«سلام» إسرائيل مع السعودية «ليس بعيداً»
سعى تقرير نشرته صحيفة «معاريف»، يوم أمس، لمتابعة تطوّرات العلاقات الإسرائيليّة مع دولٍ عربيّة، على رأسها السعوديّة، خصوصاً بعدما تكاثرت الأنباء حول لقاءات واجتماعات تجري في أماكن مختلفة بين ممثلين عن الدولتين.
وكانت وكالة «بلومبرغ» أوردت في سياق تقرير نشرته في شهر حزيران 2015، أنَّ خمسة لقاءات سريّة جمعت بين ممثلين عن كلّ من إسرائيل والمملكة السعوديّة، وبدأت بالانعقاد اعتباراً من بداية العام 2014، في كلّ من الهند وإيطاليا وتشيكيا، لنقاش التحديات المشتركة للدولتين وواقع العداء لإيران والاستقرار الإقليمي.
وتحدّثت الوكالة حينها عن ندوة مشتركة استضافها «مجلس العلاقات الخارجيّة» في واشنطن، بين مستشار رئيس جهاز الاستخبارات السابق، أنور عشقي، وأحد كبار مستشاري رئيس الحكومة (حينها)، دوري غولد، وزميله في وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة شمعون شابيرا.
وبحسب تقرير الصحيفة الإسرائيليّة، فإنَّ «السعوديين والإسرائيليّين كانوا منفعلين». ويُنقل عن أحد الإسرائيليّين المشاركين في اللقاءات قوله: «أنت لا تلتقي مع سعوديين كل يوم، فجأة أنت ترى سعوديين مثقّفين جداً، ومطلعون على الوضع العالمي، هم أشخاص يوجد ما نتحدّث عنه معهم. وقد انفعلوا لرؤية إسرائيليين يتحدّثون بالروحيّة نفسها، وبنظرة مشابهة. فجأة تفهم أنَّ اتّفاق سلام مع السعودية ليس شيئاً بعيداً. يجب توفّر الظروف المناسبة، وهذا سيحدث. هذا لن يحدث غداً، لكنّه ليس وراء جبال الظلام. عندما خرجنا من اللقاءات، قلنا لأنفسنا إنّه يوجد هنا شرق أوسط مع الكثير من الأمل لمستقبل أفضل».
وخلال الندوة المشتركة العام الماضي، قال عشقي أمام الكاميرات: «بالتأكيد يمكن التعاون. يوجد الكثير من المصالح المشتركة». وبعد ذلك ببضعة أيّام، تم تعيين غولد مديراً عاماً لوزارة الخارجيّة الإسرائيليّة. وزار عشقي قبل عام، القدس بدعوة من السلطة الفلسطينيّة للصلاة في المسجد الأقصى.
وبحسب الصحيفة، فإنَّ علاقة إسرائيل توطّدت مؤخراً مع مصر، وأنها كانت مطلعة مسبقاً على نيّة مصر التخلّي عن جزيرتي تيران وصنافير لمصلحة السعودية.
وأشارت إلى أنَّ شخصيّات رفيعة المستوى في المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة، بينها رئيس الموساد، زارت السعوديّة. كما أنَّ زعيم «هناك مستقبل»، يائير لبيد، التقى في نيويورك الأمير تركي الفيصل، وبعد ذلك التقى الفيصل وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون في مؤتمر الأمن في ميونيخ.
وكشفت الصحيفة أنَّ العلاقات مع السعوديّة تتوازى مع العلاقات في دولة الإمارات. فوزير البنى التحتية، يوفال شتاينتس، زار أبو ظبي مطلع العام الحالي، واجتمع إلى شخصيّات رفيعة المستوى من الإمارات. كما أنَّ دوري غولد زار تلك الإمارة قبل بضعة أشهر، لافتتاح الممثليّة الديبلوماسيّة الإسرائيلية في الوكالة الدوليّة للطاقة المتجددة.
ونقلت «معاريف» عن مصادر أجنبيّة، تأكيدها وجود رحلة طيران مرتين في الأسبوع بين أبو ظبي وإسرائيل.
أضف أن اثنين من لاعبي كرة الطائرة الإسرائيليين، أريئيل هلمان وشون فايغا، لعبا مؤخراً في قطر، وهما لم يشعرا بأيّ عداء تجاههما.
