رسالة جون ماكين إلى تلاميذه
بعد سلسلة اعترافات من النخبة الامريكية، تنازل السيناتور جون ماكين أيضاً عن عنجهيته، واعترف بتراجع الدور الامريكي، وفي حديث لقناة (CNN) يوم الأحد 18 ديسمبر/تشرين أول، قال: «إن الأمثلة على فقدان الولايات المتحدة لدورها الريادي في أثناء حكم أوباما عديدة، ومنها الهجمات الإلكترونية على مؤسسات سياسية أمريكية قبل الانتخابات الرئاسية، واحتجاز الصين لجهاز مسح آلي (مسبار) في مياه بحر الصين الجنوبي، وتمزق سورية والمأساة التي تعيشها»
وأضاف ماكين: «عندما نقف جانباً وننظر كيف يجري كل هذا، فإن ذلك من علامات تدمير النظام العالمي الذي يسود منذ الحرب العالمية الثانية في أكثر الفترات سلماً في التاريخ».
تصريحات ماكين تزامنت مع تصريحات روبرت غيتس، وزير الدفاع الامريكي (2006-2011) ومدير وكالة الاستخبارات المركزية (1991-1993) الذي يشاطر ماكين في تقييمه للوضع الأمريكي الراهن، فقد قال غيتس إن «الولايات المتحدة تتراجع في كل مكان، والسبب الرئيس في ذلك هو أن كلام أوباما في الغالب لا يرافقه فعل».
التصريحات المتتالية للنخب الأمريكية في سياق الاعتراف بالتراجع الامريكي، وإن كانت تنطوي على تجاوز حالة الإنكار فأنها في نفس الوقت تمارس تضليلاً جديداً، من خلال تحميل الإدارة الحالية، أو الجديدة مسؤولية هذا الانحدار، وذلك للتغطية على ما هو أعمق وأكثر أهمية، وهو، سقوط خيار النيوليبرالية وتراجع المنظومة الرأسمالية، فأيأً كان الرئيس، وأياً كانت الإدارة، فإن التراجع مستمر بطبيعة الحال، بحكم الأزمة البنيوية العصية على الحل.
بقي أن نهمس، في مسامع ليبراليـ«ينا» الأشاوس، الذين كانوا وما زال بعض الحمقى منهم، يستهزئون بكل من يتحدث عن تراجع الدور الأمريكي، بأن أحد القواسم المشتركة، بين هؤلاء الذين يقرون بالتراجع، ويتساقطون واحداً بعد الآخر، هو، أنهم نفس النخب والجهات التي كانت، ترعى، وتموّل، وتدرّب، وتصنّع وتوعد النخب الليبرالية في الشرق... الأساتذة اعترفوا بالحقيقة، فاعترفوا أيها التلاميذ! وبعد عقد من إنكار التراجع الأمريكي، كم من الوقت يلزم حتى تقتنع «عقولكم المتكلسة» بأن نظاماً آخر – نعم نظاماً آخر- قادم.