قرار دولي جديد، وتحت الفصل السابع...ما معنى ذلك؟ هل ينبغي أن يسرّنا القرار؟!

قرار دولي جديد، وتحت الفصل السابع...ما معنى ذلك؟ هل ينبغي أن يسرّنا القرار؟!

اتخذ مجلس الأمن الدولي يوم الخميس 6 تشرين الثاني 2025، قراراً تحت الفصل السابع بخصوص سورية، حمل الرقم 2799. وقد نال القرار 14 صوتاً مؤيداً مع امتناع الصين عن التصويت، وهو الأمر الذي يحمل دلالات مهمة، ينبغي محاولة فهمها.

فيما يلي نحاول تقديم قراءة أولية لمعاني وأبعاد هذا القرار، وضمن المحاور التالية:
أولاً: نص القرار الرسمي كما نشر في المعرفات الرسمية للأمم المتحدة.
ثانياً: ما هي مواد الفصل السابع ضمن ميثاق الأمم المتحدة؟
ثالثاً: هل هو أول قرار يصدر تحت الفصل السابع بخصوص سورية؟
رابعاً: ما هي الظروف التي صدر فيها القرار؟
خامساً: هل ينبغي أن نكون مسرورين من القرار؟
* * *


أولاً: نص القرار الرسمي كما نشر في المعرفات الرسمية للأمم المتحدة

 

القرار 2799 (2025)

الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته 10036، المعقودة في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025
إن مجلس الأمن الدولي،
إذ يشير إلى قراراته السابقة المتعلقة بالجمهورية العربية السورية وإلى تلك المتعلقة بنظام الجزاءات المفروضة على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وتنظيم القاعدة، بما في ذلك القرارات 1267 (1999) و1989 (2011) و2178 (2014) و2253 (2015) و2368 (2017) و2396 (2017) و2462 (2019) و2664 (2022) و2734 (2024) و2761 (2024)، وكذلك إلى المبادئ والأهداف الرئيسية الواردة في قراره 2254 (2015)،
وإذ يؤكد من جديد التزامه القوي بالاحترام الكامل لسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها وسلامتها الإقليمية ووحدتها الوطنية، وكذلك الدعم المستمر لشعب الجمهورية العربية السورية،
وإذ يشير إلى عزمه على تعزيز إعادة الإعمار والاستقرار والتنمية الاقتصادية في الجمهورية العربية السورية على المدى الطويل، مع التشديد على أن هذه الجهود ينبغي أن تكون متسقة مع سلامة وفعالية نظام الجزاءات المفروضة على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وتنظيم القاعدة،
وإذ يرحب بالتزام الجمهورية العربية السورية بضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن وسريع ودون عوائق وبما يتفق مع القانون الدولي الإنساني؛ ومكافحة الإرهاب بما يشمل المقاتلين الإرهابيين الأجانب وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وتنظيم القاعدة وما يرتبط بهما من جماعات وأفراد ومؤسسات وكيانات؛
وإذ يشير كذلك إلى توقع أن تتخذ الجمهورية العربية السورية تدابير حازمة للتصدي للتهديد الذي يشكله المقاتلون الإرهابيون الأجانب؛ وحماية حقوق الإنسان لجميع السوريين وسلامتهم وأمنهم بغض النظر عن العرق أو الدين؛ ومكافحة المخدرات، والنهوض بالعدالة الانتقالية؛ وكفالة عدم الانتشار والقضاء على أي بقايا للأسلحة الكيمائية؛ وضمان الأمن والاستقرار الإقليميين؛ فضلاً عن إقامة عملية سياسية شاملة يقودها السوريون ويمتلكون زمامها،
وإذ يعرب عن التوقع بأن تفي الجمهورية العربية السورية بهذه الالتزامات وسائر الالتزامات المتعهد بها للشعب السوري بأسره،
وإذ يؤكد من جديد ضرورة أن تقوم جميع الدول الأعضاء، بما في ذلك سوريا، بمنع وقوع الأعمال الإرهابية التي يرتكبها على وجه التحديد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وسائر الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات المرتبطة بتنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) والمقاتلون الإرهابيون الأجانب وغير ذلك من الجماعات الإرهابية، على نحو ما حدده مجلس الأمن، بمن فيهم الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات المدرجة أسماؤهم في نظام الجزاءات المفروضة على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وتنظيم القاعدة،
وإذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة،
يقرر شطب اسمي أحمد الشرع، المدرج على قائمة الجزاءات المفروضة على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وتنظيم القاعدة باسم أحمد حسين الشرع (QDi.317)، وأنس حسن خطاب (QDi.336) من قائمة الجزاءات المفروضة على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش وتنظيم القاعدة؛
يقرر أن يبقي المسألة قيد نظره الفعلي.


