نتنياهو يخرج عن طوره ويهاجم التفاهم النووي
حلمي موسى حلمي موسى

نتنياهو يخرج عن طوره ويهاجم التفاهم النووي

خرج رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن طوره، وهو يصف الاتفاق النووي مع إيران بالكارثة التي تهدد وجود إسرائيل. ولم يمنع نتنياهو نفسه من إجراء مكالمة حادة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما والذهاب إلى حد عقد اجتماع للمجلس الوزاري المصغر لإظهار معارضة جماعية للاتفاق.

ولكن غضب نتنياهو ينصبّ أساساً ليس على الاتفاق وبنوده، بقدر ما ينصبّ على محصلته النهائية وهي فشل إسرائيل في التأثير على مجريات دولية مهمة تتعلق بها.

ونشرت الصحف الإسرائيلية أن نتنياهو قال في المكالمة الليلية العاجلة مع أوباما إن الصفقة التي تستند الى هذا الإطار «تهدد وجود إسرائيل».
وقالت «هآرتس» إن أوباما أوضح لنتنياهو أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بأمن إسرائيل.
وأشار ديوان نتنياهو إلى أنه أعرب في المكالمة عن معارضة إسرائيل لاتفاقية الإطار مع إيران، ووصفها بأنها «خطر شديد على إسرائيل والمنطقة والعالم».
وقال نتنياهو لأوباما إن جنرالاً إيرانياً أعلن هذا الأسبوع أن «تدمير إسرائيل ليس موضوعاً للتفاوض».
وحاول نتنياهو أن يثني أوباما عن الاتفاق بقوله إن إيران في هذه الأيام تسرّع تسليح «وكلاء الإرهاب» التابعين لها في المنطقة بهدف مهاجمة إسرائيل.
وأوضح أن «هذه الصفقة تمنح شرعية للمشروع النووي الإيراني، وتعزز الاقتصاد الإيراني، وتعاظم العدوانية والإرهاب الإيرانيين في أرجاء الشرق الأوسط وما بعده».
وشدد نتنياهو على أن «صفقة كهذه لن تمنع إيران من التوجه نحو القنبلة بل إنها تمهد الطريق إليها».
وأضاف نتنياهو أن اتفاقية الإطار مع الإيرانيين ستعاظم مخاطر التسلح النووي الإقليمي والحرب، معتبراً ان «البديل هو الصمود بحزم وزيادة الضغط على إيران إلى حين التوصل الى اتفاق أفضل».
أما البيت الأبيض فأشار الى أن أوباما شدد أمام نتنياهو على أنه بالرغم من أن المفاوضات مع إيران تجري على أساس أن «لا شيء متفق عليه قبل أن يتم الاتفاق على كل شيء»، فإن اتفاق الإطار يشكل تقدماً جوهرياً باتجاه حل بعيد المدى وشامل يسد الطريق أمام إيران للحصول على سلاح نووي، ويضمن أن يكون المشروع النووي الإيراني لأغراض سلمية فقط.
وأضاف أوباما أن التقدم في المفاوضات حول المشروع النووي لا يقلل بطبيعة الحال قلق الولايات المتحدة من واقع «رعاية إيران للإرهاب ضد إسرائيل». وشدد على أن الولايات المتحدة تظل ملتزمة بأمن إسرائيل. وأشار أوباما إلى أنه أعطى تعليماته لطاقم الأمن القومي الأميركي بزيادة التشاور مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة بشأن سبل توثيق التعاون الأمني.
وفور إعلان اتفاق الإطار، بادر نتنياهو الى دعوة المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية للانعقاد لبحث الأمر. وقد شارك في الاجتماع الى جانب الوزراء الأعضاء، قادة أجهزة الأمن والجيش ذوو الصلة. وأصدرت رئاسة الحكومة الإسرائيلية بياناً شددت فيه على أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية «موحد في معارضته للصفقة التي أبرمت مع إيران».
