تعلموا من قدسيا..!
لليوم الثاني على التوالي تشهد بلدة قدسيا في ريف دمشق اعتصاماً جماهيرياً في وسط البلدة، تحت شعار: لا للحرب - نعم للسلم الحراك الشعبي «الاعتصام» في قدسيا - والذي لم تقم بتغطيته وسائل إعلام الدم - جاء رداً على محاولات تفجير الوضع الهادىء المستقر نسبياً، وخرق الهدنة القائمة، ، يحمل العديد من الرسائل، والدلالات والمعاني:
أولاً: إن هذا الاعتصام ينسف بالملموس تلك الفرضية الملتبسة التي عمل النظام بموجبها، وهي اعتبار أبناء المناطق التي تواجد فيها المسلحون بيئات حاضنة، والعمل وفق هذه الفرضية بمبدأ العقاب الجماعي، عبر الحصارات، والاعتقالات العشوائية.
ثانياً: أكد الاعتصام، إن توفر هامش الحركة للأهالي، والبنى المجتمعية المحلية يمكن أن يلجم وجود الجماعات المسلحة أكثر من اللجوء إلى القوة العسكرية، ويوفر دماء الكثير من السوريين، وممتلكاتهم.
ثالثاً: إن الحراك الشعبي في بلدة قدسيا، يعكس مزاجاً شعبياً عاماً يمكن أن يتكرر في أغلب المناطق التي يتواجد فيها المسلحون، مما يتطلب الكف عن تلك السياسات والممارسات الاستفزازية التي قامت بها بعض الأجهزة الرسمية، وبعض مجموعات الدفاع الوطني، من تشبيح وتعفيش، والتي اعتاشت عليها الجماعات المسلحة، في كسب الأنصار والمؤيدين.
رابعاً: أكدت تجربة أهالي قدسيا، إن الموقف المعارض السائد هنا وهناك، لا يعني بالضرورة الموافقة على العمل المسلح، أي أن رغبة الجماهير في الحراك السلمي دفاعاً عن مطالبها الاقتصادية - الاجتماعية والسياسية شيء، وعمل الجماعات المسلحة وأمراء الحرب شيء آخر.
خامساً: إن المبادرة السريعة إلى رفع الحصار، وتلبية مطالب الأهالي من تأمين الخدمات، والإفراج عن المعتقلين، والموقوفين، يمكن أن يعطي زخماً جديداً إلى الحراك الشعبي في مواجهة الجماعات المسلحة، ومن هنا فإن التلبية السريعة لهذه المطالب، هي أحد معايير الموقف الجدي من تحجيم عمل الجماعات المسلحة بكل أشكاله، وتسمياته.
إن مواجهة أهالي البلدة، لبعض الجماعات المسلحة التي حاولت خرق الاتفاق بصدورهم العارية، ونزع السلاح من بعضهم، وطردهم إلى خارج المدينة، عندما حاولت إحدى المجموعات الارهابية فض الاعتصام بإطلاق النار، يؤكد تصميم الأهالي، وإصرارهم على منع تصعيد الموقف، والحفاظ على المصالحة وهو درس عملي لمن يريد ان يتعلم التعاطي الصحيح مع مثل هذه المواقف.