هل أضحى الناتو يشكل خطراً على أمن تركيا ومصالحها؟
كانت السنة الماضية حاسمة على مستوى العلاقات الأمريكية التركية، لا سيما بعد محاولة الانقلاب التي عرفتها تركيا سنة 2016، التي خطط لها الداعية الموالي للولايات المتحدة الأمريكية، فتح الله غولن. وبناء على ذلك، فإن أي بيان جديد، أو إجراء من قبل الطرفين، ينبئ بإمكانية الخروج المبكر لتركيا من حلف شمال الأطلسي.
وحيال هذا الشأن، تحدثت صحيفة «جيوبوليتيكا» إلى أستاذ العلوم التاريخية في جامعة إسطنبول والباحث الأكاديمي التركي، محمد برينسك، عن البديل الذي ستختاره تركيا لنفسها.
انسحب الجيش التركي من المناورات الجارية بمدينة النرويج بسبب استخدام حلف شمال الأطلسي صورة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وصورة مؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك، في لوحات التدريب على التصويب الناري.
هل يمكن اعتبار ذلك مزحة سيئة أم أمرا مقصودا غايته استفزاز تركيا؟ ولماذا يتم اعتماد هذه الأساليب؟
بالنسبة لتركيا، أضحت المشاكل مع حلف شمال الأطلسي قضية مصيرية. ففي البداية، كان الناتو يشكل تهديدا غير مباشر لأمن تركيا واستقلالها، أما الآن فهو يهدد تركيا بطريقة علنية.
يعد استخدام صورة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال مناورات حلف شمال الأطلسي بمثابة إعلان حرب على تركيا. والرد الصحيح يكمن في ضرورة انسحاب تركيا من منظمة حلف شمال الأطلسي لضمان أمنها واستقلالها.
لماذا هددت الولايات المتحدة الأمريكية بمنع تركيا من الوصول إلى تكنولوجيات الناتو في حال أقدمت على شراء منظومة «إس- 400» الروسية؟ وماذا تخفي هذه التصريحات؟
مما لا شك فيه، هناك حاجة إلى نظام مسلح مستقل، إذ تواجه تركيا مشاكل خطيرة مع الناتو، بل إنها تفكر جديا في الانسحاب من الحلف. وفي هذه الحالة، ينبغي أن يكون النظام المسلح الوطني التركي مستقلا عن منظمة حلف شمال الأطلسي.
وعموما، تحتاج تركيا إلى التعاون مع روسيا، والصين، وإيران في هذا الأمر، لا سيما أن لروسيا والصين نظاما مسلحا مستقلا عن حلف شمال الأطلسي. وفي حال وقع صدام بين تركيا والناتو، فإن تركيا لن تتمكن من استخدام أنظمة الناتو، لذلك هي بحاجة إلى بناء نظامها وشراء منظومة "إس- 400" الروسية، ما يمثل الخطوة الأولى نحو تحقيق أهدافها.
ذكرتم الانسحاب المحتمل لتركيا من منظمة حلف شمال الأطلسي. إذا كان الأمر كذلك، متى ستنسحب فعليا من الحلف؟
الآن في تركيا، إذا قمت بتشغيل التلفزيون، أو ألقيت نظرة على الصحف ستلاحظ أن معظم الناس أصبحوا أوراسيين. وفي هذا الإطار، أصبح الأطلسيون السابقون يتحدثون بشكل متزايد عن أوراسيا وعن إمكانية الانسحاب من حلف شمال الأطلسي، وما إلى ذلك. في الواقع، لا يمكن للأطلسيين الحاليين الدفاع عن أفكارهم علنا. وفي جميع الأحوال، لا يمكن الجزم بموعد خروج تركيا من الناتو، إلا أن ذلك مهم من أجل الحفاظ على أمنها.
أعلن أردوغان، سابقاً، عن خطط أنقرة، وموسكو، وطهران لعقد اجتماع ثلاثي لرؤساء أركان القوات المسلحة للبحث في الوضع السوري. فما هي آفاق تعاون المحور بشأن القضية السورية؟
إن تعاون هذه البلدان فيما بينها لا مهرب منه، نظرا لأن مصالح هذه البلدان تتطابق مع القضية السورية، فضلا عن قدرة هذه البلدان في الحفاظ على السلامة الإقليمية لسورية، وضمان الاستقرار في المنطقة. من ناحية أخرى، أصبحت عملية آستانا مثالا يحتذى به على الساحة الدولية، حيث أثبتت إمكانية حل المشاكل الإقليمية عن طريق اتحاد البلدان على أساس مناهض للإمبريالية ومعادي للولايات المتحدة الأمريكية. من هذا المنطلق، قد لا يقتصر التعاون على الملف السوري فحسب، بل يمكن أن يشمل مسائل عديدة من بينها مسألة القوقاز.
*عن صحيفة جيوبوليتيكا
تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء» لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني