«بلدوزر» برلين.. ونهب أثينا
يدوس كل من «البلدزور» البرليني، وترسيخ وجود أثينا كأكبر بلد مدين في أوروبا، على الكثير من القيَم، كالديمقراطية والسيادة الوطنية، وترك وراءه بلداً تابعاً كاليونان. فمن سيكون تالياً على القائمة؟
إن قبول اليونان بالشروط الألمانية، لبدء التفاوض حول المزيد من القروض لإعادة تمويل ديونها غير المستدامة، قد يسهم في درء احتمال انهيار المصارف اليونانية، وبالتالي خروج اليونان من منطقة اليورو. لكن بعيداً عن حل المشكلة اليونانية، فإن البقاء في إطار استراتيجية الدائنين الكارثية التي استمرت خلال السنوات الخمس الماضية، سوف لن يؤدي إلا إلى زيادة الكساد الاقتصادي، وزيادة أعباء الدين التي لا تطاق.
القضية أكبر بكثير من اليونان، إذ بدا أكثر وضوحاً من أي وقتٍ مضى، أن الاتحاد النقدي الأوروبي المختل، يعاني اليوم من مشكلة ألمانية أيضاً، وهي مشكلة ألمانيا بوصفها دائناً في وحدةٍ نقدية بدأت تفقد مؤسساتها السياسية المشتركة، وبوصفها دائناً بدأ يسعى للهيمنة الكارثية.
المقصود من صورة اليونان اليوم، هو ردع أية دولة أخرى تحاول الخروج عن الخط. أما بالنسبة إلى تسيبراس، فإن الذل كامل الأركان يلحق به. فقد دعا مواطنيه إلى الاستفتاء، وحصل على تأييد واسع النطاق من الشعب اليوناني، ولكن عوضاً عن تعزيز أوراقه على طاولة المفاوضات، فإن الدائنين، بقيادة ألمانيا، لووا ذراعه إلى أبعد حد، من خلال الابتزاز والتلويح بورقة انهيار النظام المصرفي اليوناني.
اليوم، وبالنظر إلى مدى فاعلية الحراك الشعبي في اليونان، فإن على اليونانيين أن يستثمروا تمديد بقائهم في سجن المدينين، بهدف تأمين أفضل خطة للهروب. أما إذا رغبت اليونان في وجودٍ آمن لها داخل منطقة اليورو، فإنها ستحتاج إلى تأمين بنوكها وفق أسس احترازية.
وبذلك، يجب على أثينا أن تجبر المركز الأوروبي على أن تكون السندات التي بحوزتها مضمونة لدى الحكومة اليونانية بالحد الأدنى، وإعادة رسملتها مع أصول ملموسة تتمتع بإعفاءات ضريبية على الأرباح المستقبلية. وبهذه الطريقة فقط، لن يتمكن البنك المركزي الأوروبي مرة أخرى من تعطيلها.
باحث اقتصادي وسياسي بريطاني
عن «Foreign Policy» بتصرف..