قطر الإرهابية، والسعودية البريئة .. والأمريكي المتفرج!
يتفاقم الخلاف الخليجي – الخليجي بشكل متسارع، ويزداد الضغط على قطر، لم يتوقف الأمر عند إعلان السعودية والإمارات والبحرين، واليمن، و مصر، وليبيا: قطع علاقاتها مع دولة قطر، بعد اتهامها بدعم «الإرهاب»، إضافة إلى إعلان قوات ما يسمى «التحالف العربي»، الذي تقوده السعودية، إنهاء مشاركة القوات المسلحة القطرية في العمليات العسكرية باليمن، وذلك بعد حملة إعلامية واسعة متواصلة ومستمرة، بل تعدى ذلك إلى ضغط مالي من أذرع المراكز المالية الدولية، حيث اعتبرت وكالة «موديز» العالمية المتخصصة في التصنيف الائتماني للدول والشركات الكبرى، أن قطع عدد من الدول العربية علاقاتها الدبلوماسية مع دولة قطر، يؤثر على تصنيفها الائتماني.
وكانت «موديز» خفضت أمس، التصنيفات الائتمانية لكبريات شركات النفط والغاز، والصناعة، والعقارات في دولة قطر، وأرجعت الوكالة أسباب خفض تصنيف قطر إلى «ضعف المركز الخارجي للبلاد، والضبابية التي تكتنف استدامة نموذج النمو، في السنوات القليلة المقبلة»
العنوان العريض للحملة، هو اتهام « امبراطورية قطر» بدعم الإرهاب، إثر تسريب تسجيلات منسوبة لأميرها، وبعيداً عن السذاجة المعهودة إعلامياً في قراءة الأحداث، كما عوّدتنا وسائل الاعلام، فإن قراءة متأنية، لهذا التصعيد ضد أمير قطر خليجياً، ودولياً، تضع بين يدينا جملة استنتاجات أولية:
- تعتبر الحملة على حكام قطر إحدى تجليات تداعي الصف الأمريكي، وأحد انعكاسات التراجع العام للبنية بشقيها، «المركزي، والتابع في الأطراف» وكما هو معروف، فإن الطرفين: قطر وخصومها ينتسبون إلى «السلالات التابعة» وإن كانوا من أفخاذ متعددة.
- من خصائص أية بنية متراجعة، هو تفاقم التناقضات البينية، والتآكل من الداخل، والحال هذه، من الطبيعي أن يكون هناك كبش فداء، تنسب إليه كل الموبقات، والجرائم التي ارتكبها كل أركان هذا الحلف بقضه وقضيضه، ولأن قطر ارتضت أن تكون وجه القباحة خلال السنوات السابقة، في تمرير المشروع الأمريكي، وتمويل الفوضى الخلاقة، فإن الصفعة الأشد إيلاماً جاءت على وجهها، مما يمكننا من الاستنتاج، بأن تضخيم دور أية دولة أو قوة ما أمريكياً في مرحلة التراجع، يعني بداية نهاية هذه الجهة.
- لا يخلو الأمر أمريكياً كما نعتقد، من محاولات ابتزاز الطرفين المتخاصمين أكثر فأكثر، من خلال فرض إتاوات جديدة على البترودولار، لاسيما وإن احتمال تفجر أزمة مالية جديدة في الدول المركزية بات كبيراً، ولا يتفاجأ أحد، أن يجد خلال الفترة القريبة القادمة، وضع اليد على أصول ممتلكات البعض من المغضوب عليهم من آل ثاني، وموزة، النقدية منها، والعينية.
- المزيد من التوتر والانقسام في البيت الخليجي، يتجاوز الانقسام الراهن، قطر من جهة وباقي دول مجلس التعاون من جهة أخرى، إلى اصطفافات جديدة، قد تلجأ واشنطن إلى محاولة الإطاحة برؤوس أخرى من ممالك النفط والغاز، بشكل مباشر، أو عبر توريطها أو استدراجها في صراعات عسكرية، لاسيما، وأن هؤلاء «المؤمنين» لدغوا من ذات الجحر مرات ومرات!
- بعيداً عن الشماتة، رغم أنها مبررة، بكل ما تحملها الكلمة من معنى، فإننا نتوقع انكفاءً موازياً لانكفاء الدور القطري، يشمل دور الليبراليين العرب، والماركسيين السابقين، والمعارضات المأجورة، بما فيها السورية المتجسدة بالائتلاف، وانقسامات جديدة في صفوفها، ويمكن لأيٍ كان أن يرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها، اللهم، إذا كان هناك من هيأ نفسه للاكتفاء بالارتزاق على المائدة السعودية، ولكن، انتبهوا...! وضع السعودية لن يكون أفضل من قطر، ولو بعد حين.
- قطر ليست بريئة، بلا شك، وهي داعمة للإرهاب من قمة الرأس حتى أخمص القدمين، ولكن محاولة تبييض صفحة السعودية من خلال اتهام قطر، والتغطية على الراعي الحقيقي الأمريكي، هي محاولة جديدة لإعادة تأهيل البيت الخليجي لأدوار وظيفية جديدة.. ولكن عبثاً فدود الأزمة ينخر عظام الكل... الكل!