وبحسب موقع «ميدل ايست آي»، فإنَّ رئيس الموساد التقى الملك الأردني عبد الله الثاني، كما أشار إلى أنَّ رئيس الأركان، غادي آيزنكوت، اتصل بالملك لمناقشة التدخّل الروسي في سوريا.
كذلك، فإنَّ غولد شارك قبل حوالي ستة أشهر في لقاء في الأردن. أمّا نائب رئيس الأركان، يائير غولان، قد قال، الأسبوع الماضي، إنَّ الأذرع الأمنيّة تنقل معلومات إلى مصر والأردن من أجل المساعدة في الحرب ضدّ «داعش».
وبخصوص التفاهمات حول الحرم، فقد تبلورت مؤخراً بين إسرائيل والأردن، فيما التقى نائب وزير التعاون الإقليمي، أيوب قرة، مع شخصيّات أردنيّة رفيعة المستوى في العقبة.
وتعليقاً على هذه التطورات، يقول البروفيسور يورام ميتال من جامعة بن غوريون: «إذا استمر هذا التوجه، ستنشأ خريطة جيوسياسيّة جديدة في الشرق الأوسط».
وكان وزير خارجية البحرين، خالد بن أحمد آل خليفة، قال، قبل أسابيع، إنَّ إيران تهدّد دول الخليج والاستقرار في الشرق الأوسط، أكثر ما تفعل إسرائيل.
عبد الله الشمار، ديبلوماسي سعودي، قال مؤخراً لـ «وول ستريت جورنال» الأميركيّة، إنّه لو كان هو من يتّخذ القرارات في المملكة، لما تردّد للحظة في التعاون مع إسرائيل في كلّ ما يتعلّق بسياسة إيران النووية، وهو ما يوافقه عليه وزير الاستيعاب الإسرائيلي، زئيف الكين.
ولكن التقرير يتحدّث أيضاً عن العلاقات الاقتصادية التي تجري سراً بين إسرائيل وعدد من دول الخليج. ونقلت عن اليران ملفل من شركة «الأسواق العربية» التي تساعد رجال أعمال إسرائيليين بالتجارة في الدول العربيّة، قوله: «كل شيء يتمّ تحت الأرض، والنشر فقط يضرّ بالشركات الإسرائيلية. نحن نعمل بشكل دائم من أجل إخفاء العلاقات بين إسرائيل والدول العربيّة». لذا، يبدي بعض الإسرائيليين قلقهم من انعدام الشجاعة لدى هذه الدول العربيّة التي تخشى من تطوير العلاقات إلى المستوى الرسمي.
وهنا يأتي أولاً دور تجّارة الماس. ويقول ملفل إنَّ المجوهرات الإسرائيليّة مطلوبة في بورصة الماس الإماراتيّة في معرضها المقرّر الشهر المقبل. وخلافاً لما كان عليه الوضع في الماضي، لم تعد العلاقات مع الخليج تتمّ عبر وسطاء أو طرف ثالث، بل صارت مباشرة. ومثال محال ألماس الملياردير الإسرائيلي، ليف ليفايف، الموجودة في كل من نيويورك ولندن ودبي. كما أنَّ مئات الإسرائيليين يسافرون إلى الشرق الأقصى، عبر «قطر إيرويز»، ويهبطون في مطار الدوحة بجوازات سفرهم الإسرائيليّة.
وبرغم كل ما هو ظاهر، فإن غالبية العلاقات لا تزال سريّة. ومؤخراً نشر المغرّد السعودي «مجتهد» أنَّ السعودية تشتري من إسرائيل الطائرات عبر جنوب أفريقيا. كما أنَّ مجلة «أتلانتيك» الأميركية قالت إنَّ اسرائيل عرضت على السعودية منظومات «قبة حديدية» لمساعدتها في الحرب على اليمن.
وكتبت «معاريف» أنَّ ايهود باراك يملك أسهماً في شركة «سيالوم تكنولوجي»، التي تبيع وسائل أمنيّة للسعوديّة وعُمان، كما أنَّ شركة «رادوم» لتصنيع أجهزة الطائرات التجاريّة تتعاون مع إحدى دول الخليج. رجل الأعمال الإسرائيلي ـ الأميركي، ماتي كوخافي، وقّع عن طريق شركة «أي جي تي» اتّفاقية دفاع حدودية وآبار نفط في إحدى دول الخليج. وبحسب مصادر أجنبية، فقد استخدمت دبي الوسائل الأمنية الإسرائيلية من أجل الكشف عن رجال الموساد الذين قتلوا محمود المبحوح.