ومعروف أن جهات عدّة كانت قد تحدثت عن خلافات في الرأي بين الحكومة الإسرائيلية وأجهزة التقدير في الاستخبارات العسكرية والموساد بشأن سبل التعامل مع المشروع النووي الإيراني، ومع الاتفاق المحتمل بشأنه مع القوى العظمى. ولذلك كان مهماً لرئاسة الحكومة الإسرائيلية تأكيد «وحدة الموقف» من دون أن يعني ذلك أن شيئاً سيتغير، فالحكومة الجديدة على الأبواب، وليس معروفاً اليوم نهائياً وجهتها.
وترى مصادر سياسية إسرائيلية أن الأمر «يتعلق باتفاق إطار سيئ سيقود إلى اتفاق سيئ وخطير. وإذا تحقق اتفاق على أساس خطوط الإطار هذه، فهذا خطأ تاريخي سيجعل العالم أشد خطراً من ذي قبل».
وخلافا للتصريحات الأميركية والأوروبية، ترى إسرائيل أن الاتفاق «يضفي شرعية دولية على المشروع النووي الإيراني، الهادف فقط الى إنتاج قنابل نووية».
وتزعم الجهات الإسرائيلية أن «الاتفاق لا يطلب من إيران وقف عدوانيتها في المنطقة، ولا الإرهاب في العالم، ولا التهديدات بتدمير إسرائيل، والتي تكررها حتى في الأيام الأخيرة»، وترى أن «البديل للصفقة السيئة ليس الحرب، بل صفقة أخرى، تفكك جوهرياً البنية النووية لإيران، وتطلب منها وقف عدوانها وإرهابها في المنطقة والعالم».
وكان وزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شتاينتس قد حمل بشدة على الاتفاق، مشيرا إلى أنه يعقد فيما إيران تواصل «حملات الاحتلال والإرهاب في اليمن وأرجاء الشرق الأوسط». وبحسب كلامه فإن «الابتسامات في لوزان منقطعة عن الواقع البائس الذي ترفض فيه إيران تقديم تنازلات في الشأن النووي وتواصل تهديد إسرائيل وباقي دول الشرق الأوسط».
وخلافا للمواقف التي كانت قبل الانتخابات، أعلن عضو الكنيست عمير بيرتس، من «حركة» تسيبي ليفني أنه «ينبغي أن يثير الاتفاق القلق في إسرائيل، ولكن لأنه اتفاق إطار، ينبغي تجنيد كل القوى في إسرائيل – السياسية والمهنية - لتوظيف الجهد الشامل في الحلبة الدولية الواسعة برئاسة الولايات المتحدة، والدول الأوروبية والدول العربية المعتدلة، لتحسين الاتفاق النهائي، والحفاظ على مصالح إسرائيل الأمنية».
أما زعيما «المعسكر الصهيوني» اسحق هرتسوغ وتسيبي ليفني فاعتبرا أنه «ينبغي أن نتذكر أن الجهد الأساس لا يزال أمامنا، وعلينا الدفع نحو فكرة أن الاتفاق النهائي الذي يتبلور حاليا سيقود إلى ردع المشروع النووي الإيراني، بما يمنع عنه السلاح النووي، ويضمن المصالح الأمنية الإسرائيلية».
ودعا هرتسوغ وليفني الى «عمل وثيق مع القوى العظمى، لإعادة المشروع النووي الإيراني إلى الوراء، ومنعه من امتلاك سلاح نووي».
وتحاول إسرائيل حاليا المراهنة على عرقلة الاتفاق عبر الجمهوريين في الكونغرس، الذين بدأوا مساعيَ للضغط على الإدارة الأميركية من أجل التخلي عن الاتفاق أو لتعديله.
غير أن الخبراء في اسرائيل يعتقدون أن هذه المراهنة غير مجدية لأنه لا تتوفر حاليا لمعارضي الاتفاق غالبية الثلثين.
وفي كل حال يرى معلقون إسرائيليون أن الاتفاق المعلن هو من نوع «أهوَن الشرين» وأن بالوسع التعامل معه.
وكتب ناحوم بارنيع أن الاتفاق يعني أن إسرائيل فشلت، وأن نفوذها تقلص، وأن المنطقة ستدخل في سباق نووي يفقد إسرائبل تفوقها النوعي.
أما باراك رابيد فكتب في «هآرتس» أن الاتفاق النووي مع إيران ليس سيئاً، وأن إسرائيل ستواجه صعوبة في التصدي له.

 

المصدر: السفير