«بريكس» في غوا: متمسكون بالسلام والتنمية ومواجهة الهيمنة
عقدت في مطلع الأسبوع الماضي القمة الثامنة لمجموعة دول «بريكس» في مدينة غوا الهندية. فيما يلي، تنشر «قاسيون» أجزاءً من البيان الختامي للاجتماع، والذي لخّص موقف الدول المنضوية في المجموعة إزاء مروحة واسعة من المسائل الدولية.
نحن قادة دول البرازيل، والاتحاد الروسي، وجمهورية الهند، وجمهورية الصين الشعبية، وجمهورية جنوب أفريقيا، اجتمعنا يومي 15-16/ تشرين الأول 2016، في مدينة غوا بالهند، في القمة الثامنة لمجموعة «بريكس»، التي عقدت تحت شعار «بناء الحلول السريعة، والشاملة، والجماعية».
ترجمة: قاسيون
إذ نشير إلى تصريحاتنا السابقة جميعها، فإننا نؤكد على أهمية المضي قدماً في تعزيز التضامن والتعاون بين دول «بريكس» على أساس المصالح المشتركة، والأولويات الرئيسية لتعزيز شراكتنا الاستراتيجية، بروح من الانفتاح، والتضامن، والمساواة، والتفاهم المتبادل، والتعاون الشامل والمنفعة المتبادلة. إننا نتفق على أن التحديات الناشئة للسلام والأمن العالمي، والتنمية المستدامة تتطلب زيادة تعزيز جهودنا الجماعية.
نحو تطوير مبادرات «بريكس»
إننا نتفق على أن دول بريكس تمثل صوتاً مؤثراً على الساحة العالمية، من خلال تعاوننا الملموس، الذي يعود بالفوائد المباشرة على شعوبنا. وفي هذا السياق، فإننا نلاحظ بارتياح تفعيل عمل بنك التنمية الجديد (NDB)، وكذلك ترتيبات الاحتياطي المحتمل لبريكس (CRA)، مما يساهم إلى حد كبير في الاقتصاد العالمي، وتعزيز البنية المالية الدولية. وإننا نرحب بالتقرير الذي قدمه رئيس (NDB) حول عمل البنك خلال السنة الأولى من عملياته. كما يسرنا أن نلاحظ التقدم في تنفيذ المركز الإقليمي الأفريقي لبنك التنمية الجديد (ARC)، ونتعهد بدعمنا الكامل له في هذا الصدد. ونتطلع إلى تطوير مبادرات جديدة لـ«بريكس» في مجموعة واسعة من المجالات خلال السنوات القادمة.
ونلاحظ بعين التقدير، الموافقة على أول مجموعة من القروض من بنك التنمية الجديد (NDB)، وخاصة في مشاريع الطاقة المتجددة في دول «بريكس». ونعرب عن ارتياحنا لإصدار المجموعة الأولى من السندات الخضراء التابعة لبنك التنمية الجديد باليوان الصيني. كما يسرنا أن نلاحظ أن تفعيل ترتيبات الاحتياطي المحتمل لبريكس (CRA) قد عزز شبكة الأمان المالي العالمي.
«BRICS» تلتقي بـ«BIMSTEC»
بهدف الوصول إلى إثراء فهمنا وارتباطنا بنظرائنا من الاقتصادات النامية والناشئة، سوف نعقد قمة حوارية بين قادة دول «بريكس» وقادة الدول الأعضاء في «BIMSTEC» (البنغال، بنغلادش، بوتان، ماينمار، نيبال، سيرلانكا، تايلاند). وستكون هذه القمة الحوارية فرصة لتجديد صداقتنا مع دول «BIMSTEC»، وكذلك لنستكشف بشكل مشترك إمكانية توسيع العلاقات التجارية، والتعاون الاستثماري بين «بريكس» و«BIMSTEC»، بينما ندفع في اتجاه أهدافنا المشتركة للسلام والتنمية والديمقراطية والرخاء.