ثانياً: ما هي مواد الفصل السابع ضمن ميثاق الأمم المتحدة؟


يتضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة 13 مادة، ويحمل عنواناً عاماً هو (الفصل السابع: فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان).
والمواد التي يتضمنها هي كالتالي:
المادة 39

يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان، ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقاً لأحكام المادتين 41 و42 لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه.

المادة 40

منعاً لتفاقم الموقف، لمجلس الأمن، قبل أن يقدم توصياته أو يتخذ التدابير المنصوص عليها في المادة 39، أن يدعو المتنازعين للأخذ بما يراه ضرورياً أو مستحسناً من تدابير مؤقتة، ولا تخل هذه التدابير المؤقتة بحقوق المتنازعين ومطالبهم أو بمركزهم، وعلى مجلس الأمن أن يحسب لعدم أخذ المتنازعين بهذه التدابير المؤقتة حسابه.

المادة 41

لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء «الأمم المتحدة» تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفاً جزئياً أو كلياً وقطع العلاقات الدبلوماسية.
--23_result
المادة 42

إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه. ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء «الأمم المتحدة».
المادة 43
يتعهد جميع أعضاء «الأمم المتحدة» في سبيل المساهمة في حفظ السلم والأمن الدولي، أن يضعوا تحت تصرف مجلس الأمن بناء على طلبه وطبقاً لاتفاق أو اتفاقات خاصة ما يلزم من القوات المسلحة والمساعدات والتسهيلات الضرورية لحفظ السلم والأمن الدولي ومن ذلك حق المرور.
يجب أن يحدد ذلك الاتفاق أو تلك الاتفاقات عدد هذه القوات وأنواعها ومدى استعدادها وأماكنها عموماً ونوع التسهيلات والمساعدات التي تقدم.
تجرى المفاوضة في الاتفاق أو الاتفاقات المذكورة بأسرع ما يمكن بناءً على طلب مجلس الأمن، وتبرم بين مجلس الأمن وبين أعضاء «الأمم المتحدة» أو بينه وبين مجموعات من أعضاء «الأمم المتحدة»، وتصدق عليها الدول الموقعة وفق مقتضيات أوضاعها الدستورية.

المادة 44
إذا قرر مجلس الأمن استخدام القوة، فإنه قبل أن يطلب من عضو غير ممثل فيه تقديم القوات المسلحة وفاءً بالالتزامات المنصوص عليها في المادة 43، ينبغي له أن يدعو هذا العضو إلى أن يشترك إذا شاء في القرارات التي يصدرها فيما يختص باستخدام وحدات من قوات هذا العضو المسلحة.

المادة 45

رغبة في تمكين الأمم المتحدة من اتخاذ التدابير الحربية العاجلة يكون لدى الأعضاء وحدات جوية أهلية يمكن استخدامها فوراً لأعمال القمع الدولية المشتركة. ويحدد مجلس الأمن قوى هذه الوحدات ومدى استعدادها والخطط لأعمالها المشتركة، وذلك بمساعدة لجنة أركان الحرب وفي الحدود الواردة في الاتفاق أو الاتفاقات الخاصة المشار إليها في المادة 43.

المادة 46

الخطط اللازمة لاستخدام القوة المسلحة يضعها مجلس الأمن بمساعدة لجنة أركان الحرب.

