربيك بهولندا وناقشوا مستقبل العالم، ثم قرروا تسمية أنفسهم بـ(نادي بيلديربرغ)، واتفقوا على اللقاء سنوياً بشكلٍ سري».
إن هذه المجموعة تضم في عضويتها ممثلين عن أقوى النخب العالمية التي تأتي أغلبها من أمريكا وكندا وغرب أوروبا من أمثال: ديفيد روكفيللر، هنري كيسنجر، بيل كلينتون، جوردن براون، أنجيلا ميركل، آلان جرينسبان، بين برنانك، لاري سمرز، تيم جيثز، لويد بلانكفاين، جورج سوروس، دونالد رامسفيلد، روبرت مردوخ، ورؤساء آخرين، وبعض المتنفذين من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب والبنتاغون وحلف الأطلسي، مع شخصيات من الطبقة الملكية الأوروبية وشخصيات إعلامية محددة ومنتقاة، ناهيك، بالطبع، عن الرئيس باراك أوباما وعدد من كبار المسؤولين في إدارته.
غالباً ما كانت الشخصيات التابعة لكل من مجلس العلاقات الخارجية (CFR)، وصندوق النقد والبنك الدوليين، والمفوضية الثلاثية* والاتحاد الأوروبي، ومحافظي المصارف المركزية الكبيرة التابعة لمجلس الاحتياطي الاتحادي (الفيدرالي)، تحوز على أفضل تمثيل في النادي.
بغض النظر عن المهمة التي كان يعمل عليها النادي في بداياته، فإنه بات اليوم يمثل حكومة ظل عالمية تهدد بسلبنا حقنا بتحديد مصيرنا عبر خلق وقائع مقلقة ومضرة بالمصالح العامة للناس.
باختصار فإن أعضاء بيلدربيرغ يسعون لاختطاف سيادة الدول عبر تأسيس حكومة عالمية مُهيمَن عليها من شركاتهم ومدعومة بقوة عسكرية هائلة.
«ارستقراطية المصالح»
قرر أعضاء النادي عند تأسيسه أن يشكلو ما يسمى بـ(أرستقراطية المصالح) بين أوروبا والولايات المتحدة الأميركية بغرض التوصل إلى توافق على التحكم بالعالم من النواحي السياسية والاقتصادية والاستراتيجية.
ولتحقيق غاياتهم كان لا بد من وجود حلف الناتو ليضمن قيام حروب دائمة وليستخدم أسلوب الابتزاز النووي في الحالات الضرورية، كمقدمة لعملية نهب الكوكب وكسب السلطة والثروات الطائلة وسحق جميع منافسيهم في العالم.
إن التحكم بأموال العالم، إلى جانب الهيمنة العسكرية، هو أمرٌ حاسم لأنه يضمن لهم السيطرة المطلقة. وهذه الحقيقة هي ذاتها التي فهمها آل روتشيلد في القرن التاسع عشر والتي لخصها البطريرك أمتشيل روتشيلد بقوله الشهير: «أعطني السيطرة على مال الأمة ولا يهمني من يضع قوانينها».
إن نادي بيلدربيرغ هو أكثر نوادي العالم تميزاً، حيث لايمكن لأي أحد أن يدفع المال مقابل نيل عضويته فالطريق الوحيد إليه هو عبر لجنته التوجيهية والتي تقرر من يستحق أو لا يستحق الإنضمام. وفي كل الأحوال، فإن المشاركين كافة هم حكماً من أتباع إدارة النظام العالمي الواحد التي تديرها النخب المنبثقة عن أعلى السلطات في الكوكب.
وفقاً لقوانين اللجنة التوجيهية، فعلى الضيوف المدعوين أن يأتوا وحدهم دون زوجاتهم أو أزواجهن ودون خليلاتهم أو عشاقهن. كما لا يمكن للمساعدين الشخصيين (مرافقين- رجال أمن- عملاء مخابرات) حضور الاجتماعات التي تعقد. ويمنع على الضيوف منعاً باتاً إعطاء أي تصريح للصحف أو تسريب أي مما يحدث في الداخل.
عند انعقاد أي من ملتقيات النادي، تقوم الحكومة المضيفه له بضمان أمنه العام وتعمل على منع دخول أي شخص غريب إليه. وعادةً ما يكون ثلث من يحضرون هذه الاجتماعات من السياسيين أما البقية فيتوزعون ما بين صناعيين وممولين وأكاديميين وشخصيات من قطاعات التواصل والقطاعات العمالية.
تجري هذه الاجتماعات على قاعدة إعطاء حرية التعبير عن جميع الآراء في ظل جو مريح، بحيث يطمئن كل من يريد التحدث أو طرح فكرةٍ ما بأن أياً مما سيقوله لن يُنقل أو يُسرَّب أو يجري كشفه للناس. وغالباً ما تكون الصراحة السمة الطاغية على هذه اللقاءات، إلا أن هذا لا يعني بالضرورة حصول إجماع طوال الوقت.
ينقسم أعضاء النادي الذين يحضرون اجتماعاته إلى:
- أشخاص يحضرون سنوياً بشكل دائم ومنتظم: ويقدر عددهم بحوالي ثمانين فرداً من أقوى الشخصيات العالمية.
- شخصيات أخرى: تتم دعوتها في حالات معينة للإستفادة من خبرتها أو بسبب انخراطهم في المواضيع التي سيتم بحثها في الاجتماع.
وتتم إعادة توجيه الدعوة لعدد من هذه الشخصيات- أكثرهم قيمةً- للبحث في كيفية توظيف قدراتهم بغرض استخدامها لاحقاَ.