لعالمٍ أكثر عدلاً.. وسلامٍ مستدام
إننا نكرر رؤيتنا المشتركة للتحولات العميقة الجارية في العالم، بوصفها انتقالاً إلى عالمٍ أكثر عدلاً، ونظام دولي ديمقراطي، ومتعدد الأقطاب، يقوم على الدور المركزي للأمم المتحدة، واحترام القانون الدولي. ونؤكد من جديد على ضرورة تعزيز تنسيق الجهود في القضايا العالمية، والتعاون العملي بروح من التضامن، والتفاهم، والثقة المتبادلة. إننا نؤكد على أهمية الجهود الجماعية في حل المشاكل الدولية، والتسوية السلمية للنزاعات من خلال الوسائل السياسية والدبلوماسية، وفي هذا الصدد، نكرر التزامنا بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
نلاحظ الطابع العالمي للتحديات الأمنية الراهنة، والتهديدات التي تواجه المجتمع الدولي. ونكرر رؤيتنا بأن الجهود الدولية للتصدي لهذه التحديات، وإحلال السلام المستدام والتحول إلى عالم أكثر عدلاً، تتطلب نظاماً دولياً متعدد الأقطاب، عادل وديمقراطي، يتبع نهجاً شاملاً ومنسقاً، على أساس روح التضامن والثقة المتبادلة، والمنفعة، والمساواة والتعاون، والالتزام القوي بالقانون الدولي، والدور المركزي للأمم المتحدة، والمؤسسات الدولية متعددة الأطراف، المنوط بها الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، ودفع عجلة التنمية العالمية، وتعزيز وحماية حقوق الإنسان. ونؤكد على أهمية مواصلة التنسيق لتعزيز جهودنا في هذا السياق.
ونؤكد من جديد التزامنا بالمساهمة في حماية وصون نظام دولي عادل ومنصف، يستند إلى شرعة ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك امتثال الدول جميعها لالتزاماتها القانونية الدولية. ونعرب عن التزامنا بالرفض التام لاستمرار محاولات تشويه نتائج الحرب العالمية الثانية. ونذكر كذلك، بأن التنمية والأمن مترابطان إلى حدٍ بعيد، ومفتاح لتحقيق السلام المستدام.
تعزيز صوت ثلاثي «بريكس» في مجلس الأمن
إننا ندين التدخلات العسكرية أحادية الجانب، والعقوبات الاقتصادية التي تنتهك القانون الدولي والمعايير المعترف بها عالمياً للعلاقات الدولية. وبأخذ ذلك بعين الاعتبار، نؤكد على الطبيعة غير القابلة للتجزئة لمفهوم الأمن، وأنه لا يحق لدولة أن تعزز أمنها على حساب أمن الآخرين.
نشير إلى الوثيقة الختامية لمؤتمر القمة العالمي لعام 2005. ونؤكد من جديد على ضرورة إجراء إصلاح شامل للأمم المتحدة، بما في ذلك مجلس الأمن التابع لها، بهدف جعله أكثر تمثيلاً، فعالاً وناجحاً، وزيادة تمثيل الدول النامية حتى تتمكن من الاستجابة على نحو كافٍ للتحديات العالمية. إن الصين وروسيا تؤكدان على الأهمية التي يعلقونها على مكانة ودور كل من البرازيل، والهند، وجنوب أفريقيا، في الشؤون الدولية، ودعم تطلعها إلى لعب دور أكبر في الأمم المتحدة.
حول الوضع في المنطقة
إننا نشعر بقلق بالغ إزاء الوضع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ونؤيد الجهود المبذولة كلها من أجل إيجاد سبل لتسوية الأزمات وفقاً للقانون الدولي، وبما يتفق مع مبادئ الاستقلال، وسلامة أراضي وسيادة دول المنطقة.
في سورية، إننا ندعو الأطراف المعنية جميعها إلى العمل من أجل التوصل إلى حل شامل وسلمي للصراع، مع الأخذ بعين الاعتبار التطلعات المشروعة للشعب السوري، من خلال حوار وطني شامل، وعملية سياسية بقيادة سورية، على أساس بيان جنيف الصادر في 30 يونيو عام 2012، وقرارات مجلس الأمن الدولي 2254، و2268، وتنفيذهما بالكامل، بالتوازي مع تواصل السعي الحثيث لمكافحة المجموعات الإرهابية المصنفة من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بما في ذلك «داعش»، و«النصرة»، والمنظمات الإرهابية الأخرى المحددة من قبل مجلس الأمن الدولي.
ونعرب عن قلقنا العميق إزاء التحديات الأمنية المستمرة في أفغانستان، والزيادة الكبيرة في الأنشطة الإرهابية هناك. ونؤكد دعم جهود الحكومة الأفغانية لتحقيق مصالحة وطنية بقيادة أفغانية، ومكافحة الإرهاب، واستعدادنا للتعاون البناء من أجل توفير الأمن في أفغانستان، وتعزيز المسار السياسي والاقتصادي المستقل، لتصبح البلاد خالية من الإرهاب وعمليات تهريب المخدرات. ونؤكد على أهمية التفاعل الأقليمي متعدد الأطراف حول المسائل الأفغانية، وفي المقام الأول، من قبل تلك المنظمات التي تتكون من الدول المجاورة لأفغانستان والدول الإقليمية الأخرى، مثل منظمة شنغهاي للتعاون، ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي، ومؤتمر «قلب آسيا».
النمو القوي والمستدام.. المتوازن والشامل
نؤكد مجدداً عزمنا على استخدام جميع أدوات السياسة- النقدية والمالية والهيكلية- فردياً وجماعياً، من أجل تحقيق هدف النمو القوي والمستدام والمتوازن والشامل. إن السياسة النقدية وحدها لا يمكن أن تؤدي إلى النمو المتوازن والمستدام. ونحن، في هذا الصدد، نؤكد على الدور الرئيسي للإصلاحات الهيكيلية. كما علينا أن نلاحظ أن الآثار المتولدة عن تدابير سياسات معينة في بعض الاقتصادات المتقدمة ذات الأهمية يمكن أن يكون لها تأثيرات سلبية على آفاق النمو في الاقتصادات الناشئة.
نحن ندرك أن الابتكار هو المحرك الرئيسي للنمو المتوسط وطويل الأجل والتنمية المستدامة. ولهذا، نؤكد على أهمية التصنيع، والتدابير التي تعزز التنمية الصناعية، باعتبارها ركيزة أساسية للتحول الهيكلي.
إننا نسلط الضوء على الحاجة إلى استخدام السياسة الضريبية والإنفاق العام بطريقة أكثر ملائمة للنمو، مع مراعاة الحيز المالي المتاح، مما يعزز الشمولية، ويحافظ على المرونة.
نلاحظ عمليات التكامل الديناميكية عبر مناطق العالم، ولا سيما في آسيا، وأفريقيا، وأمريكا الجنوبية. في هذا السياق، نؤكد إيماننا بتعزيز النمو في إطار التكامل الإقليمي، على أساس مبادئ المساواة والشمولية. ونعتقد أن ذلك من شأنه أن يعزز النمو الاقتصادي، من خلال تعزيز التجارة، والروابط الاستثمارية التجارية.
ونسلط الضوء على أهمية الاستثمارات، العامة والخاصة، في البنى التحتية تحديداً، بما في ذلك مشاريع الربط، لضمان النمو المستدام على المدى الطويل. ونحن، في هذا الصدد، ندعو إلى نهج يعمل على سد الفجوات التمويلية في البنية التحتية، بما في ذلك من خلال زيادة مشاركة بنوك التنمية متعددة الأطراف.