ضدَّ الفتنة ومفرداتها البغيضة
منذ الغزوة الكولونيالية الأمريكية - البريطانية للعراق، في مارس (آذار) 2003، انقلبت الأحوال سافلُها على عاليها، في بلادنا العربية، وتبدلت الأولويات والخيارات كما لم يسبق أن تبدّلت في تاريخنا الحديث حتى لَكَأنّنا أصبحنا غير ما كُنَّا أمس! العدوّ أمسى صديقاً، والصديقُ عدواً، والداخل الوطني في أي بلدٍ عربي صار مزدحماً بالتناقضات والصراعات المفتوحة على المجهول، وكل يركَب فيها غرائزه الحيوانية وعصبياته الأهلية ليذهب بنفسه والوطن إلى المهلكة! ولم تكن الدماء الغزيرة، التي سالت في هذه الحقبة العجفاء، أكثر ما طبع هذه المرحلة الجديدة من الانحطاط - فلقد كان سفْكُ الدم من تفاصيل يوميات التاريخ العربي الحديث منذ دخلت الحركة الصهيونية «على خطه»- وإنما أكثر ما طبعها أن هذه الشلاّلات من الدّم فجرتها صراعاتٌ عبثية لا قضية لها سوى القتل والإفناء المتبادل، في امتداد فقدان البُوصلة وتزوير الأولويات!