ويعد بيل كلينتون أحد الأمثلة على هذه «الشخصيات الأخرى»، حيث تمت دعوته في عام 1991عندما كان حاكماً لولاية أركانساس إلى أحد اجتماعات النادي. وهناك شرح له ديفيد روكفلر الأهمية الكبيرة التي تجسدها (اتفاقية التجارة الحرة في أمريكا الشمالية NAFTA ) للنادي، وطلب منه القيام بدعمها.
وفي العام التالي، تم انتخاب كلينتون رئيساً لأمريكا، وتم عقد هذه الاتفاقية في الأول من كانون الثاني عام 1994.
إن بيل كلينتون هو مجرد واحد من أمثلة أخرى عديدة للشخصيات التي تم اختيارها لتحتل مناصب حكومية وعسكرية هامة مقابل خدماتها وولائها.
أهداف بيلدربرغ:
إن العالم الذي يحلم به أعضاء النادي، ويسعون جاهدين لتحقيقه، هو على الشكل التالي:
محكوم من (شركة) عالمية واحدة، وله سوق عالمية واحدة، ويضبطه جيش عالمي واحد وينظم أموره المالية مصرف مركزي عالمي واحد تصدر عنه عملة عالمية واحدة.
وتمتد لائحة (الأماني) الخاصة بالنادي لتشمل:
- إنشاء منظومة قيم عالمية واحدة.
- التحكم بعقول الناس، والسيطرة على الرأي العام العالمي.
- قيام نظام عالمي جديد لا وجود فيه للطبقة الوسطى أو للديمقراطية. عالم ينقسم إلى حُكّام وخُدّام أو حتى عبيد.
- مجتمعاً ذا نسب نمو صفرية.
- عالماً تخنقه الأزمات المفتعلة وتدميه الحروب الدائمة.
- هيمنة كاملة على العملية التعليمية في العالم بحيث يصبح هناك إمكانية لبرمجة عقول الناس واختيار ذوي العقول اللامعة منهم وتجيير قدراتهم لتأدية خدمات مختلفة تصب في مصلحة النادي.
- السيطرة التامة على السياسات الخارجية والمحلية وصهرها في قالب ذي قياس موحد ليتم استخدامه عالمياً.
- فرض ضرائب على سكان الأرض عبر منظمة الأمم المتحدة.
- توسيع كل من (اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية) و(منظمة التجارة العالمية).
- تحويل الناتو إلى جيش عالمي.
- فرض نظام قضائي وقانوني جديد.
الشركاء السريّون لبيلدربرغ:
تأسس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية- المهيمن حالياً على قرار الولايات المتحدة- في عام 1921.
في حينها سرت إشاعات تفيد بأن إدوارد ماندل هاوس المستشار الرئاسي في عهد الرئيس وودرو ويلسون وأحد مؤسسي المجلس، هو المالك الحقيقي لقرار البلاد في الفترة الممتدة مابين عامي 1913 - 1921.
وفي كانون الأول 1913 قام المصرف الاحتياطي الفيدرالي- وتحت إشراف هاوس- بمنح رجال المصارف سلطة خلق وإنتاج الأموال.
التزم مجلس العلاقات الخارجية- منذ بدايته- بالعمل على تأسيس حكومة عالمية واحدة تستند إلى نظام تمويل عالمي مركزي. أما اليوم، فبات المجلس يضم آلاف الأعضاء النافذين بمن فيهم شخصيات هامة ومؤثرة في أجهزة الإعلام التابعة للشركات الكبرى.
ولا يزال المجلس رغم تعداد أعضائه الكبير، محافظاً على قدرٍ كبيرٍ من السرية خصوصاً فيما يتعلق بجدول أعماله «الحقيقي». حيث يعتقد العديد من الباحثين والمهتمين بالدورالحقيقي للمجلس، بأنه المنظمة الأولى داخل مؤسسة القرار الأمريكي، علماً بأن جميع أعضاء المجلس هم من الأمريكيين فقط.
المفوضية الثلاثية
تعد المفوضية الثلاثية واحدةً من المنظمات الشبيهة بمجلس العلاقات الخارجية، حيث تعمل هذه المفوضية التي أسسها ديفيد روكفلر على جمع أصحاب النفوذ العالميين وتوحيد قواهم.
وتنبغي الإشارة هنا إلى أن روكفلر هو أحد الأعضاء القياديين في نادي بيلدربيرغ، إضافةً لكونه الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية. ويواصل روكفلر حتى هذه اللحظة دعم وتمويل كل هذه المنظمات آنفة الذكر.
الآن، سنقوم باستعراض عام وسريع لنوعية الأعضاء السابقين والحاليين في هذه المنظمات بغرض فهم المدى الحقيقي لقوتها:
جميع المرشحين الرئاسيين– تقريباً– من الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
أعضاء بارزون من مجلس الشيوخ، وأعضاء من الكونجرس.
الشخصيات المفتاحية في عالم الصحافة ورؤساؤهم.
المسؤولون الكبار في كل من: مكتب التحقيقات الفيدرالي– وكالة المخابرات المركزية– وزارة الدفاع– وزارة الخزانة– وكالة الأمن القومي.
إضافةً لوكالات حكومية أخرى متعددة الاختصاصات (سياسية، تجارية، قضائية).
هوامش:
المفوضية الثلاثية*: منظمة دولية خاصة مهمتها تعزيز وزيادة التعاون بين الولايات المتحدة وأوروبا واليابان
المؤلف ستيفن ليندمان
ترجمة وإعداد: نور طه