المادة 47

تشكل لجنة من أركان الحرب تكون مهمتها أن تسدي المشورة والمعونة إلى مجلس الأمن وتعاونه في جميع المسائل المتصلة بما يلزمه من حاجات حربية لحفظ السلم والأمن الدولي ولاستخدام القوات الموضوعة تحت تصرفه وقيادتها ولتنظيم التسليح ونزع السلاح بالقدر المستطاع.
تشكل لجنة أركان الحرب من رؤساء أركان حرب الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن أو من يقوم مقامهم، وعلى اللجنة أن تدعو أي عضو في «الأمم المتحدة» من الأعضاء غير الممثلين فيها بصفة دائمة للإشراف في عملها إذا اقتضى حسن قيام اللجنة بمسؤولياتها أن يساهم هذا العضو في عملها.
لجنة أركان الحرب مسؤولة تحت إشراف مجلس الأمن عن التوجيه الاستراتيجي لأية قوات مسلحة موضوعة تحت تصرف المجلس. أما المسائل المرتبطة بقيادة هذه القوات فستبحث فيما بعد.
للجنة أركان الحرب أن تنشئ لجاناً فرعية إقليمية إذا خوّلها ذلك مجلس الأمن وبعد التشاور مع الوكالات الإقليمية صاحبة الشأن.

المادة 48

الأعمال اللازمة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن لحفظ السلم والأمن الدولي يقوم بها جميع أعضاء «الأمم المتحدة» أو بعض هؤلاء الأعضاء وذلك حسبما يقرره المجلس.
يقوم أعضاء «الأمم المتحدة» بتنفيذ القرارات المتقدمة مباشرة وبطريق العمل في الوكالات الدولية المتخصصة التي يكونون أعضاء فيها.

المادة 49

يتضافر أعضاء «الأمم المتحدة» على تقديم المعونة المتبادلة لتنفيذ التدابير التي قررها مجلس الأمن.

المادة 50

إذا اتخذ مجلس الأمن ضد أية دولة تدابير منع أو قمع فإن لكل دولة أخرى - سواء أكانت من أعضاء «الأمم المتحدة» أم لم تكن - تواجه مشاكل اقتصادية خاصة تنشأ عن تنفيذ هذه التدابير، الحق في أن تتذاكر مع مجلس الأمن بصدد حل هذه المشاكل.

المادة 51

ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء «الأمم المتحدة» وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فوراً، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس - بمقتضى سلطته ومسؤولياته المستمرة من أحكام هذا الميثاق - من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه.


ثالثاً: هل هو أول قرار يصدر تحت الفصل السابع بخصوص سورية؟


القرار 2799 لعام 2025، ليس أول قرار لمجلس الأمن بخصوص سورية يتضمن ذكراً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والذي يفتح الباب أمام تدخل عسكري دولي في البلاد؛ فقد ورد ذكر هذا الفصل في كل من القرارات الثلاثة التالية: 2118 (2013)، 2209 (2015)، 2235 (2015).

القرارات المشار إليها، كلها كانت تتعلق بالأسلحة الكيميائية والمطالبة بتفكيكها وإنهائها. رغم ذلك، فإن الإشارة إلى الفصل السابع ضمنها، تختلف بشكل كبير عما جاء في القرار الأخير رقم 2799 (2025)؛ ففي القرارات الثلاثة هذه، لم يقرر مجلس الأمن العمل بموجب الفصل السابع، ولكن استخدم تنويعات من الصياغة التالية: «يقرر في حالة عدم الامتثال لهذا القرار ... أن يفرض تدابير بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة». بما يعني أن هذه القرارات الثلاثة كانت تلوّح باستخدام الفصل السابع في حالة عدم الامتثال، أي أنها لا تضع الفصل السابع موضع التنفيذ، وإنما تلوّح بوضعه.

بالمقابل، فإن القرار 2799 (2025)، وكما يوضح نصه الذي وضعناه أعلاه، يحمل صياغة واضحة هي: «وإذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة...»؛ أي أن القرار الجديد لا يلوح أو يهدد بالفصل السابع، بل يضعه موضع التنفيذ.
بهذا المعنى، يمكن القول: إن القرار 2799 لعام 2025 هو أول قرار لمجلس الأمن الدولي بخصوص سورية تحت الفصل السابع.


رابعاً: ما هي الظروف


التي صدر فيها القرار؟
صدر القرار بعد حوالي 11 شهراً من سقوط سلطة بشار الأسد واستلام سلطة جديدة للبلاد، بقيادة هيئة تحرير الشام التي يصنفها مجلس الأمن الدولي كمنظمة إرهابية، والتي أعلنت عن حل نفسها مطلع العام.
خلال هذه الأشهر الأحد عشر، تم ارتكاب مجازر بخلفيات طائفية في كل من الساحل السوري في الغرب، ومحافظة السويداء في الجنوب، إضافة إلى عدد كبير من حالات الخطف والقتل، وقدر غير قليل من الفوضى الأمنية في مختلف مناطق البلاد.

