اقتصاد ما بعد مؤتمر الحزب في الصين
بالنسبة لمن يقيسون مسار نمو الاقتصاد الصيني في السنوات الخمس المقبلة، بإمكانهم العثور على إشارات ذات مغزى خلال المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني الذي يعقد مرتين في عقد وتجرى فعالياته حاليا.
وعند وضع أطر أهداف التنمية للسنوات الخمس المقبلة في تقريره الذي قدمه للمؤتمر الوطني ال19 للحزب الشيوعي الصيني، قال شي جين بينغ إن الاقتصاد الصيني يتحول من مرحلة النمو السريع إلى مرحلة أخرى تتميز بالتنمية عالية الجودة.
وبحسب التقرير، لن تغلق الصين أبوابها أمام العالم ولكن ستصبح أكثر فأكثر انفتاحا.
وبينما تصبح الصين قوة عالمية، سيرفع ذلك سعر صلتها بعالم يزداد تكامله كما يخلق مجموعة جديدة من الفرص.
ومنذ انعقاد المؤتمر الوطني ال18 للحزب فى 2012، توسع الاقتصاد الصيني بمعدل سنوي بلغ 7.2 بالمئة في المتوسط بين عامي 2013 و2016، متجاوزا متوسط النمو العالمي البالغ 2.6 بالمئة والنمو بنسبة 4 فى المئة في الدول المتقدمة.
ووفقا للتقرير "حافظ الاقتصاد على معدل نمو من متوسط الى مرتفع ما يجعل الصين رائدة بين الاقتصادات الكبرى."
ووصف التقرير ذلك بالمرحلة المحورية لتحول نموذج النمو، وتحسين الهيكل الاقتصادى وتعزيز محركات نمو جديدة.
ويقول يو كون هوانغ الزميل البارز بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي إن الصين بحاجة لقيادة تحويلية لدفع البلاد للأمام ولتمتلك نظاما يتطور بطريقة صحيحة من أجل العصر الجديد. ويعني ذلك تعزيز المؤسسات ورأس المال البشرى في الوقت الذي تغير فيه الهيكل الاقتصادى.
وقال وانغ شياو دونغ حاكم مقاطعة هوبي بوسط الصين، والمندوب للمؤتمر، ان التقرير بث فى نفسه الارتياح.
وقال ان هوبى "باعتبارها واحدة من القواعد الصناعية القديمة في البلاد، تقع على الخط الأمامي لتحول نمط النمو."
ولتقليل القدرة الزائدة لإنتاج الصلب وتطوير تنافسية السوق، اندمجت شركة ووهان للحديد للصين، وهى شركة ضخمة مقرها هوبي، مع شركة باو ستيل ومقرها شانغهاي في عام 2016.
وفي عام 2016 وحده، أنجزت هوبي هدفها الخاص بتقليل القدرات الزائدة للسنوات الثلات المقبلة. لكن معدل نموها الاقتصادي السنوي مازال أقل من المعدل الوطني.
وقال وانغ إن"إعادة الهيكلة الاقتصادية هي السبيل الوحيد لتحقيق نمو اكثر استدامة وتوازنا وجودة عالية في السنوات الخمس المقبلة. علينا ألا ندخر جهدا لتحقيق ذلك."
وأكد التقرير على أهمية تعزيز الانفاق الاستهلاكي حيث ينبغي أن يقوم بدور أساسي في الاقتصاد الوطني.
وركزت مؤسسة هوبى المصرفية المحدودة، وهى بنك إقراض صغير الحجم بالمقاطعة، على توسيع الائتمان الاستهلاكي في السنوات الماضية نظرا للطلب السوقي القوي.
ويقول تشو يوي كون أمين لجنة الحزب في الشركة، والمندوب للمؤتمر إن "معدل نمو الائتمان الاستهلاكي مذهل. وبالرغم من أنه يمثل نسبة صغيرة من اجمالي اقراضنا، سينمو بسرعة كبيرة في المستقبل."
ويقول وانغ تاو كبير الخبراء الاقتصاديين في مصرف ((يو بي اس تشاينا))، إن الاستهلاك سينمو وفقا للتقديرات بمعدل سنوي 7 بالمئة على الأقل في العامين القادمين بفضل ارتفاع الاجور والمطالب بتوفير معيشة ذات جودة عالية.
وفي 2016، كان نصيب الاستهلاك نحو 54 بالمئة من اجمالي الناتج المحلي. وتوقع وانغ أن ترتفع بنسبة 2 إلى 3 نقطة مئوية بحلول نهاية 2020.
ووفقا للتقرير، ستطبق الصين نظام المعاملة الوطنية قبل التأسيس بالاضافة إلى جانب وضع قائمة سلبية في جميع المجالات. كما ستخفف القيود على الدخول للسوق وستحمي الحقوق المشروعة للمستثمرين الأجانب ومصالحهم .
وعلى مدار العقود الماضية، تحولت الصين من نموذج للاقتصاد المنغلق الى الاقتصاد المنفتح وأصبحت بذلك أكبر مُصدر وثاني أكبر مستورد في العالم ومصدر للاستثمارات الخارجية المباشرة .
وبينما تطل الحمائية التجارية برأسها في الغرب حاليا ،تسعى الصين لتحرير أكبر للتجارة والاستثمار من أجل الرخاء المشترك.
وعبر ربط البلدان والمناطق التي تمثل ما يزيد على 60 بالمئة من عدد سكان العالم و30 بالمئة من اجمالي الناتج المحلي العالمي، فإن مبادرة الحزام والطريق هى "نموذج مثالي" لمشاركة الصين حكمتها وحلولها للنمو والإدارة العالميين ، حسبما قال روبرت لورانس كون رئيس مؤسسة كون غير الحكومية الأمريكية المعنية بتعزيز العلاقات الأمريكية الصينية.
ورفع صندوق النقد الدولي مؤخرا توقعاته للنمو الاقتصادي الصيني في عامي 2017 و2018 الى 6.8 و6.5 بالمئة على التوالي، وكلا النسبتين أعلى من توقعاته السابقة في يوليو.
وبالنسبة لاقتصاد يتجاوز حجمه الاجمالي 11 تريليون دولار،فإن المحافظة على ذلك النمو المرتفع ليس بالأمر اليسير، حسبما يقول تشو قوانغ ياو نائب وزير المالية الصيني.
وأضاف أن تعديل النسبة بالارتفاع "تأكيد قوي" من جانب صندوق النقد الدولي للإنجازات التي حققتها الحكومة الصينية في الاصلاحات الهيكلية لجانب العرض".
تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء» لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني