بعد الـBrexit: هل تقترب واشنطن من برلين أم تقترب ألمانيا من الـDexit؟
فور خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، برزت في الواجهة الكثير من المواضيع الشائكة التي لم تُحسم بعد;
أهمها مستقبل العلاقات الأمريكية مع الاتحاد الأوروبي ومصير الدول الأخرى في المنظومة القارية، وعلى رأس هذه الدول ألمانيا الاتحادية.
صحيح أن «العلاقة الخاصة» التي طال أمدها بين الولايات المتحدة وبريطانيا أعطت لواشنطن موطئ قدم على طاولة محادثات بروكسل، حيث أكد هذا الأمر الرئيس أوباما خلال تعليقه على موضوع الاستفتاء البريطاني. ولكن أوروبا من دون المملكة المتحدة لن تسحب البساط الأوروبي من تحت قدمي واشنطن.
فبحسب موقع «بوليتيكو» المختص بالشؤون الأوروبية، لم يعد سراً أن ألمانيا، لا المملكة المتحدة، هي التي لعبت منذ عدة سنوات دور الحليف الأساسيرئيسي للرئيس أوباما في السياسات الأوروبية. لذلك، فإن الخبراء يرون أن نفوذ واشنطن في أوروبا سيبقى على قيد الحياة حتى بعد الـBrexit.
ووفقاً لدامون ويلسون، وهو المدير السابق للشؤون الأوروبية في مجلس الأمن القومي في عهد جورج بوش الابن، والذي يشغل حاليا منصب نائب الرئيس التنفيذي للمجلس الأطلسي، فإنه «في القضايا الكبرى، لم تكن المكالمة الأولى مع لندن، كما كان الحال في السابق، بل مع برلين».
وبالرغم من المعارضة الشعبية، كانت ميركل هي الزعيمة الأوروبية الأولى التي دعت قبل عقد من الزمان إلى محادثات اتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة المسمى بـ«الشراكة التجارية والاستثمارية عبر المحيط الأطلسي» (TTIP).
وفي عام 2014، أجبرت المستشارة ميركل الحكومات الأوروبية المترددة على الانضمام إلى برنامج أوروبي أمريكي مشترك لفرض العقوبات على موسكو.
كما أن ميركل كانت مهندسة سياسات التقشف للتعامل مع الأزمة المالية اليونانية، بالإضافة إلى أزمة اللاجئين والمهاجرين القادمين إلى أوروبا.
لذلك يعتقد المراقبون الأوروبيون، أنه بدلاً من إضعاف النفوذ الأمريكي في أوروبا، فعلى الأرجح، سيزيد الـBrexit من اعتماد الولايات المتحدة على ألمانيا، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالتعاون عبر الأطلسي بشأن العقوبات ضد روسيا، والتحديات المستمرة في منطقة اليورو وتسونامي المهاجرين إلى أوروبا; القضايا التي أصبحت ألمانيا فيها بمثابة صلة الوصل الأولى بالنسبة للولايات المتحدة.
على الضفة الأخرى، قام حزب «البديل من أجل ألمانيا» (AfD) المناهض للاتحاد الأوروبي بتحويل مسألة الـBrexit إلى قضية رأي عام في البلاد، واعداً جمهوره باستفتاء مماثل في حال أمَّن الحزب مقاعد كافية في الانتخابات الفدرالية القادمة في عام 2017.
في هذا الصدد، وصف المتحدث باسم الـAfD في مقاطعة تورنغن، بيون هوكي بروكسل بـ«الوحش البيروقراطي»، مضيفاً أنه «في العام المقبل سيدخل حزب الـAfD إلى البوندستاغ، وسوف يكون الـDexit على جدول أعمالنا».
وأكد هوكي أن الشعب الألماني يرغب في أن يكون حراً من «عبودية الاتحاد الأوروبي» بحسب تعبيره.
كما صرح جورج باتسديرزكي، أحد كبار أعضاء الـAfD في برلين أنه «يجب أن الألمان أن يقرروا بشأن مسألة البقاء في الاتحاد الأوروبي»، مؤكداً أن «البديل» هو الحزب الوحيد الذي يتحدث بشكل واضح لصالح إعطاء الشعب حق اتخاذ القرار.
من جانبه قال مانويل أوكسنرايتر، رئيس «المركز الألماني للدراسات الأوراسية» إن الحركات المتشككة تجاه الاتحاد الأوروبي تعلم أن الاتحاد، الذي يتعارض مع القيم الأوروبية، بحاجة لكثير من الإصلاحات. لقد أخضعت المنظومة القارية أوروبا للسلطة الأمريكية وحوّلت القارة إلى كيان محتل سياسياً وأيديولوجياً، والمعسكر المؤيد للبقاء غير مستعد لتغيير ذلك، بل هو مرتاح في التبعية لواشنطن.
لذلك، فإن «أوروبا الجديدة»، أي أوروبا بعد الاتحاد الأوروبي، قد تصبح «أوروبا الحقيقية» أو «أوروبا الأوروبية» لتحل مكان «أوروبا الأمريكية»، وفق أوكسنرايتر.
ومن الجدير بالذكر أن كل الحركات والأحزاب الأوروبية المتشككة تجاه الاتحاد الأوروبي قد ساندت حملة الـBrexit في الاستفتاء التاريخي يوم 23 حزيران/يونيو.
المصدر: روسيا اليوم