--3_result
بالتوازي، فإن العمليات ذات الطابع السياسي التي قامت بها السلطة الجديدة، من الحوار الوطني إلى الإعلان الدستوري إلى تشكيل مجلس الشعب، اشتركت في كونها شكلية إلى حد بعيد، وبعيدة عن المشاركة الحقيقية للسوريين، كقوى سياسية واجتماعية، وكمكونات بالمعنى القومي والديني والطائفي. وكان البارز في المسألة هو محاولات الاستئثار بالسلطة والثروة، مع بعض المحاولات التجميلية الخجولة.

ورغم أهمية الاتفاق الموقع بين السلطة الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية المسيطرة على الشمال الشرقي السوري في 10 آذار من هذا العام، إلا أنه وبعد مضي 8 أشهر على التوقيع، فإن الاتفاق ما يزال إلى حد بعيد حبراً على ورق، والفضيلة الوحيدة للاتفاق حتى الآن هي التهدئة الناجمة عنه، وتقييده للتوترات ومنعها من انفجار يسفك مزيداً من الدماء السورية.

على الصعيد العسكري والأمني، وإلى جانب الاعتداءات والتوغلات «الإسرائيلية» التي وصلت إلى مسافات غير بعيدة عن العاصمة دمشق، والتدخلات السياسية عبر الدفع نحو تقسيم البلاد، ونحو اقتتال داخلي على أسس طائفية وقومية ودينية، فإن عمليات الاندماج وتشكيل جيش وطني موحد، لم تتقدم بشكل فعلي؛ فتشكيل جيش وطني موحد لا يمكن أن يتم عبر لصق مجموعة من الفصائل ببعضها البعض، ناهيك عن أن عملية اللصق هذه لم تجر حتى اللحظة بشكل فعلي وجوهري، وإن كانت قد جرت شكلياً؛ فما تزال السيطرة في مناطق سورية مختلفة هي سيطرة لفصائل بعينها، تدير مناطقها بقدر من الاستقلالية عن مركز موحد للبلاد، ويظهر الأمر فيما يسمى «حالات فردية» من جهة، ويظهر أكثر في طريقة إدارة الاقتصادات المحلية في مناطق السيطرة المختلفة.
على الصعيد الاقتصادي والمعاشي، تم فصل مئات الألوف من الموظفين، ولم يعد منهم إلى عمله إلا عدد قليل نسبياً، وتم رفع الدعم بشكل نهائي تقريباً عن الخبز والمواصلات ومؤخراً الكهرباء إضافة إلى الرفع الكبير لأسعار الاتصالات، وإلى فتح الحدود أمام بضائع أجنبية متعددة دون ضوابط، ما ضاعف المنافسة للمنتج المحلي، وأدى لإغلاق عدد كبير من الورشات والمعامل، وأسهم برفع نسبة البطالة المرتفعة أساساً... ما أدى بمجموعه إلى تفاقم الأوضاع المعيشية المأساوية لأكثر من 90% من السوريين.
كما أثبت الكلام الإعلامي عن الاستثمارات المليارية القادمة إلى سورية، وعن رفع العقوبات الأمريكية على سورية، أنه ما يزال كلاماً فحسب، ولم يتحول إلى شيء ملموس، وليس من المتوقع أن يتحول إلى واقع ملموس في أي وقت قريب، ما دامت الأوضاع الأمنية والسياسية غير مستقرة من جهة، وما دامت الولايات المتحدة تستخدم العقوبات كأداة ابتزاز ليس للسلطة فحسب، بل وللشعب السوري والدولة السورية ككل.

