«ديمقراطية» فرنسا.. بأشنع أشكالها
اختارت السلطات الفرنسية فرض قانون العمل الليبرالي الجديد فرضاً، رغم خروج مئات الآلاف من العمال المنظمين تحت لواء النقابات العمالية اليسارية الفرنسية للتظاهر في ساحات البلاد، اعتراضاً على الإجحاف الذي تمارسه الحكومة على حقوقهم الطبيعية، بما يؤكد من جديد على أن «الديمقراطية الغربية» ليست سوى شعار رنان سرعان ما ينكشف زيفه عند أول مفترق طرق بين قوى رأس المال والعاملين بأجر.
بسلوكٍ هو أشبه بالدكتاتوريات العسكرية التقليدية التي نعرفها، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، اليوم الثلاثاء 5/7/2016، أن حكومته استخدمت «إجراء دستورياً» يتيح لها فرض قانون العمل المعدل المثير للجدل دون تصويت برلماني.
وفيما بدا أنه تكرار للتبريرات الكثيرة غير المقنعة التي ساقتها الحكومة لتمرير مشروعها، قال فالس أمام البرلمان إنه اتخذ هذه الخطوة «مراعاة للمصلحة العامة» للشعب الفرنسي وليس من باب «التعنت».
وأمام هذه الحال، يمكن التنبؤ بذهاب البلاد إلى تصعيد سياسي كبير، لاسيما مع انتظام حركة النقابات الفرنسية، واستعدادها لحشد القوى ورصّ الصفوف في وجه هذا القانون الذي يعد من أكبر الجرائم التي ترتكب بحق الطبقة العاملة الفرنسية عبر التاريخ.
وإذا لم يتم تقديم مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة في غضون الساعات الـ24 المقبلة، فإن مشروع القانون الذي يتسبب منذ أربعة أشهر بتظاهرات حاشدة في البلاد، سيعتبر كأنه اعتمد قبل أن يواصل مساره البرلماني.
وسبق أن أعلنت المعارضة اليمينية من «الجمهوريين» أنها لن تقدم مذكرة لحجب الثقة. أما المعارضون المحسوبون على قوى اليسار، فإنهم يواجهون صعوبة في جمع التواقيع الـ58 اللازمة من النواب لبدء الإجراء. ما يعني عملياً أن الخيار الوحيد المطروح لدى قوى اليسار والنقابات العمالية هو اللجوء إلى الشارع، بمزيد من التظاهرات والاحتجاجات وتعبئة المجتمع ضد الحكومة ذات التوجهات الليبرالية الجديدة.