هذه الظروف الملموسة بمجملها، مع التأكيد على استمرار التهديد والتدخل الخارجي التخريبي وخاصة «الإسرائيلي»، تضع البلاد على حافة انفجار جديد، وتهدد بفوضى جديدة شاملة، ليس في سورية فحسب، ولكن في مجمل الإقليم.
ضمن هذا السياق، فإن اتخاذ قرار تحت الفصل السابع، يحمل إشارة واضحة إلى مدى خطورة الأوضاع الحالية في سورية، ويعيدنا إلى نقطة الانطلاق الوحيدة الصحيحة للخروج من المأزق الوجودي، أي إلى الحل السياسي الشامل على أساس جوهر القرار 2254؛ أي إلى المشاركة السياسية الحقيقية للشعب السوري بأكمله، بغض النظر عن الدين أو القومية أو الطائفة، في رسم مستقبل بلاده، وفي حل مشكلاته المتراكمة على مختلف الصعد.


خامساً: هل ينبغي


أن نكون مسرورين من القرار؟
يحتفل بعض مؤيدي السلطة الجديدة بالقرار بوصفه اعترافاً دولياً بالسلطة الجديدة عبر رفع اسم شخصيتين أساسيتين ضمنها من قوائم الإرهاب الدولي، ويصور الموضوع نجاحاً للدبلوماسية السورية الجديدة.
ويحتفل آخرون بالقرار انطلاقاً من كونه تحت الفصل السابع، بما يعني أنه يرفع سيفاً فوق رأس السلطة الجديدة التي يرون أنفسهم معارضين لها.

الحقيقة أن كلا الموقفين قصير النظر وضيق الأفق بالمعنى السياسي، وأهم من ذلك أنهما موقفان غير مسؤولان بالمعنى الوطني السوري!
وضع البلاد تحت الفصل السابع يعني الأمور التالية:
أولاً: أن البلاد في وضع خطير جداً وقابل للانفجار بأشكال مختلفة، وأن دماء سورية جديدة يمكن أن تسفك، وأن خراباً إضافياً يمكن أن يحدث، ما لم نتصرف بأعلى درجات الجدية والمسؤولية الوطنية، وبأسرع وقت.

ثانياً: وضع البلاد تحت الفصل السابع، يعني أن الأزمة ما تزال قائمة، وأنها تعمقت وزادت خطورة؛ الأزمة السياسية والاقتصادية- الاجتماعية والوطنية.

ثالثاً: وضع البلاد تحت الفصل السابع، يعني رفع درجة التدويل إلى الحدود القصوى. وترجمة ذلك هي: تخفيض دور السوريين في رسم مستقبل بلادهم إلى الدرجة القصوى، والسوريون هنا هم السلطة والناس وجهاز الدولة ومعارضو السلطة ومؤيدوها والأقليات والأكثريات والموجودون داخل البلاد، في بيوتهم أو نازحين أو في الخيام، واللاجئون... أي بكلمة واحدة، هو تخفيض لدور السوريين، كل السوريين على الإطلاق، في تقرير مصيرهم ومصير بلادهم.

أخيراً، ورغم ما تحمله الأوضاع من مخاطر كبرى، إلا أنها تحمل أيضاً فرصاً كبرى تبدأ بالاعتراف بالواقع كما هو، أي بأنه واقع سيئ وقابل للتفجر والانحدار أكثر، والكف عن «رش السكر على الموت» من أي طرف كان، والتوقف عن التوهم بأن دولة من الدول ستعمل لصالح قسم ما من السوريين، أو لصالح السلطة أو لصالح من يعارضها... الدول ستعمل لمصالحها، والواضح ضمن الصراع الدولي القائم، أن الولايات المتحدة خاصة، ومعها «إسرائيل»، لا تريدان خيراً بسورية على الإطلاق، وتدفعان باتجاه تفجيرها من الداخل بكل وسيلة ممكنة.

المخرج الوحيد هو أن نتجه فوراً إلى الحل الحقيقي، أي إلى المشاركة الشاملة للسوريين عبر تطبيق جوهر القرار 2254، بتشكيل جسم حكم انتقالي وبمؤتمر وطني عام صاحب صلاحيات كاملة، يجتمع من خلاله السوريون ويقررون مصيرهم بأنفسهم، بما في ذلك شكل دولتهم ودستورها واقتصادها...
بكلام آخر، فإن القرار 2799 ليس هدية للسلطة ولا هدية لمن يعارضها، بل هو ناقوس خطر كبير ومدوٌ علينا جميعاً أن نسمعه وأن نعمل على أساسه وبشكل فوري...

معلومات إضافية

العدد رقم:
1252